ايام معدودة تفصلنا عن الخيار الشعبي لإنتخاب الفريق البلدي في بيروت. شهدنا في المرحلة الاخيرة مزايدات، وشعارات.. ولكن غاب عن ذكر البعض اهمّ شق في الإنتخابات البلدية، وهي المشاريع الإنمائية التي ستدعم الإقتصاد في العاصمة التي تُعد عصب الإقتصاد اللبناني.

لذا كان لا بد لـ"الإقتصاد" من تسليط الضوء على الشق الإنمائي والإقتصادي لأكبر حملتين انتخابيتين في بيروت. فكان لنا مقابلة خاصة مع المرشح لرئاسة بلدية بيروت عن حملة "بيروت مدينتي" ابراهيم منيمنة، ونظيره في "لائحة البيارتة" جمال عيتاني،  بالإضافة الى الإطلاع على آراء الخبراء الإقتصاديين في هذا المجال.

ابراهيم منيمنة: مصادر تمويل حملتنا واضحة جداّ وشفافة!

Displaying منيمنة.jpg

بدأت جولتنا من حملة "بيروت مدينتي" التي شكّل وجودها ظاهرة نوعية، وبما ان اعضاء هذه اللائحة يمثلون فعاليات المجتمع المدني غير التابعة  لاية جهة سياسية، كثرت الاشاعات والأقاويل عن مصادر تمويلها.

ورداً على هذا الموضوع اوضح  رئيس اللائحة ابراهيم منيمنة  لـ"الإقتصاد" ان مصادر تمويل الحملة الانتخابية واضحة جداً وشفافة، قائلا" نحن نعتمد على تبرعات الافراد، ولا نقبّل بأي تبرّع من اي جهة او مؤسسة، كما اننا نرفض اي "تمويل مشروط!"

واوضح يمكن لاي مواطن التبرع عبر الموقع الإلكتروني الخاص بنا، هذه التبرعات تشكّل 10% كحد اقصى من مجمل ميزانية الحملة. واضاف "سنعرض  شهريا التقرير المالي للحملة بهدف تعزيز الشفافية، وسيتم التدقيق المالي على المصاريف والمداخيل في آخر الحملة الانتخابية."

سنعيد إحياء الاسواق الشعبية، سندعم الشركات الناشئة والمناطق الفنية والثقافية

وعن توقعاته للمشاريع الانمائية التي تندرج ضمن برنامجهم الإنتخابي وعن امكانية مساهمتها بدعم الإقتصاد في العاصمة، اكّد منيمنة "دورنا كبلدية تأمين البنية التحتية للعمل الإقتصادي، بداية من إعادة إحياء فكرة الاسواق الشعبية التي تهم "البيارتة" بشكل حصري لمويلهم التاريخية والثقافية للتجارة، لذا في هذا الشق سنعمل على تقوية ودعم هذا النوع من الاسواق التي تكاد ان "تنقرض" من بيروت... علينا إعادة احيائها، تنظيمها وتوفير الحوافز اللازمة  للتجار."

واوضح منيمنة انه سيتم دعم الاسواق الشعبية الموجودة اصلا في مناطق كالنويري، صبرا، عفيف الطيبة، ومن الممكن ان تُأخد مناطق جديدة بعين الإعتبار.

ولم يغب عن ذكر منيمنة الشقّ التكنولوجي والشركات الناشئة في هذا القطاع، آسفاً "كان على البلدية أخذ مبادرة "Beirut Digital District" عوضا عن القطاع الخاص لانه دورها تأمين المكان والبنية التحتية المناسبة لمشروع كهذا يوفّر للشباب اليوم مراكز قد يستأجرونها للبدء بمشاريعهم ومساعدة اصدقائهم الخريجيين الجدد بهدف تنمية وتوسيع القطاع التكنولوجي اكثر."

اما المبادرة الثالثة التي تناولها منيمنة فكانت تشجيع المناطق الثقافية والفنية معتبرا انها كفيلة بإعادة الوجه الثقافي الذي بدوه سيجذب السياحة والإستثمارات ويخلق فرص عمل.

وعن الصندوق البلدي وان كان كفيلا وكافيا لتمويل مشاريعهم الانمائية قال "برامجنا واقعية وبسيطة وفي البلدية فائض يقارب المليار الدولار، بالإضافة الى الميزانية السنوية للبلدية التي تقدر بحوالي الـ250 مليون دولار. " واضاف ان التمويلات البلدية موجودة للمشاريع بالإضافة الى الاساليب التي بإمكاننا عبرها تمويل المشاريع كالشراكة مع القطاع الخاص، والتبرّع بالخبرات من الخارج، وغيرها.. كل هذه الامور تحصل بوجود الشفافية."

جمال عيتاني: ملف النفايات من اولوياتنا اقتصاديا و بيئياً والحملة لا تعتمد على تمويل سياسي ضخم

وفي المقلب الآخر، وفي موضوع تمويل الحملة الانتخابية للائحة "البيارتة" اوضح رئيس اللائحة جمال عيتاني ان الحملة لا تعتمد على تمويل سياسي ضخم قائلا "نحن في الاسبوع الاخير اطلقتنا حملتنا الإنتخابية  وصُرف على الحملة مبالغ بسيطة، ساهم جزء كبير من اعضاء المجلس البلدي بلائحة "البيارتة" بالتبرعات. لا شك ان كل حزب سياسي ممثل عنّا ينفق على الحملة في منطقته على حسابه الخاص."

وعن تطلعاته للمشاريع الانمائية المطروحة في برنامجهم الانتخابي وعن امكانية  دعمها لإقتصاد العاصمة، علّق عيتاني "كل فرنك ينفق في مدينة بيروت سيكون له تأثير ايجابي على الوضع الاقتصادي وسيساهم في خلق فرص عمل، تشغيل شركات وتحسين الإقصاد في بيروت وخارجها."

وفي لمحة مختصرة عن احد مشاريعهم التنموية اوضح " مشروع تنمية المناطق التجارية سيكون له تأثيرا مباشرا على تحسين التداول التجاري في العاصمة، فعوضا عن كسب محل ما 100 الف دولار عبر مبيعاته السنوية، اذا تحسّنت المنطقة المحيطة بالمتجر وأقيم فيها مهرجانات ومشاريع تنموية سيتحسن مدخولهم من جهة، وسيتعزز المردود الاقتصادي للبنان بصورة عامة من جهة اخرى."

واكّد عيتاني ان اوّل مشروع سيتم العمل عليه في حال تم انتخابهم هو"ملف النفايات" الذي يحمل انعكاسات اقتصادية كبير جداً، مضيفا "هذا الملف هو من أولوياتنا بيئيا واقتصاديا."

بالطبع لا يمكننا الحديث عن المشاريع الإنمائية والحملات الإنتخابية التي قد تدعم ولو بشكل بسيط العجلة الإقتصادية من دون الإطلاع على رأي الخبراء الإقتصاديين في هذا الموضوع.

ابو سليمان لـ"الإقتصاد": إعادة تفعيل الحياة الديمقراطية سيعيد ثقة المواطن بالإقتصاد اللبناني

اشار الخبير الإقتصادي وليد ابو سليمان في حديث خاص لـ"الإقتصاد" ان إعادة تفعيل الحياة الديمقراطية التي نشهدها على الساحة اللبنانية اليوم ستنعكس ايجابا على إعادة ثقة المواطن بدولته، مما يعني إعادة ثقة اللبناني بإقتصاده ووضعه المالي.

واضاف "يجب الأ نتجاهل الحركة الحاصلة في العجلة الإقتصادية اليوم عبر ترويج الحملات الانتخابية، مما سيساهم في تشغيل قطاعات عدة رغم ان هذه الحملات تدعم الإقتصاد لفترة آنيّة وليست مستدامة."

وتابع "البرامج الإنمائية التي يتم الحديث عنها ان لم يتوفّر تمويل من الدولة لها، فمن الصعب ان يتم تنفيذها، علما ان الصندوق البلدي المستقل حصل فقط على جزء من الاموال والجزء الباقي لم يُدفع بعد."

وتوقع ابوسليمان ان تشكل هذه الحركة الديمقراطية حالة من النهوض في البلدات والقرى، اذا طبّق الفريق المنتخب مشاريعه ولم تكن تبقى مجرّد شعارات. 

د. ​إيلي يشوعي​: من المعيب ان ننتظر إنفاق انتخابي لتحريك عجلة اقتصادية

وبرأي مخالف اعتبر الخبير الإقتصادي  د. إيلي يشوعي انه من المعيب ان ننتظر إنفاق انتخابي لتحريك العجلة الاقتصادية. واشار الى ان الانفاق الانتخابي الذي نشهده  متجسدا بالصور، والنقل وبعض التكاليف الاخرى ليس كفيلا بدعم الحركة الاستهلاكية بطريقة مباشرة فمداها اوسع بكثير من مسألة حملة انتخابية تدوم اسبوعين ونهار انتخابي واحد.

واضاف حركة الطلب والعرض والإنتاج والإستهلاك والإستثمار والتصدير بحاجة الى روّاد في هذا المجال. وشدد يشوعي "ان شهدت الحركة الاقتصادية تغييّر بسيط بسبب الإنفاق الانتخابي ما هو الا دليل آخر على مدى فشل الفريق العامل على الملفات المالية والنقدية والإقتصادية والإجتماعية في لبنان."

وعن توقعاته للمشاريع الإنمائية التي تطرحها الحملات الانتخابية  في بيروت استبعد ان تكون الطبقة السياسية تسعى الى تنفيذ مشاريع تفيد الإقتصاد لانهم لم يثبتوا ذلك على مدى العقدين المنصرمين، ورأى ان العنصر الشاب والمتعلم وحده قادر على تنفيذ المشاريع الإنمائية.