في السنوات الأخيرة بدت "​تيوبروير​" وكأنها تجسد الحلم الأمريكي. فمنذ سبعة عقود عثر إيرل سيلاس تيوبر على فكرة استخدام سدود مطاطية للصناديق البلاستيكية. ومن تلك البدايات المتواضعة، ظهر أحد عمالقة البيع المباشر، الذي يبيع منتجات مصنوعة من البلاستيك للملايين من ربات البيوت. لكن في هذه الأيام أتت الصناديق محكمة الغلق مع إضافة لمسة. ومنذ أربعة عقود، كانت 90 في المائة من مبيعات الشركة في الولايات المتحدة. والآن، على الرغم من ذلك، يتم بيع 90 في المائة خارج الولايات المتحدة. نعم، لقد قرأت هذا على نحو صحيح: قد تبدو تيوبروير أمريكية تماما كفطيرة التفاح، وحتى مقارها توجد في أورلاندو، بالقرب من "عالم ديزني".

لكن المستهلكين الأمريكيين ليسوا هم من يدفع إلى نجاح المجموعة، بل هم أولئك الموجودون في ​إندونيسيا​، أو كوريا، أو ألمانيا ـ والشركة مبنية وفقا لذلك. فقد حولت كثيرا من إنتاجها إلى الخارج، ومن بين عامليها البالغ عددهم 13600 يوجد ألف واحد فقط في الولايات المتحدة. ويلاحظ ريك جوينجس، الرئيس التنفيذي لـ "تيوبروير"، أن "رقم اثنين لدينا إنجليزي، ورئيس التصنيع وتحديد المصادر لدينا بلجيكي، ورئيس قسم الموارد البشرية ألماني، ورئيس الضرائب تشيكي، وواحد من رؤساء مجموعتنا سويدي، وآخر كولومبي. قد تكون قاعدتنا في أمريكا، لكن لا يوجد جزء واحد من الحمض النووي الخاص بنا في الحاضر يمكن أن يكون مثالا لشركة أمريكية خالصة".

وينبغي لواشنطن أن تحاط علما، فبينما يستعد الأمريكيون لانتخابات عام 2012، يتناثر خطاب ليس له نهاية حول ما تحتاج إليه الشركات "الأمريكية" حقا من واشنطن. وكان السياسيون يتجادلون بقلق، مثلا، بشأن ما يمكن أن يحفز الشركات لخلق فرص عمل أمريكية أو استثمار الاحتياطي النقدي لديها، الذي يقدر بألفي مليار جنيه استرليني. وسأل الخبراء كيف ستستجيب الشركات "الأمريكية" للجمود المالي. وعندما أشار باراك أوباما أخيرا إلى أن الشركات الأمريكية يجب أن تكون ممتنة للبنية التحتية الاجتماعية في أمريكا، كان رد فعلها طنينا في عالم المدونات. لكن هذا النقاش مكسو بتناقضات. وكما تظهر "تيوبروير"، لم يعد كثير من الشركات "الأمريكية" الناجحة أمريكيا على وجه الخصوص. ووفقا لدراسة أجراها مصرف جيه. بي. مورجان، لا تُلقي بالا للهجرة الجماعية المعروفة لوظائف التصنيع أو لحقيقة أن الشركات الكبيرة تحتفظ الآن بـ 60 في المائة تقريبا من أموالها خارج الولايات المتحدة، فالأمر الذي لا يجد حظا مناسبا من التقدير هو أن ديناموهات الشركات أصبحت على نحو مستمر أقل تقيدا بسوقها "المحلية" فيما يتعلق بالطلب، أيضا.

فقط انظر إلى البيانات. وفقا للأرقام التي جمعتها شركة فاكتسيت، تحصل شركات تكنولوجيا المعلومات في قائمة المدرجة ضمن شركات مؤشر ستاندر آند بورز الـ 500 على 45 في المائة من إيراداتها من خارج أمريكا، مرتفعة من 42 في المائة منذ عقد مضى. وفي المواد، والسلع الاستهلاكية، وقطاعات التصنيع، فإن النسب التي ارتفعت أيضا بما يعادل 10 في المائة تشير في هذه الفترة إلى 45 في المائة، و35 في المائة، و34 في المائة، على التوالي. وبالنسبة لبعض الشركات، تكون النسبة أعلى إلى حد بعيد: فقط انظر لشركة "تيكساس إنسترومنتس" (98 في المائة)، و"بريستول مايرز" (82 في المائة)، و"إنتل" (79 في المائة). وكما يقول ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية "لقد مر مزيد ومزيد من الشركات الأمريكية بنقطة حاسمة، حيث يأتي أكثر من نصف أموالها المكتسبة من خارج أمريكا". وهذه أخبار جيدة بالنسبة للمساهمين. ففي النهاية، ساعد هذا على وقاية هذه الشركات الأمريكية العملاقة من التراجع الأمريكي.

لكن في الوقت الذي يمكن أن ترحب فيه واشنطن عموما بهذا النجاح الأكثر اتساعا للشركات، هناك جانب مظلم لهذا النمط. فمع ضعف ارتباط الشركات الأمريكية الكبيرة بالاقتصاد الأمريكي، يصبح انسجامها مع اللعبة السياسية المحلية أكثر تناقضا. وبالتأكيد، قليل من قادة الأعمال سيعترفون صراحة بذلك. وعلى النقيض، زادت غالبية الشركات في السنوات الأخيرة من هباتها السياسية ومن إنفاقها على جماعات الضغظ في الولايات المتحدة لضمان أن مصالحها محمية.

ودفع النقود الدفاعي سهل على الرغم من ذلك بالنسبة للمنتمين لجماعات الضغط؛ والتكاليف من حيث الوقت والمال تكون منخفضة نسبيا بالنسبة لشركة كبيرة. وما لا يفعله معظم المسؤولين التنفيذيين في الشركات على نحو ملحوظ في الحاضر هو الاشتراك على نحو نشط في تحفيز تغيير أوسع للسياسة. وتوجد بالفعل بعض الاستثناءات. فقد دعا ديفيد كوت، الذي يعمل في شركة هنيويل، المسؤولين التنفيذيين للضغط من أجل التوصل إلى صفقة مالية.

وكان جيف إميلت، من شركة جنرال إلكتريك، يقدم المشورة للبيت الأبيض بشأن قضايا تتعلق بالتنافسية والوظائف. لكن في مقابل كل مسؤول تنفيذي اشترك، يبقى أشخاص أكثر صامتون. وفيما يتعلق بهذا يلقي بعضهم اللوم على طبيعة وظيفتهم اليومية (ما يعني وجود خوف من ألا تخدم المشاركة السياسية المساهمين)، أو تحدي القيام بأعمال في واشنطن. لكن وراء هذا هناك تحليل أكبر للتكاليف والفوائد: على الرغم من أن المسؤولين التنفيذيين قد يتذمرون بشأن أوجه القصور في سياسة الولايات المتحدة، لا يكونون يائسين على نحو كاف للقيام بتصرف. فهم ببساطة لا يملكون غطاء خارجيا كافيا في هذه اللعبة لجعل ألم الاشتراك في السياسة جديرا بالاهتمام.