عندما كان يوسان بولت يركض في نهائيات سباق 100 متر رجال في نهائيات ​الألعاب الأولمبية​ في لندن، كانت هناك موجة صعود في الطلب على خدمات آي بلاير لمشاهدة قناة بي بي سي على الإنترنت بنسبة بلغت 30 في المائة، لأن من لم يكن قادرا على مشاهدة الحدث عبر شاشة تلفزيون، سعى لمتابعته عبر أجهزة الحاسب الشخصي أو أجهزة الهاتف النقال. وكثير من هذا الزحام على شبكة الإنترنت شهدته شركة تليسيتي التي تقوم مراكز البيانات فيها باستضافة خدمة آي بلاير.

أسهمت الألعاب الأولمبية في تسليط مزيد من الضوء على استخدام الهواتف النقالة والإنترنت التي أصبحت جزءا من الحياة اليومية للناس، بداية من العاملين خلف المكاتب الذين يشاهدون مقاطع الفيديو للأحداث الرياضية إلى المشاهدين الذين يقومون بتحميل صورهم بالملاعب إلى مواقع مثل "​فيسبوك​". وكل هذه المقاطع والصور لا بد أن تمر أو تُخَزن على خوادم مراكز البيانات في مكان ما.

وهنا قد تعترينا بعض الدهشة أن خلال هذا الشهر أعلنت "تليسيتي" عن زيادة بلغت 22 في المائة في عائداتها خلال النصف الأول من العام، بينما أعلنت شركة إنتركسيون المنافسة ومقرها في أمستردام عن زيادة في مبيعاتها بلغت 13 في المائة. وفي الشهر الماضي شهدت شركة إكوينيكس الأمريكية ارتفاعا في المبيعات قدره 18 في المائة خلال الربع الثاني، أما عائدات شركة تليهاوس المملوكة لمجموعة كي دي دي آي اليابانية فقد نمت بنسبة 13.9 في المائة خلال العام الماضي.

ومع تزايد الحماس لموقعي "فيسبوك" و"تويتر"، ترتفع أسعار أسهم مراكز البيانات نحو الأعلى. فقد تزايدت قيمة أسهم شركة إنتركسيون المقيدة في بورصة نيويورك بنسبة 60 في المائة، وبالنسبة لأسهم شركتي إكوينيكس وتليسيتي فقد تضاعفت قيمة أسهمهما إلى أربعة أمثال ما كانت عليه منذ عام 2009.

وأدى هذا الارتفاع الحاد إلى تساؤل المستثمرين عن مدة بقاء هذا الازدهار. فقد عانت مراكز البيانات من الانهيار والإفلاس المتكرر عندما تفجرت ظاهرة الشركات التجارية على الإنترنت في بدايات الألفية الثانية، والمستثمرون ذوو الذاكرة القوية يتساءلون ما إذا كان ذلك سيحدث مرة أخرى.

ويتساءل ميلان راديا، المحلل في مؤسسة جيفريز قائلا: "حتى الآن لا تزال مراكز البيانات تنعم بالهناءة، لكن هل سيدوم هذا الطلب؟".

وتنبأت شركة سيسكو بأن يتضاعف الازدحام على الإنترنت بحيث يبلغ خلال السنوات الأربع المقبلة أربعة أمثال ما هو عليه الآن، لذا فإن الطلب على البيانات لا يميل إلى الانخفاض في القريب العاجل. وعلى الرغم من ذلك هناك قدر كبير من العرض في سوق مراكز البيانات، ما يعني أن الشركات مثل تليسيتي وإكوينيسكس لن تعود قادرة على الحفاظ على مستويات الأسعار نفسها.

وجزء من هذا يتمثل في التطور التقني الذي يعني أن الكثير من البيانات يمكن معالجتها بقليل من الجهد. إن الانتشار الواسع لاستخدام الخوادم الجديدة منخفضة القوة تطور حاليا، وهو ما يقلل من أرباح شركات مراكز البيانات التي تطالب المستهلكين بقيمة الكيلوات من الكهرباء التي يستهلكونها سنويا، كذلك تعد المنافسة الجديدة تهديدا آخر.

ويقول تيم أنكر مؤسس شركة كولوكيشن إكستشانج التي يتعامل من خلالها وسطاء مراكز البيانات مع عملائهم: "إن فكرة عدم قدرتنا على بناء مراكز بيانات سريعة ليست صحيحة". ويضيف: "هناك الكثير ممن دخلوا إلى السوق، ومنذ خمسة أعوام كان هناك القليل من الشركات مثل تليسيتي وتليهاوس في دوكلاندز – بجنوب لندن - لكن الآن هناك الكثير من الشركات لتختار بينها".

وهناك شركات تساندها الأسهم العادية مثل شركة فيرتوس التي تدعمها مؤسسة فروجمور وبروكتون كابيتال، وشركة إنفينيتي التي تساندها مؤسسة روثشيلد قد دخلت السوق، فشركة إنفينيتي وهي مشروع مشترك بين أبولوج لوبال العقارية وجليب وجيرون التي اشترتها شركة إن تي تي كوم اليابانية، تخطط إلى إنشاء مراكز بيانات في لندن لتلبية الطلب المتنامي.

ويقول أنكر إن الأسعار في بعض هذه المنشآت، خاصة إذا ما كانت بعيدة عن قلب لندن، قد تكون نصف الأسعار في تليسيتي أو إنتركسيون. وتشير نتائج تليسيتي إلى أن التسعير قد يخضع للضغط وبعد أن تباطأ من نسبة 20 في المائة عام 2007 إلى نحو 3 ـ 5 في المائة هذا العام.

ويقول معظم المحللين إن كلا من تليسيتي وأنتركسيون وإكوينيكس ستستمر في الاحتفاظ بهذه الميزة، فنطاق أعمالها لا يقتصر على مراكز البيانات ذات السعة الكبيرة، وإنما يشمل أيضا اختيار موقع مركزي، حيث تتواصل شركات الاتصالات الهاتفية مع بعضها بعضا.

ولا تزال شركة تليهاوس، وهي أول مركز بيانات من نوعه في لندن، تستضيف ثلثي التبادل الإنترنتي في لندن، وهذا ما يجعلها ركيزة أساسية للإنترنت في أوروبا.

ويرتبط مركز البيانات في شركة تليسيتي بروابط مباشرة مع مئات من مشغلي خدمات الاتصال. وترغب شركات المحتوى في أن تكون في هذه المواقع للتأكد من حصولها على منفذ أسرع ومباشر للمشاهدين. وهذا هو السبب في أن شركات مثل أمازون أو فيسبوك، مما تمتلك مراكز البيانات الخاصة بها في المناطق الريفية، لا تزال في حاجة إلى منافذ بيانات من خلال تليسيتي وإكوينيكس عالية التواصلية.

وقال أندي بريانت، المحلل في سينكوس: "تريد أمازون أن تكون قريبة من أبل، وكذلك جميعهم يريدون أن يحظوا بمزيد من التركيز من خلال مراكز البيانات المركزية في لندن". وأضاف: "لا تزال مراكز البيانات المؤسسة هي الأولى من حيث الطلب".