تكرس مؤسسة مركز "Artichoke Studio" ميرا سعد، خبراتها في استخدام التعبير الإبداعي بهدف تعزيز الصحة العقلية والرفاهية، وذلك بناءا على دراساتها الأكاديمية المتخصصة، وطبيعتها الحساسة. كما تعتمد على النهج المتمحور حول كل شخص، مع التركيز على احتياجات وإمكانيات زبائنها من أجل تقديم الدعم الكافي الذي يساعدهم على اكتشاف ما في داخلهم، ووضع استراتيجيات سليمة في التعامل مع تحديات الحياة.

عملت بين بوسطن وبيروت، كمعالجة من خلال الفن، مع مجتمعات وأوساط متنوعة. وتشمل قاعدة عملائها أشخاص يعانون من اضطرابات نفسية حادة، وضحايا العنف المنزلي والاعتداء الجنسي، والسجناء اللبنانيين، والشباب المعرضين للانحراف، والمثليين، واللاجئين المتضررين من صدمات الحرب، وغيرهم.

حازت ميرا سعد على اجازة في التصميم الغرافيكي من "الجامعة اللبنانية الأميركية"، "LAU"، وماجستير في العلاجات التعبيرية، مع التركيز على العلاج من خلال الفن، والإرشاد حول الصحة النفسية، من جامعة "ليزلي" في الولايات المتحدة. ثم أسست عام 2014، مركز "Artichoke Studio" المتواجد في منطقة سن الفيل.

كان لـ"الاقتصاد" مقابلة خاصة مع سعد للحديث عن مسيرتها المهنية الطويلة، والصعوبات التي تواجهها، بالاضافة الى رؤيتها لواقع المرأة في المجتمع والسياسة.

- من هي ميرا سعد؟

عملت في البداية كمصممة غرافيكية بين لبنان وكاليفورنيا، ثم انتقلت إلى بوسطن لمتابعة شهادة الماجستير في العلاج عن طريق الفن والإرشاد حول الصحة النفسية في جامعة "ليزلي". وأنا اليوم معالجة فنية، أعيش وأعمل في لبنان.

في العام 2014، أسست مركز "Artichoke Studio- Art Therapy" في لبنان، الذي أنظم من خلاله جلسات جماعية وفردية للعلاج عن طريق الفن، كما أتعاون مع منظمات عدة في مشاريع مختلفة. وفي الوقت الحالي، على سبيل المثال، أعمل مع الأطفال المصابين بالسرطان من خلال جمعية "MySchoolPulse"، ومع أسر المفقودين بالتعاون مع "أبعاد" و"ACT"، بالاضافة الى مركز "Cedar Rehab" لمكافحة المخدرات والكحول، ولإعادة التأهيل، وغيرهم.

- كيف قررت تأسيس "Artichoke Studio"؟ ومن أين حصلت على التمويل اللازم للبدء؟

عندما انتقلت إلى لبنان منذ 4 سنوات، بدأت باطلاق المشاريع لتطبيق العلاج عن طريق الفن في بيئات مختلفة، في جميع أنحاء البلاد، بهدف اختبار الأسس، وتعزيز تقنيات العمل، وخلق سمعة. لذلك عمدت الى تطوير علاقات وثيقة مع العديد من المنظمات، والمهنيين المؤهلين. وبسبب الحاجة إلى جمعية ذات مصداقية واضحة، قررت تأسيس "Artichoke Studio"، بغية تحقيق المزيد من التوسع.

ومهمة هذا المركز، هي تعزيز العلاج عن طريق الفن كمهنة معترف بها في مجال الصحة النفسية، وتوفير التطور التربوي في هذا المجال، ووضع معايير أخلاقية عالية للعلاجات الفنية التعبيرية في لبنان.

أما بالنسبة الى التمويل، فكان ولا يزال يشكل تحديا كبيرا. اذ أن "Artichoke Studio" يعتمد فقط على الأموال الشخصية، والقروض، وبالطبع أرباح الخدمات المقدمة. وما زلت حتى اليوم أبحث عن الأموال التي تقدم الدعم للمؤسسات الناشئة ولأصحاب المشاريع الاجتماعية.

- من هم زبائن "Artichoke Studio"؟

زبائني هم أشخاص يواجهون تحديات الحياة، ولديهم رغبة في تطوير أنفسهم. فأنا أعمل مع مجموعة واسعة من الناس؛ مثل الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية والعصبية، والأشخاص المتضررين من الأمراض الجسدية، وبالتالي قد يواجهون التحديات النفسية، والأشخاص الذين يتعاملون مع الصدمات النفسية، والأفراد الذين يمرون بأوقات عصيبة ويبحثون عن الدعم، بالاضافة الى الأشخاص الذين يسعون ببساطة الى تحقيق التنمية الذاتية. والفئة العمرية لزبائن "Artichoke Studio" تترواح ما بين 6 و76 سنة.

- كيف تواجهين المنافسة؟ وما الذي يميزك عن غيرك؟

أواجه المنافسة من خلال الاحتراف، والعمل باستمرار على صقل خبراتي. وأعتقد أن هذا الأمر يعكس جودة عملي، وبالتالي يميزني عن غيري.

- هل تمكنت من ايصال خدماتك الى خارج لبنان؟

نعم بالتأكيد، فأنا أبقى على تواصل مستمر مع المشرفين والزملاء والأساتذة في الولايات المتحدة. ولقد تعاونت معهم في مناسبات عدة، من خلال ورش العمل والمؤتمرات.

كما أنني منتسبة الى "الرابطة الدولية للعلاج بالفنون التعبيرية" (IEATA)، والتي بامكاني من خلالها التواصل مع المعالجين من خلال ،الفن في جميع أنحاء العالم. ولقد عرضت مؤخرا لعملي في مؤتمر "IEATA" في هونغ كونغ.

ولا بد من الاشارة الى أنني قد أتعاون في المستقبل مع بعض المهنيين المتواجدين في دبي. فكل هذه الاتصالات تتيح تحقيق تبادل غني، يأتي بالخبراء إلى لبنان، ويخلق منظورا متعدد الثقافات في الميدان.

- ما هي الصعوبات التي تواجهك خلال مسيرتك المهنية؟

التحدي الأكبر الذي كنت ولا أزال أواجهه، هو تقديم العلاج عن طريق الفن، كمهنة بحد ذاتها في مجال الصحة النفسية. ففي الكثير من الأحيان، يتم خلط هذا العلاج مع أي نشاط فني، يستهدف الأشخاص المعرضين للخطر، أو موجه من خلال الطبيب النفسي التقليدي. وغالبا ما يركز الناس على النتيجة النهائية، في حين أن جوهر العلاج عن طريق الفن هو العملية الإبداعية بذاتها. فالمعالج عن طريق الفن المدرب بطريقة محترفة، يعرف كيفية التركيز على العملية الإبداعية بأكملها كي تكون ثاقبة وعلاجية؛ وذلك من خلال اقتراح التوجيهات، واختيار المواد الملائمة، ومراقبة واستيعاب الأدلة المحددة في العملية الإبداعية، والتدخل في الوقت المناسب، بالاضافة الى طرح الأسئلة المناسبة.

- هل واجهت يوما أي تمييز لمجرد كونك امرأة؟

أتعاون في بعض الأحيان مع مجموعات مؤلفة من الرجال فقط، وفي تلك الحالات، غالبا ما تكون أول التفاعلات تقويضية وعصبية. ولكن بعد وقت قصير، نتمكن من بناء الروابط واكتساب الثقة، وبالتالي تتغير الديناميكية نحو الأفضل.

- ما هي برأيك الصفات التي ساهمت في نجاحك؟

أعتقد أنني نجحت بسبب شغفي تجاه عملي، كما أن الدعم الكبير الذي أتلقاه من أحبائي ومن المشرفة على عملي، يساعدني على الاستمرار.

- ما هي مشاريعك المستقبلية على الصعيد المهني؟

رؤية "Artichoke Studio" تتمحور حول نشر خدمات العلاج عن طريق الفن في لبنان، وإقامة علاقات تعاون طويلة الأمد تهدف إلى توفير التدريب المهني في هذا المجال. وأنا أستمتع كثيرا بالعمل على تحقيق هذا الهدف، وأفرح برؤيته يتطور يوما بعد يوم.

- كيف تمكنت من التنسيق بين عملك وحياتك الخاصة؟

أحيانا يكون من الصعب الانقطاع عن العمل، لا سيما وأنه يشمل مشاعر وأحاسيس عميقة جدا. لذلك أعطي نفسي الكثير من الوقت الشخصي، للاستمتاع مع أحبائي، وممارسة هواية الجري، والبستنة، والسفر.

- على صعيد حقوق المرأة، ما هي برأيك المعوقات التي تقف في طريق تقدم النساء في لبنان؟

أكبر عائق هو إيمان المرأة المحدود في قدراتها الخاصة، وعقلية الرجل المتعصبة، بالاضافة طبعا الى الشعور بالعجز، الذي نعاني منه جميعا، رجالا ونساءا، في لبنان. فهذه العوامل تبقينا عالقين في أساليبنا وتقاليدنا القديمة وغير الصحية، وبالتالي تحول دون تقدمنا.

- ما رأيك بالتقدم الذي حققته المرأة اللبنانية على صعيد الحقوق؟

إن هذا التقدم هو للأسف بطيء جدا، ومن المخيب للآمال أن بعض النساء اللبنانيات يشعرن أنهن حصلن على كافة حقوقهن، وذلك لأن بعض البرامج التلفزيونية والأفلام أصبحت أكثر تحررا من الناحية الجنسية. في حين أن القانون اللبناني لا يحمي المرأة من الاعتداء الجنسي، والأم اللبنانية لا تستطيع اعطاء جنسيتها لأولادها. لذلك علينا جميعا أن نبذل المزيد من الجهد في هذا المجال!

- هل تؤيدين اقرار الكوتا النسائية في المجلس النيابي؟

في الحقل السياسي، ينبغي انتخاب الأشخاص على أساس الخبرة والنزاهة ومهارات القيادة والرؤية، وليس استنادا إلى طائفتهم أو جنسهم أو عرقهم. لهذا السبب أنا ضد الكوتا. فمن الممكن أن نحصل على نتائج عكسية، إذا تم انتخاب المرأة لمجرد ملء الحصص، وليس بسبب قدراتها التنافسية مع نظرائها من الرجال.

من ناحية أخرى، أنا أؤيد تغيير طريقة تفكيرنا، وتعزيز مهارات الأبوة والأمومة، وتقدم أنظمتنا التعليمية من أجل السماح للمرأة أن تكون مسؤولة ومستقلة، وقادرة على قيادة البلاد، وبالتالي تطوير تفكيرها النقدي.

- نصيحة الى المرأة.

"اسمحي لنفسك أن تكوني على طبيعتك، وسوف تدهشين من النتيجة".