تمكن لبنان في السنوات الأخيرة من الدخول الى عالم صناعة التكنولوجيا من خلال جهود فردية عبر نخبة من شبابه المبدعين، دون أي دعم وبإمكانات بسيطة جدا.

وقد أثبت لبنان أنه يتمتع بثروات من رأس المال البشري والفكري قلّ مثيله في الدول المجاورة والعالم، إلا أن ما ينقص هؤلاء هو الدعم الرسمي من الدولة اللبنانية، والمؤسسات المتخصصة التي يمكن أن تحتضن هذه المواهب وتنمّي من قدراتها وتساعدها على تحويل الأفكار والمشاريع الى صناعات حقيقية تفيد الإقتصاد الوطني ككل.

ونلقي الضوء اليوم على شاب لبناني جديد، هو أديب الغصين، طالب الهندسة الصناعية في جامعة الـ"LAU"، الذي قام بصناعة وتطوير جهاز ذكي صديق للإنسان.

"الإقتصاد" إلتقت أديب، الذي تحدث عن أهمية هذا الجهاز الفريد من نوعه في العالم، وعن مشاريعه المستقبلية.

- ما هو الجهاز الذي قمت بإنشائه وتصميمه ؟ وكيف يفيد المستخدمين؟

إسم الجهاز هو "smart ergonomic desk lamp" أو "المصباح المريح الذكي" ...

وخلال دراستي لإختصاص الهندسة الصناعية "industrial engineering" في جامعة اللبنانية الأميركية "LAU"، درسنا مادة تدعى " ergonomic"، وهذه المادة تتمحور حول كيفية صناعة الأجهزة التي تريح الإنسان خصوصا في أماكن العمل.

فتتحدث هذه المادة مثلا عن الصوت القوي الذي يصدر عن الماكينات الموجودة في المصانع ومدى تأثير ذلك على آذان العمال، أو الضوء القوي جدا أو الخفيف جدا وتأثيره على عيون العمال ... وغيرها من الأمور.

من هنا جاءت الفكرة لصناعة مصباح ذكي يقوم من تلقاء نفسه بتعديل الإضاءة بحسب حاجة الشخص أو العامل، وبما يتناسب مع الحالة أو العمل الذي يقوم به، بهدف إراحته في العمل وتقليل إمكانية تأثر عيونه بسبب الإضاءة.

فعلميا، الإضاءة المطلوبة لشخص يقوم بالقراءة تختلف عن الإضاءة المطلوبة للشخص الذي يقوم بتلحيم الحديد، أو من يقوم بعمل الخياطة .... والإضاءة غير المناسبة تؤثر كثيرا على اأشخاص على المدى الطويل، وتؤدي الى ألم في العيون والرأس وفقدان القدرة على التمييز أو الرؤية بشكل صحيح.

لذلك قمت بصناعة مصباح ذكي خاص بالمكتب "Desk Lamp"، يختلف عن المصابيح الموجودة في السوق، فلا يوجد حتى الأن أي مصباح مشابه.

والمصباح الذي قمت بصناعته وتطويره يأخذ بعين الإعتبار عدة أمور أو نقاط ليعطي الضوء المناسب للشخص - من تلقاء نفسه - بحسب طبيعة العمل الذي يقوم به المستخدم.

فـ"smart ergonomic desk lamp" يأخذ بعين الإعتبار "حجم الشيء الذي تعمل عليه"، "حدة التباين - Contrast" (حيث أن قدرة تمييز الشخص بين اللون الأسود والأبيض أسهل من قدرة التمييز بين الأسود والبني مثلا)، "الألوان" ... وغيرها من الأمور الأخرى.

- كيف يستطيع جهاز "smart ergonomic desk lamp" التمييز بين كل الأمور التي ذكرتها ؟ وما هي التقنية التي يعتمد عليها لتمييز الأمور؟

الجهاز يعتمد على " Algorithm" أو خوارزمية معينة تمكنه من التمييز بين الحالات المختلفة.. فهذه الخوارزمية لديها القدرة على رؤية العمل الذي يقوم به الشخص، ومن ثم تحليله، ثم إصدار الأمر للمصباح لإعطاء الضوء المناسب للحالة الموجودة امامه.

- هل هناك جهاز مشابه للجهاز الذي قمت بصناعته؟ وما الفرق بينهم؟

لا يوجد أي جهاز مشابه، فهذا هو الجهاز الأول في العالم الذي وصل الى هذه المرحلة من الذكاء.. و"smart ergonomic desk lamp" يعمل على مدار الدقيقة مع الشخص أو المستخدم دون أي تدخل من أحد.. وليس على المستخدم سوى تشغيل الجهاز.

كما أنه ليس للمستخدم القدرة على التحكم بالجهاز لانه ليس على دراية بمستوى الضوء المطلوب والمناسب لعينيه، ولا يوجد لديه القدرة على إجراء العمليات الحسابية الدقيقة التي يقوم بها الجهاز لإعطاء الضوء المناسب.

- ما هي الصعوبات التي واجهتك خلال العمل على الجهاز؟ ومن اين حصلت على القطع والمواد المطلوبة لصناعة الجهاز؟

أنا كنت اللبناني الوحيد المشارك في مسابقة "Stars of Science" التي تجري في قطر، حيث تم إختيار أفضل 12 مشروع من الدول العربية (مشروع smart ergonomic desk lamp واحد منهم)، وذهبنا الى قطر للعمل على مشاريعنا وتطويرها بشكل أكبر وأفضل.. وهذا ما ساعدني كثيرا على تطوير الجهاز والوصول الى النموذج الحالي للجهاز.

- هل وصلت للنموذج النهائي للجهاز؟

الأن الجهاز هو عبارة عن نموذج اولي.. ولكنه يحتاج الى تصميم معين سيتم العمل عليه.

ولكن وهذا الأمر بحاجة الى مستثمر، لنعمل سويا على التصميم والتصنيع، وآمل أن نرى هذا الجهاز موجود في السوق قريبا.

- هل تلقيت أي عروض من مستثمرين عرب أو محليين لتحويل هذا المشروع الى صناعة حقيقية؟

تواصل معي عدد كبير من الأشخاص، وعبروا عن إعجابهم  بهذا المشروع.. ولكن لا يوجد أي إرتباط جدي أو رسمي بعد.

سأسافر الى قطر خلال هذا الأسبوع، حيث سأحاول التواصل مع شركات ومستثمرين، ولكن هدفي هو التعاون مع شركة كبيرة ومعروفة ولديها القدرة على تصنيع هذا الجهاز... خصوصا أنه الأول من نوعه في العالم.

- هل تم تسجيل براءة الإختراع في لبنان؟

نعم، تم تسجيل براءة الإختراع في 30 أيلول الماضي.. في لبنان والدول العربية.

- ما الذي ينقصنا في لبنان للتطور أكثر في مجال صناعة التكنولوجيا؟

ما ينقصنا هو الدعم الرسمي من الدولة اللبنانية، فالدولة غائبة عن هذا القطاع على الرغم من وجود مواهب كبيرة.

في الدول الأوروبية والأجنبية وحتى بعض الدول العربية هناك مؤسسات تتبنى المشاريع الرائدة والمميزة، وتقدم كافة أشكال الدعم، ولكن في لبنان هناك غياب لمؤسسات مشابهة للأسف.

أضف الى ذلك ان المستثمرين اللبنانيين يفضلون الإستثمار في قطاعات أخرى بعيدة عن التكنولوجيا، كقطاع العقارات والسياحة وغيرها من القطاعات الأخرى.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟

في الفترة الماضية إضطررت لترك الجامعة بسبب السفر الى قطر والمشاركة في المسابقة، لذلك سوف أركز في الفترة المقبلة على الجامعة من أجل الحصول على الشهادة.. بالإضافة الى إستكمال العمل على الجهاز وتطويره أكثر.