لم يكن يكفي لبنان معاناته الأمنية والسياسية والإقتصادية، ولم يكفي اللبنانيين مشاكلهم المعيشية والإجتماعية وإرتفاع نسب البطالة وغيرها من المصائب ... حتى جاءت أزمة النفايات لتزيد الطين بلة، فالمشهد الذي عاشه اللبنانيون مع أو شتوتة هذا العالم، دفع الجميع للتفكير والسؤال ... "في أي غابة نعيش؟".

لا شك بأن كل من يفكر في الهجرة والرحيل الى بلاد أخرى تؤمن له سبل العيش بكرامة، وتقدر مواهبه وأفكاره وإمكانته.. لديه كل الحق في التفكير بذلك، ولكن .... ماذا عن لبنان؟ ماذا عن هذه الأرض التي إحتضنت طفولتنا، وحافظت على ذكرياتنا؟ هل نتركها جميعا لحكامنا ومسؤولينا الفاسدين؟

على الرغم من كل الأسباب التي تدفع بشبابنا الى الهجرة والرحيل... وتسليم أرواحهم وأرواح أطفالهم أحيانا لأمواج البحر عبر الهجرة غير الشرعية.. إلا أنه مازال هناك في لبنان شباب وشابات يؤمنون بالتغيير، ويتمسكون بالأمل... ويسعون لفعل أي شيء ممكن، لتغيير الواقع وتحسين الصورة.

موقع أو مدونة "365 Days of Lebanon"... نموذج عن هذا الإيمان والأمل، فـ"كارن كرم" السيدة اللبنانية التي عاشت 10 سنوات من عمرها في لندن، وعادت منذ سنوات قليلة الى لبنان مع عائلتها، لم تفقد أملها في التغيير، وسعت لتصوير لبنان للبنانيين والعالم كما تراه عيناها.. فأسست موقعها الإلكتروني الخاص الذي ينشر مقالا واحد يوميا، لتكوّن في أخر العام 365 مقالاً وصورة، يتحدث كل مقال منها عن تراثنا، حضارتنا، مناطقنا الجميلة، كلماتنا، عظمائنا، شعبنا الطيب والذكي والمبدع ... وغيرها من الأمور التي يتميز بها لبنان عن أي بلد آخر في العالم.

وفي حديث خاص لموقع "الإقتصاد" قالت كارن كرم أن الفكرة بدأت بعد أزمة النفايات المؤسفة التي وصلنا إليها، والمشاهد المبكية التي عاشها الشعب اللبناني مع بدء فصل الشتاء وتساقط الأمطار. ولفتت الى أن هذا المشهد دفعها في البداية للعودة الى أوروبا، إلا أن حبها للبنان منعها من ذلك، فقررت مستندة الحراك الشعبي من خلال النزول معهم الى الشارع.

وأضافت "شعرت بأنه يجب علي أن أقوم بعمل ما من أجل توصيل رسالة للبنانيين والعالم بأن لبنان يمتلك إمكانات كبيرة، فمناطقنا تعد من أجمل وأروع الأماكن في العالم، وشعبنا الذكي والمبدع والطموح والنشيط قادر على التغيير، تراثنا وكلماتنا وتعابيرنا المضحكة أحيانا هي أجمل من أي لغة في العالم .. كل ذلك دفعني لإنشاء 365 Days of Lebanon لإيصال صورة لبنان الموجودة في عيوني وفكري .. الى جميع الناس".

وتابعت كرم "طريقة حياتي في لبنان ساعدتني كثيرا على تكوين الصورة الحقيقية عن هذا البلد، فأنا أعيش منذ 4 سنوات كسائحة في لبنان .. حيث أقوم في كل نهاية أسبوع بزيارة منطقة أو مكان معيّن.. ورغم أنني زرت كافة المناطق اللبنانية إلا أنه مازال هناك الكثير من الأماكن لأزورها وأتعرف عليها".

وأكملت "بدأت الفكرة على فيسبوك، ولاحظت بأن عدد كبير من الناس أحب هذا العمل، وعدد كبير أيضا من أصدقائي شجعوني على المتابعة، فقمت بتأسيس هذه المدون ةبمساعدة من صديقة لي، حيث لم أكن أعرف كيفية العمل عليها في البداية، ولكن أنا أتقن الكتابة وأحبها.. وأحاول من خلال 365 Days of Lebanon إستغلال هذه الهواية الإضاءة على عظمة بلادنا وجمالها وإمكاناتها وشعبها".

وفي سؤال عما إذا كانت تعتزم إنشاء تطبيق خاص بالهواتف الذكية قالت كرم أنها لم تفكر في هذا الأمر، ولكنها إعتبرت أن هذه الفكرة ممتازة وقادرة على إيصال الرسالة الى عدد أكبر من الناس.

وفيما يخص الإقبال على قراءة مدوناتها أشارت الى أن المدونة أطلقت منذ أربعة أيام فقط، وعدد القراء في تزايد مستمر حيث وصل اليوم الى أكثر من 1500 شخص، ومنهم أشخاص غير لبنانيين.

ولا تسعى كرم حاليت لتحويل هذه الفكرة الى وسيلة للربح المادي، حيث إعتبرت أنها تقوم بهذا العمل لأنها تحبه، ولأنها شعرت بأن هذا أقل شيء يمكن أن تقدمه للبنان.

أما فيما يتعلق بمشاريعها المستقبلية، قالت "طرح علي بعض الأصدقاء تحويل المقالات بعد نهاية العام الأول الى كتاب، وقد إستهوتني الفكرة... لذلك سأعمل على ذلك في المستقبل".