ربيع دمج

طغى على جلسة الإستماع لإفادة الشيخ أحمد الأسير في المحكمة العسكرية اليوم  الكثير من الضجيج والمشادات الكلامية التي لم تخل من الإنفعلات إلى جانب  المناورات بين وكلاء الموقوفين من جهة و بين وكيلي الأسير ورئيس المحكمة العسكرية العميد خليل إبراهيم من جهة أخرى ، لتخرج هذه الجلسة بنتيجة صفر و تأجيلها حتى تاريخ 6 أيلول المقبل. فيما وقف وكلاء المتهمين  بملف أحداث عبرا  الأخرون (وهم  30 شخصاً)  أمام العميد إبراهيم طالبين منه فصل ملف الأسير عن ملف المتهمين الآخرين لا سيّما ان كل من المحامية عليا شلحة وزينة المصري إعتبرتا أن وكلي الأسير يحاولان التحايل وتضييع الوقت لتأجيل الجلسات لصالح الأسير فيما موكليهم يقبعون في سجن روميه بينهم أفراد لا توجد تهماً واضحة ضدهم،  والآخرون ينتظرون تحقيق العدل والإنتهاء من محاكمتهم ولو كانوا مذنبين لكنهم يريدون الإنتهاء من هذا الملف.

في جلسة اليوم، كان من المفترض ان تبدأ المحكمة السماع إلى إفادات الأسير وجماعته عند الساعة 11 صباحا، إلا أن الجلسة لم تبدأ فعلياً قبل الـ 12.15 ، ووسط إجراءات أمنية مشددة وبحضور زوجة الأسير المنقّبة ووالدته اللتين دخلتا من الباب الخلفي للمحكمة إنطلقت الجلسة، فتم إحضار الأسير الذي يبدو أنه فقد بعض الوزن لكنه لم تظهر عليه علامات المرض الخطير أو الإعياء الكبير كما كان يروّج في الإعلام.

قبل بدء الجلسة حاول وكيل الأسير أنطوان نعمة رمي قنبلة تهدف إثارة الإعلام إلا ان العميد إبراهيم إكتشف هدفه، فعاد بدورة رامياً القنبلة عليه متهماً إياه بأنه ( أي نعمة) يحاول لفت أنظار الإعلام فقط، لا سيما أن نعمة قال في بداية الجلسة أن رئيس القلم في العسكرية لم يسمح له الإطلاع على ملف الأسير كاملاً فتوجه إبراهيم إليه بالقول "هذا الكلام غير صحيح".

ومن هنا إنتهت  المشاجرات الكلامية، وكان رأس المشكلة هو طلب الأسير بنقله من سجن الريحانية إلى سجن آخر إلا ان العميد والمدّعي العام القاضي هاني حجار إعتبرا ان هذا القرار يعود لرأي المحكمة فقط وليس إلى الأسير أو غيره.

السجال الكبير والمناورات الكلامية الحادة إستمرت بين انطوان نعمة من جهة وبين إبراهيم والحجار من جهة أخرى إمتدت لدقائق طويلة جداً، وفحوى السجال أن نعمة يحاول قدر المستطاع إخراج الأسير من سجنه في الريحانية أولاً ثم النقطة الثانية هي محاولة التأجيل  في جلسات المحاكمة قدر المستطاع، وهنا لا بد من لفت الإنتباه بأن إسم الأسير مطروح بقوة على لائحة الأسماء التي قد يتم المناورة عليها بين الأجهزة الأمنية اللبنانية من جهة وبين  الجماعات الإرهابية الخاطفة لعدد من العسكريين من جهة أخرى.

عند وصول الكلام إلى الأسير، حاول الأخير إتخاذ وضعه الصحّي ذريعة للتهرب من الجلسة بقوله " كيف تريدني يا سيادة القاضي أن أكون جاهزاً للمحاكمة وانا غير جاهز لا نفسياً ولا صحياً"، مضيفاً بهدوء شديد وصوت فيه شيء من الحزن " ما تواخذني يا ريّس أنا عم إتحكم على حسابي"، ثم قام برفع قميصه ليبرهن  للمحكمة كيف أصبح واهناً وكيف أن التشققات تأكل جلده بسبب مرض السكّري".

وبين اللحظة واللحظة كان وكيل الأسير أنطوان نعمة يحاول رفع سقف اللهجة في التخاطب مع المحكمة العسكرية مشككا بطريقة غير مباشرة  بنزاهة المحكمة في ملف الأسير، ما دفع العميد إبراهيم ( والذي لا ينفعل بحدّة عادة) إلى فقدان أعصابه بسبب الكلام الإستفزازي فصرخ بوجه نعمة قائلاً "نحن هنا رب العدالة وأنت تطالبنا بتطبيق العدالة؟؟؟ نحن الذين نطبقها ضمن القانون ولا نفتري على أحد".

وبعد جلسات الأخذ والردّ التي كانت منذ بداية الجلسة مفهومة انها الطريقة الأمثل لتاجيلها لصالح الأسير، تم إرجاء الدعوة حتى 6 أيلول القادم، فيما عبّرت كل من المحامية عليا شلحا وزينة المصري عن إستيائهما جرّاء المماطلة المقصودة من وكلاء الأسير ( أنطوان نعمة ومحمد صبلوح وغيرهما) وأنهم بذلك يظلمون باقي الموقوفين بسبب الأسير ومماطلته في جلساته، مشيرتان إلى أن هناك بعض الموقوفين مضى سنة ونصف على توقيفهم وهم أبرياء من هذا الملف، وعند الطلب من العميد إبراهيم فصل جميع الملفات عن سياق ملف الأسير، قام الأخير النظر إلى شلحا بطريقة تحمل بصمات اللؤم مبدياً إمتعاضه من طلبها هذا، خاصة ان الأسير بات معروفاً كما غيره من المتهمين الإرهابيين الكبار بانهم يحاولون تعويم المتورطين في ملفاتهم ويراهنون عليهم من خلال فكرة "لن تحل قضيتكم حتى تحل قضيتنا" الأمر الذي يسبب لوكلاء الطرفين الدخول في "شِباك" ومناورات.

فمن جهة يراهن وكلاء الأسير أو غيره من كبار المتهمين في ملفات أمنية خطيرة اللعب على موضوع المماطلة حتى تتحقق رغباتهم في السجن ومن ثم التخطيط لكيفية تمديد الجلسات حتى تطبيق ملف التبادل هذا إذا طبق من الأصل.