سافرت ياسمينا مع شقيقتها اليسا لمدة شهر كامل إلى بيرو، بهدف تعليم الأولاد الأيتام اللغة الإنجليزية. وفور عودتهما من رحلة العمل التطوعي، قررتا معا نقل الثقافة البيروفية الى لبنان، وتعريف الشعب اللبناني عليها، وتم ذلك من مطعم "Cinco". واليوم توسعت الفكرة، وتمكنتا معا من افتتاح مطعم "SAPA" البيروفي في منطقة الأشرفية.

"الاقتصاد" التقت مع الشريكة المؤسسة لـ"SAPA"، والرئيسة التنفيذية لمجموعة "Maillon Group"، ياسمينا يارد، للحديث عن المراحل التي مرت بها خلال مسيرتها المهنية، والصعوبات التي واجهتها، بالاضافة الى رؤيتها لواقع المرأة اللبنانية في سوق العمل بعد الزواج وانجاب الأولاد.

- أين كانت البداية ومتى؟

تخصصت في الهندسة الكهربائية والكمبيوتر في "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB"، وعملت بعدها في مجال الاستشارات الادارية في دبي، ثم سافرت مع أختي اليسا يارد، الى البيرو لممارسة العمل التطوعي مع الأطفال الصغار، وتعليمهم اللغة الانكليزية. وخلال زيارتنا، أحببنا كثيرا ثقافة البلاد والمأكولات والمشروبات الموجودة هناك.

لذلك عندما عدنا الى لبنان، تركت عملي، وقررنا عام 2013 افتتاح أول مطعم بيروفي، "Cinco". ثم أسسنا مطعم "SAPA" في كانون الأول 2015. وبالاضافة الى ذلك فإنني الرئيسة التنفيذية لمجموعة "Maillon Group"، التي تضم 5 مطاعم موزعة في لبنان.

أما أختي اليسا، فتخصصت في ادارة الأعمال والتسويق في الـ"AUB"، وهي اليوم مديرة التسويق في "Maillon Group".

- من أين حصلت على التمويل اللازم للبدء؟

ساعدنا على التمويل وجود بعض الشركاء الصامتين في "SAPA".

- هل ينال "SAPA" اقبالا من اللبنانيين؟

اللبناني يحب "SAPA" كثيرا، وذلك لأسباب عدة، منها أن البيرو بدأ في الفترة الأخيرة بالانفتاح على العالم، وأهم المطاعم التي تم افتتاحها في نيويورك ودبي وكاليفورنيا ولندن في السنوات القليلة الماضية، كانت بيروفية. كما أن كل اللبنانيين الذي يعيشون في الخارج، يعرفون أهمية البيرو وثقافته. فالطعام ليس مثل المأكولات الهندية الغنية بالتوابل، واللبناني يحب الأمور ذات المقياس المحدد، مثل اللحوم وسمك السلمون، لكنه لا يحبذ أن يطلب المأكولات التي لا يفهمها، لذلك عرفنا أن المطبخ البيروفي سيحظى باقبال واسع في لبنان، فهو عبارة عن "مطبخ دولي مندمج" (Fusion International Food). والدمج يحصل بالعادة في الصلصات المميزة، والنكهات المتقنة، وبالتالي نشعر أن الطعم شائع، ولكنه في الوقت ذاته غير موجود في مكان آخر؛ وهذا ما ساهم في نجاح مفهوم "SAPA".

ولا بد من الاشارة الى أننا سافرنا في المرة الأولى الى البيرو للتطوع، لكننا عدنا بعد أن قررنا افتتاح المشروع في لبنان وأقمنا العديد من الاجتماعات، وتعرفنا على مسؤولين من الدولة، الذين فسروا لنا أنهم يعتزمون الانفتاح على العالم، ونشر الثقافة البيروفية في كافة البلدان؛ مثلما حصل مع المسكيك، والمأكولات المكسيكية التي لم تكن معروفة من قبل، أما اليوم فباتت عالمية.

- كيف تواجهين المنافسة الموجودة اليوم في قطاع المطاعم في لبنان؟

لدينا خبرة واسعة في هذا المجال من خلال "Maillon Group" التي تأسست في العام 2007. وعندما أحضرنا مفهوم المطبخ البيروفي الى لبنان، حصلنا على فريق عمل ممتاز يتمتع بخبرات طويلة، ولديه معرفة كبيرة في مجال الأطعمة والمشروبات.

أما بالنسبة الى المنافسة، فنحن نعمل على تمييز أنفسنا، اذ أن معظم المطاعم في لبنان تشبه بعضها البعض، وتقلد بعضها البعض. في حين أننا كنا أول من أحضر المطبخ البيروفي الى البلاد، بطريقة ابداعية ومبتكرة.

وهناك نقطة أساسية في "SAPA"، وهي أنه 50% مطعم، و50% "cocktail bar"، وبالتالي لا يوجد العديد من الأماكن المشابهة في لبنان. كما أن الطعام لذيذ جدا وراق، والمشروبات رائعة أيضا ومميزة؛ اذ نستورد المنتجات من البيرو والعالم.

- ما هي الصعوبات التي تواجهك خلال العمل في هذا المجال؟

الصعوبة الأكبر في لبنان تكمن في ايجاد المواهب المحلية وتوظيفها، لأن معظم الأشخاص الذين يتمتعون بمهارات عالية وخبرات واسعة، يسافرون للعمل في الخارج. لكننا ركزنا كثيرا على تدريب الموظفين، ونشكر الله اليوم لحصولنا على فريق عمل ممتاز.

- هل تعرضت يوما الى أي تمييز في اطار العمل لأنك امرأة؟

لم أتعرض يوما الى هذا النوع من التمييز، وذلك لأنني الشريكة المؤسسة والمالكة للمطعم، كما لدي خبرات عالمية، تمنع العديد من الأشخاص من الاستخفاف بقدراتي أو التشكيك بطريقتي في العمل.

- ما هي الصفات التي ساهمت في نجاحك؟

الشغف هو العامل الأساسي الذي يساهم في نجاح كل شخص، لأن هذا النجاح يتطلب الكثير من الوقت، وطريقه وعرة. وبالتالي اذا لم يؤمن الانسان بفكرته، لن يصل أبدا.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟

بالنسبة الى "SAPA" نسعى للتوسع الى خارج لبنان، ولكن هذه الخطة ليس على المدى القصير. كما نسعى للاستمرار في تقديم الأفكار الجديدة كي نبقى في الطليعة دوما.

- كيف تمكنت من التنسيق بين عملك وحياتك الخاصة؟

هذا هو الجانب الأصعب من مسيرتي المهنية، لكن الحياة تتعلق بتحديد الأولويات. وخلال فترة التأسيس لا يمكن التركيز الا على العمل، ولكن بعد فترة تمكنت من تخصيص بعض الوقت يوميا، للقيام بالأمور الشخصية أو الهوايات أو النشاطات.

- كيف تقيمين وضع المرأة اللبنانية اليوم؟

أنا مؤمنة بالتعليم والمعرفة، علما أن هناك العديد من المشاكل الشخصية التي تعاني منها النساء. لكنني أعتقد أن المرأة التي تريد النجاح وتحقيق أحلامها، ستتمكن من الوصول في نهاية المطاف الى أهدافها.

لكن الرجل اللبناني (عددا من الرجال)، ليس معتادا كثيرا على عمل المرأة بعد الزواج وانجاب الأولاد، ولم يتقبل أن يكون له دورا في الاهتمام بالمنزل والأسرة. لكن لبنان منفتح أكثر من بلدان أخرى، وهناك العديد من الجمعيات الناشطة، مما يساهم في زيادة وعي المرأة والرجل نحو حقوقهما وواجباتهما.

ولا بد من الاشارة الى أنني عضو في "الرابطة اللبنانية لسيدات الأعمال"، "LLWB"، وهذا أمر جميل جدا، لأنه يتيح لي التعرف على صاحبات المشاريع وسيدات الأعمال، ومشاركة تجاربهن.

- ما هي نصيحة ياسمينا يارد الى المرأة؟

أنصح المرأة أن لا تتوقف أبدأ عن العمل، لأن المسيرة المهنية مهمة جدا للحصول على الارتياح الشخصي، والرضا الاجتماعي أيضا. ومن الأساسي أيضا المحافظة على التنوع في العمل، فالرجل والمرأة يعملان معا بشكل أفضل.

وحتى عندما تتزوج المرأة وتنجب الأطفال، وتزيد مسؤولياتها، لا يجب أن تضحي بمسيرتها المهنية، لأنها قادرة على التنسيق بين الاثنين معا.

في النهاية أقول للمرأة: "ثابري على تحقيق أحلامك، فأنت مثل الرجل تماما، ولا يوجد أي فرق بينكما".