سجل النشاط المصرفي اللبناني، المقاس بمجموع الاصول المحلية للمصارف العاملة في لبنان، نمواً معتدلاً بمقدار 213 مليون دولار في كانون الثاني 2016، ونسبة نمو شهري 0.1%. وهي نسبة نمو أعلى من النمو الفترة ذاتها من عام 2015، والتي شهدت نمواً بنحو 42 مليون دولار، لكنها لا تزال أقل من معدل النمو في الشهر الاول من السنوات الخمس الماضية، والذي بلغ 526 مليون دولار.

هذا وسجلت ودائع العملاء تراجعاً بنحو 89 مليون دولار في كانون الثاني من عام 2016، ما يوازي 0.2%، والذي يرتبط بانقلاب على تحريف الحقائق والذي حدث في الأشهر الأولى من كل سنة اثر تكرار الإشاعات في الشهر الأخير من السنة السابقة. بالمقارنة، تقلصت الودائع بنحو 273 مليون دولار في الشهر الأول من الـ2015 وبـ 232 مليون دولار كمعدل للشهور الأولى من السنين الخمس السابقة.

ويؤشر انقسام الودائع تبعاً للعملات الى تقلص في حجم الودائع بالعملات الأجنبية ونمو للودائع بالليرة اللبنانية، ما يقود الى تقليص أكبر لعمليات التحويل الى الدولار. هذا وارتفعت الودائع بالليرة اللبنانية بنحو 279 مليون دولار، في حين انخفضت الودائع بالعملات الأجنبية بمقدار 368 مليون دولار في كانون الثاني 2016.

بالنتيجة، تراجعت عمليات تحويل الودائع الى الدولار من 64.9% في كانون الاول 2015 الى 64.7% في كانون الثاني 2016. ويؤشر انقسام الودائع وفق نوعها كذلك الى أن ودائع المقيمين تراجعت 214 مليون دولار في حين أن ودائع غير المقيمين نمت بواقع 124 مليون دولار في كانون الثاني.

أما من ناحية الاقراض، فخلافاً للتوجه العكسي الذي شهده كانون الثاني 2014 وكانون الثاني 2015، فان الشهر الاول من الـ 2016 شهد نمواً ايجابياً في الاقراض. اذ نمت القروض الممنوحة للقطاع الخاص 167 مليون دولار، منقسمة بشكل متوازٍ ما بين القروض الممنوحة بالليرة وتلك الممنوحة بالمعملات الأجنبية. ويؤشر انقسام القروض تبعاً لنوعها الى أن قروض المقيمين ارتفعت 129 مليون دولار في حين نمت قروض غير المقيمين بنسبة 38 مليون دولارفي كانون الثاني.

وما كان ملحوظاً هو نمو في سندات اليورو السيادية بنحو 517 مليون دولار في كانون الثاني 2016، مرتفعة من 17,645 مليون دولار الى 18,162 مليون دولار، رغم عدم وجود أية مسائل أساسية في السوق. ويمكن للبنوك اللجوء الى هذه السندات لاستخدامها في الأسواق الثانوية أو في البنك المركزي.

بالتوازي، فإن السيولة في المصارف الأجنبية هبطت من 11,557 مليون في كانون الأول الى 11,030 مليون في كانون الثاني. فيما لازال مجموع السيولة الأساسية في العملات الأجنبية عند مستوى 46,824 مليون دولار، ما يساوي 47.8% من الودائع بالعملات الأجنبية في ظل قروض بالعملات الأجنبية لنسبة ودائع بالعملات بالعملات الأجنبية 41% نهاية كانون الثاني 2016.

في سياق متصل، أكدت "ستاندرد اند بورز" مؤخراً التصنيف الائتماني السيادي للعملات الأجنبية والمحلية القصيرة والطويلة الأمد للبنان عند B-/B في حين بقيت التوقعات سلبية. وترى "ستاندرد اند بورز" أن استمرار حالة اللا استقرار السياسي محلياً واقليمياً سيضعف توقعات الاقتصاد اللبناني، لكن تدفقات ودائع النظام المصرفي اللبناني ستستمر بدعم حاجة الحكومة من الديون وسد حاجة البلاد من التمويل الخارجي.

هذا وتعكس التوقعات السلبية لـ "ستاندرد اند بورز" رؤاها حول أن اللا استقرار في المنطقة سيبطئ من نمو الودائع في القطاع المصرفي خلال 12 شهراً. كما تجسد توقعاتها حول أن نمو الودائع في مصرف لبنان سيكون في الحد الأدنى 4% في الـ2016، أي حوالي 12% من اجمالي الناتج المحلي. وما يقارب ثلثي ودائع المصارف هي بالعملات الأجنبية وحوالي الربع من مصادر خارجية. وهذا التدفق للأموال يعد مصدراً أساسياً لرفد بالتمويل اللازم نمو حاجة حكومة الـ2016 الى الديون، والتي بلغت 26% من اجمالي الناتج المحلي، وكذلك لتمويل حاجات البلاد المتنامية في الـ2016 للتمويل الخارجي والتي بلغت 88% من اجمالي الناتج المحلي.   

ووفقاً لتحاليل "ستاندرد اند بورز"، فإن القدرة على خدمة الدين العام للحكومة اللبنانية تعتمد على رغبة وقدرة قطاعات التمويل المحلية أن تزيد ما تملكه من ديون حكومية، والذي بدوره يعتمد على تدفقات ودائع المصارف. علماً أن المصارف المحلية تدعم سوق ديون الحكومة بطريقتين؛ الأولى، من خلال شراء ديون الحكومة اللبنانية بشكل مباشر، ويدعو النظام المصرفي على حساب القطاع العام بنحو 20% من اجمالي أصول النظام المصرفي. ما يعني أن دائنو البنك يستحوذون على حوالي نصف اجمالي دين الحكومة. أما الطريقة الثانية، أن تشتري البنوك اللبنانية شهادات ايداع يصدرها البنك المركزي، والتي بالمقابل تسد دين الحكومة.

وبالنسبة لنهاية الـ2015، استحوذ مصرف لبنان على 37% من أذونات الخزينة المستحقة من الحكومة، والتي تشكل 23% من مجمل الدين العام. وبالرغم من أن "ستاندرد اند بورز" ترى في تمركز تمويل الحكومة من هذه المصادر على أنه يعبر عن ضعف بنيوي، الا أنها تعتبر هذه التدفقات، انطلاقاً من مستوى التصنيف الحالي، دعماً أساسياً للاقتصاد. بالمقابل، فإن النظام المالييعد مفتاحاً لملاقاة متطلبات التمويل الخارجي للبلاد. علماً أن تدفقات الودائع المصرفية تأتي على نطاق واسع من تحويلات المغتربين.