جاء قرار سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، خلال زيارته إلىمصربإيداعوديعةبقيمة ملياري دولار في ​البنك المركزي المصري​ ليضفي المزيد من الدفء على العلاقاتبين البلدين، وليؤذن ببدء مرحلة جديدة من العلاقات بينقطروالشقيقة مصر، في إطار حرص الجانب القطري على تقديم المساعدات الاقتصادية اللازمة أكبر بلد عربي يقطنه نحو 85 مليون شخص.

وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية المصرية أن قرار قطر بوضع وديعة بقيمة ملياري دولار لدى البنك المركزي المصري، يأتي في إطار المساعي الحثيثة لدولة قطر لدعم اقتصاد مصر المنهك بعد عام ونصف من الاضطرابات السياسية.

وقال الدكتور فؤاد أبوستيت، أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة حلوان، لـ "بوابة الشرق" أن الوديعة القطرية من شأنها أن تضح الحياة إلى النظام الاقتصادي المصري الذي يعاني منذ ثورة 25 يناير، بعد تراجع ملحوظ في احتياطي النقد الأجنبي وانخفاض معدلات النمو إلى مستويا خطيرة، مؤكداً على أن هذه الخطوة ستأخذ العلاقات بين البلدين إلى مرحلة جديدة من التعاون المشترك القائم على دفء العلاقات، وحرص كل طرف على مصلحة الطرف الآخر.

وحول كيفية الاستفادة من هذه الوديعة في دعم الاقتصاد المصري قال أبوستيت "العجز الكلي للموازنة المصرية قفز إلى نحو 136.5 مليار جنيه مصري أي ما يعادل نحو 8.8% في الفترة من يوليو 2011 – مايو 2012، مقابل 112.6 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الذي يسبقه، هذه الأرقام والمعطيات قد تعطي القائمين على الأمور في مصر الطريق الأمثل نحو الاستفادة من هذه الوديعة القطرية، كما أن قرض البنك الدولي البالغ حجمه نحو 3.2 مليار دولار من شأنه أن يقلل العجز في الميزانية، وكل هذه المدخلات مع عوائد قناة السويس وتحويلات المصريين من الخارج من شأنها أن تدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام في الفترة المقبلة".

وتراجع حجم الاحتياطات الأجنبية لدى البنك المركزي المصري بنهاية يوليو الماضي إلى نحو 14.442 مليار دولار، مقارنة مع 36.1 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2010، قبل اندلاع ثورة "25 يناير" التي كبدت الخزينة المصرية حتى الآن خسارة نحو 21.659 مليار دولار.

واعتبر الخبير الاقتصادي المصري عوض حنفي الوديعة القطرية بمثابة "طوق نجاة" للحكومة المصرية التي ينتظرها الكثير من الأزمات المالية في الفترة المقبلة، إذا لم تحسن التصرف حيال الأوضاع التي ستشهدها البلاد على حد تعبيره.

وقال حنفي لـ"بوابة الشرق": وديعة بقيمة 2 مليار دولار في البنك المركزي المصري، مع احتمال وشيك لوصول قرض بقيمة 3.2 مليار دولار من البنك الدولي من شأنه أن يدفع عجلة الاقتصاد المصري إلى الأمام، ويقلل نسبة العجز المتوقع في الموازنة مع احتمال تلبية المزيد من المطالب الفئوية التي تنهك وبلا أدنى شك الخزينة المصرية، في ظل تراجع حجم الاحتياطات الأجنبية، وهروب رؤوس الأموال إلى خارج البلاد".

أضاف حنفي معلقاً على سؤال حول دور هذه المساعدات في العلاقات بين البلدين "العلاقات بين مصر وقطر دافئة منذ مدة ليست بالقليلة، ومصر حكومة وشعباً تثمن مساعدة الأشقاء القطريين، سواء حصلت مصر على هذه الحزمة من المساعدات أم لا، فعامل اللغة والدين والأخوة بين الأشقاء العرب هو ما يضفي دفئاْ منقطع النظير على العلاقات بين البلدين".

فيما طالب الخبير الاقتصادي المصري علي حسنين في تعقيبه لـ "بوابة الشرق" على الوديعة القطرية بجذب المزيد من الاستثمارات القطرية إلى مصر، منوها أن الوديعة القطرية من شأنها أن تدفع عجلة النمو إلى الأمام، ولكن يبقى رقم الاستثمارات القطرية في مصر هو الأهم في إطار دفء العلاقات بين البلدين الشقيقين.

وقدر البنك المركزي المصري حجم الاستثمارات الأجنبية التي دخلت مصر خلال الربع الثالث من العام المالي الماضي 2011 - 2012 من يناير حتى مارس بنحو 3.13 مليار دولار، مقابل صافي خروج بلغ 858.2 مليون دولار في الربع الثاني، احتلت الاستثمارات القطرية المرتبة الرابعة في الاستثمارات العربية بقيمة 13.2 مليار دولار مقابل 3.4 مليون دولار عن نفس الفترة في العام الذي يسبقه.

وفي نفس الإطار قال الدكتور رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، أن الوديعة القطرية من شأنها أن ترفع حجم احتياطي النقد الأجنبي في مصر ليصل إلى نحو 16.442 مليار دولار، ليظل في الحدود الآمنة بعيداً عن مستوى 13 مليار دولار، والذي يعد الرقم الآمن لاحتياطات النقد الأجنبي في مصر، حتى تستطيع الحكومة أن تفي بالتزاماتها.

أضاف عبده قائلاً "يبقى الأهم بالنسبة إلينا هو جذب المزيد من الاستثمارات القطرية إلى مصر، والتي تقوم على مبدأ المنفعة المتبادلة بين الجانبين، فهذه الاستثمارات من شأنها أن تدفع عجلة الاقتصاد المصري المعطلة إلى الأمام، من خلال إنشاء المزيد من المشروعات التي ستوفر فرص عمل للمصريين، وفي نفس ذات الوقت تضر الأرباح على الجانب القطري".

وأعتبر عبده أن هذه الوديعة تضفي على العلاقات المصرية القطرية المزيد من الدفء، منوهاً إلى الدور الذي ستلعبه هذه الوديعة في خفض حجم الدين الخارجي لمصر، مشيداً بالدور الذي يلعبه سمو الأمير المفدى في حرصه الدائم على توطيد العلاقات مع مصر.

ويبلغ حجم الدين المصري الخارجي نحو 270 مليون دولار بنهاية مارس الماضي، وينتظر أن تسهم الوديعة القطرية في انخفاض حجم الدين الخارجي مع تراجع سعر صرف العملات الرئيسية المقترض بها أمام الدولار الأميركي.

وتصل آجال سداد ديون مصر الخارجية طويلة الأجل إلى عام 2050، مع وجود قسط يسدد كل 6 أشهر لنادي باريس، لا يزيد على 700 مليون دولار.

وارتفعت إيرادات الخزينة المصرية بنسبة 29.4 % لتصل إلى 259.7 مليار جنيه خلال الفترة يوليو 2011 - مايو 2012 مقابل 200.8 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام السابق عليه، وذلك لارتفاع الإيرادات غير الضريبية بنسبة 62.7 %، فضلاً عن زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 18.4%، وهو ما يعطي مؤشرات جيدة على تحسن حالة الاقتصاد المصري الذي أنهكته أحداث الثورة، وإن كان للحرية ضريبة، فقد كانت فاتورة الحرية للمصريين مكلفة للغاية، وتتوقع الحكومة المصرية أن تصل نسبة النمو من 3.5 إلى 4% في العام المالي 2012-2013.