ألمح اقتصاديون إلى وجود تجاوزات من قبل مؤسسات الإقراض و​المصارف​ فيما يخص عمليات الاقتراض، خاصة القروض الاستهلاكية للأفراد ومحاولتها إغراق عملائها ب​الديون​.

وقالوا في حديثهم لـ "الاقتصادية"، إنه على المصارف أن تتوقف عن التلاعب بعملائها، وأن تضع في اعتبارها مقدرة الفرد مقارنة بدخله، مشيرين إلى أن عملية التسويق الذي تتخذه المصارف تغرق الأفراد في الديون، كونها تغيّب عملية التوازن بين الدخل ونسبة المبالغ والفوائد المقتطعة من رصيد الأفراد المقترضين.

وأوضح الدكتور عبدالله باعشن محلل مالي، أنه على الرغم من أن هنالك نوعا من التنظيم لعملية الاقتراض استحدثت من خلال شركة "سمة" والذي يهدف في الأصل إلى تقليل المخاطرة على المصارف والمؤسسات المقرضة سوى المحلية منها أو الفروع الخليجية المرخص لها للعمل في السوق السعودية والتي تستفيد من خدمات "سمة"، إلا إن المشكلة التي يلام النظام المصرفي عليها ومؤسسة النقد السعودي كجهة إشرافية تكمن في العملية التسويقية من قبل المصارف التي أصبحت لديها شهية عالية جدا خاصة في مجال القروض الاستهلاكية فأصبحت تبحث عن المستهلك بغض النظر عن مقدرته ومحاولة إغراقه من خلال إغرائه للتوسع في عملية القروض.

وأشار إلى أنه لابد للمصارف أن تحترم العميل كأحد الأخلاقيات التي لابد أن تتعامل بها، وألا تغرر به لتوسع بالقروض الاستهلاكية لتتراجع مقدرة العميل على السداد وبالتالي يكون تحت طائلة المساءلة القانونية.

و قال "إنه على المصارف أن تتوقف عن التلاعب وتضع في اعتبارها عند تقديم عروضها مقدرة الفرد مقارنة بدخله، لأن الواقع الذي يمارس أن عملية مقدرة المقترض أقل من دخله لغياب التوازن بين الدخل ونسبة المبالغ والفوائد المقتطعه من رصيد الأفراد المقترضين من المصارف التي وضعت عروضا لكل فئات ​العملاء​ سوى من لديه دخل متدن أو عال حيث تزيد من نسبة المبالغ المستقطعه من رواتب العملاء الأقل بينما تقلل من نسبتها لأصحاب الرواتب الأعلى بهدف طرح فرص اقتراض أخرى أمامه للاقتراض مرة أخرى فهنالك سعوديون عليهم عدة قروض متعددة".

وبين باعشن، أن قضية القروض الاستهلاكية تتجدد سنويا وتشهد نموا، مشيرا إلى أنه يجب أن نعرف أسباب التوسع في عملية الاقتراض خاصة الاستهلاكية التي تعتمد على نوعين من أنواع الاقتراض الأول عبارة عن الاقتراض المباشر من أي مؤسسة مالية سواء داخلية أو خارجية، والنوع الآخر ذو التوجه الاستهلاكي الذي بدأ يتوسع عن طريق "بطاقات الائتمان" التي يستخدمها للاستهلاك المستمر والدوري والتي تعتبر قروضا تتزايد على المواطن.

من جهته، أوضح الدكتور علي التواتي مختص اقتصادي، أن دخول مصارف ومؤسسات تمويلية في السوق السعودية حولت السعوديين إلى مديونين لمصارف خارجية، وخاصة أن أغلب القروض استهلاكية تحمل المواطنين مزيدا من الثقل.

وأشار إلى أنه كثير من المواطنين في دول الخليج بالغوا في حمل الديون حتى فقدوا إمكانية السداد ما دعا بعض الحكومات الخليجية إلى مساعدتهم على سداد ديونهم المتعثرة.

وقال إن السعوديون يحتلون المرتبة الرابعة خليجيا من حيث حجم الديون المتعثرة، حيث سجل الكويتيون المرتبة الأولى كأعلى مديونية للبنوك يليهم القطريون والإماراتيون، مشيرا إلى أن السبب وراء هذا التعثر هو الدخل الفردي الخيلجي الذي لا يتناسب مع حجم الإنفاق، مضيفا "و بالنسبة للسعوديين تحديدا فالفجوة بين إيرادات الدولة ومرتبات الموظفين في القطاعين العام والخاص كبيرة جدا، مع الإنفاق الحكومي الكبير الذي يؤدي إلى رفع معدلات التضخم وعجز القوة الشرائية لدى المواطنين ما يدفعهم بالتأكيد إلى مزيد من الاستدانة والاقتراض في سبيل مواجهة أعباء الحياة اليومية".

من جهة أخرى أكد مصدر في شركة" سمه" أن السجل الائتماني للأفراد لا يمنع من توسعهم في عمليات الاقتراض، إنما يكشف للمؤسسات والشركات المالية المعلومات الائتمانية للأفراد وتحسب إمكاناتهم على الاقتراض، ولا يوجد نظام يمنع هذه المؤسسات والمصارف من إقراض الأفراد، فهي تتخذ القرار وتتحمل مسؤوليته.