برج شنغهاي الملتوي بطريقة ملتفّة من الطابق الأول حتى الأخير يعتبر أطول برج في منطقة شرق آسيا. يعكس هذا البرج الشهير قوّة الإقتصاد في الصين، كما أن لديه واجهة مصنوعة من 21 ألف لوحٍ فرديٍ، وقد صُمم بطريقة منحنية ومعقّدة، فبصرف النظر عن الميزة الجمالية؛ فله ميزات عديدة، فهو يقلل من الضغوط التي تسببها الرياح في الأماكن خارج المبنى، وهذه سمة مهمة لأي ناطحة سحاب خصوصا في شنغهاي.

يقع برج شنغهاي على الساحل الشرقي للصين في الأراضي المنخفضة في دلتا نهر "اليانغتسى" في المدينة التي تخضع للأعاصير والرياح التي يمكن أن تتجاوز الـ70 ميلا في الساعة. ونظراًإلى تنامي كوارث العواصف والرياح وتغيّر المناخ -بحسب رئيس إدارة الأرصاد الجوية الصينية لتغير المناخ- فمن المنطقي أن تبلغ قيمة بناء هذا البرج 2 مليار دولار، وأن يتم تصميمه  بهذا الشكل لتفادي مثل هذه المخاطر. المثير للدهشة أنه مع كل تلك المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها المباني، ومع الحاجة إلى التكيف مع تغير المناخ على المدى الطويل، فنادراً ما يكون عامل المناخ مؤثّراً في تصميم المباني في هذه الأيام.

من جانبه يقول المدير الأول في الشركة المعمارية "غينسلر" التي صممت البرج بن ترانيل أن تصميم المباني في العصر الحالي يمكّن من تقييم الطاقة المستخدمة في البناء والأنماط التاريخية. ويضيف أنه من الصعب القول كيف من شأن المباني أن تتغير في غضون 50 عاماً، موضحاً كما لو أن المباني في بيتسبرغ اليوم سوف تصبح في ولاية أركنسو بعد 50 عاماً.

في العام 1992 إنتفض العالم لإنقاذ كوكب الأرض والمناخ من الدمار المتسارع حيث عقد إتفاقية لإنقاذ المناخ في الأمم المتحدة ومن وقتها بدأ  العالم يشهد كوارث طبيعية من أعاصير وفيضانات وعطشٍ وجفافٍ لم يكن مألوفاً من قبل كماً ونوعية. ويعتبر العامان 1995 و 2006 من أكثر الأعوام سخونة منذ ما بدأ الإنسان تسجيل درجات الحرارة عام 1850، فالذي يحدث أن القطبين الشمالي والجنوبي يشهدان سنوياً ذوباناً للجليد بما يعادل مساحة فرنسا، هذا الجليد المسؤول عن ضبط درجة حرارة الأرض. الجدير ذكره أن تغيّر المناخ يؤثر في العالم حالياً على القطاعات كافة،أهمها القطاع الإقتصادي بما فيه شركات ومصانع كبيرة وضخمة. وقد سُجّلت حالات عديدة لشركات كان مصيرها الزوال بسبب الأعاصير أو الفيضانات وغيرها من الكوارث الطبيعية.

وجود معظم الصناعات والمباني الصناعية في بقعة مماثلة يُلفت النظر إلى أن تغير المناخ من المرجح أن يؤثر سلباً على مستقبل ​الشركات​ خاصة إذا كانت لا تخطط لذلك. على ضوء ذلك تم كتابة تقارير عديدة وطويلة حول المخاطر التي يفرضها تغير المناخ على الإقتصاد والأعمال. رغم الدعوات الموجّهة من دعاة حماية ​البيئة​ الرائدة في مجال الأعمال لقيادة المرحلة القادمة من التكيف مع وضع المناخ المتقلّب، فإن الغالبية العظمى من الشركات لا تعطي أهمية للتفكير بهذه المسألة.

يسعى هذا التقرير لوضع استثناءات لهذه القاعدة، حيث إن هناك بعض الشركات والمصانع التي من الضرورة أن تضع بداية للتخطيط للمستقبل تكون بمثابة بصيرة هذه الشركات والمصانع التي تتجاوز بها الوضع الراهن. كما أن هذا التقرير يتمحور حول كيفية الإستجابة أو التحضير لتغير المناخ والدروس التي يمكن للآخرين الإستفادة منها.

يعتبر قطاع الصناعة أبعد من القطاعات الأخرى التي تتأثر بالفعل مع تغير المناخ على أساس يومي كقطاع الزراعة، حيث تتبدل درجة الحرارة وتتغير، ويتفاوت هطول الأمطار،كما أن موقع الأرض يساعد في تحقيق الأرباح المرجوة من المحاصيل الزراعية. في هذا الصدد يحاول خبراء المناخ وخبراء التأمين التنبؤ بتكلفة الأضرار الناجمة عن العواصف، وخاصة على طول السواحل المرتفعة قليلاً عن منسوب مياه البحر.

بدأت سلسلة الإمدادات تتعطّل في بعض الشركات بسبب تغير أنماط الطقس.هذا وعانت شركة الاثاث والمفروشات العملاقة "إيكيا" انقطاع الإمدادات بسبب الفيضانات والعواصف الضخمة المرتبطة بتغير المناخ في جنوب آسيا،ما اثّر على عائدات الشركة. بناءً على ما تقدّم فقد وضعت الشركة أهدافاً بيئية طموحة مثلاً، وذلك بحلول عام 2020 تأمل "ايكيا" في إنتاج الطاقة بنسبة تساوي المستهلك منهابالاضافة إلى استخدام الموارد المتجددة مثل مزارع الرياح، ومنشآت الطاقة الشمسية على السطح في مخازنها.

هناك العديد من الشركات والمصانع تسهم في تغير المناخ مثل شركات تصنيع السيارات العالمية،التي يبذل القيمون عليها جهوداً ضخمةً للحد من تغير المناخ. فالسيارات هي من بين أكبر بواعث الغازات المسببة للإحتباس الحراري. على ضوء ذلك تسعى "فورد" للحد من تأثيراتها على البيئة والتكيف مع نقص المياه في مصانعها، والتي أُقيم الكثير منها في الأماكن الجافة مثل هيرموسيلو، المكسيك، النغار والهند. بين عامي 2000 و 2010 خفضت الشركة كمية المياه المستخدمة في تصنيع السيارة الواحدة بمقدار الثلث، ما وفّر الكثير من المال على الشركة، حيث لم يكن قراراً صعباً لها.

ولكن دائماً هناك حدوداً للمدى ستذهب إليه أي شركة في ما يتعلق بالحد من تغيّر المناخ، من جهته يقول أستاذ معهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا" يوسي شيفي "أين هي الشركات المستعدّة لخسارة المال، أو سوق الأسهم، أو تراجع في صورتها الذهنية، حتى ولو على المدى القصير في سبيل تغير المناخ؟. لم ألق حتى الآن أياً منها".