"لا أنظر الى نفسي كامرأة بشكل عام، أو كامرأة محجبة بشكل خاص. وهذا الأمر غير موجود أبدا في اطار عملي". هذا ما أكدت عليه مؤسسة مركز "Low Cal the Diet Clinic" لانا فايد عريسي، وذلك في حديث خاص مع "الاقتصاد"، تمحور حول بداياتها المهنية، والمراحل التي مرت بها حتى وصلت الى مكانها اليوم، اضافة الى رؤيتها لواقع المرأة اللبنانية اليوم في ظل انتشار العقلية الشرقية والذكورية.

حازت لانا فايد عريسي على اجازة وماجستير في علوم التغذية من "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB"، وخضعت لفترة تدريبية في مستشفى "AUH" في الحمرا. ثم تمكنت عام 2005، من تأسيس مركز "Low Cal the Diet Clinic" في بيروت.

- أين كانت البداية ومتى؟

عندما كنت أدرس لنيل شهادة الماجستير، طُلب مني كتابة أطروحة. واخترت أن تكون سريرية، لذلك كان علي اجراء التجارب على البشر، وليس على الفئران.

موضوع أطروحتي كان "effects of high carbs & high fat on reducing diets"، أي آثار الكربوهيدرات والدهون على تخفيف تناول الأغذية، وقمت باختبار 15 شخص. لكن ميزانيتي لم تسمح لي بالذهاب الى مركز غذائي من أجل احضار الأطعمة الخاصة بالتجارب، وبالتالي كان علي تحضير الطعام بنفسي وتوزيعه، اضافة الى القيام بالتخطيط الكامل. وبهذه الطريقة تعلمت واكتبست خبرة في هذا المجال. ويبدو أن الأشخاص الذين أجريت عليهم التجارب، أحبوا تقنياتي، وطلبوا مني الاستمرار في العمل معهم على تخفيف وزنهم، وعرضوا علي المال مقابل الاستمرار في تقديم الطعام.

كنت حينها غير متزوجة وأعيش في منزل والديّ، لذلك واصلت العمل في هذا المجال، حتى تزوجت عام 1999، واضطررت الى التوقف قليلا، للاهتمام بزوجي وأولادي. وفي العام نفسه، أطلقت كتاب "الطبخ العربي الصحي، باعتماد نظام الحمية الغذائية-الريجيم".

بعد سنتين على زواجي ، طلب مني البعض تقديم طعام الغداء فقط، لكن بالنسبة الي، أردت الانتقال الى الاحترافية. في ذلك الوقت، ساعدني والدي وقدم الي شقة، وافتتحت المكان، وبدأت بالعمل مع سيدة كانت تساعدني. كنا نطبخ ونزوع الطعام، وهكذا انطلقنا!

بدأت بالعمل في "Low Cal" في نيسان 2005، مع 10 زبائن فقط. وخلال أسبوع واحد ارتفع العدد الى 50، ومنذ ذلك الوقت انطلقت في رحلتي المهنية.

- من أين حصلت على التمويل اللازم للبدء؟

أعتبر أن التمويل الأساسي جاء من والدي، من خلال الشقة التي قدمها الي. كما أنه أعطاني مبلغ 3000 دولار، لشراء المعدات الأساسية. وبعد فترة، أصبح المركز يمول نفسه بنفسه.

- من هم زبائن "LowCal" اليوم؟

زبائني هم أشخاص مخلصون للغاية، ولم يتخلوا عن "Low Cal" منذ 10 سنوات. فهم يحبون الخدمة الصادقة والشفافة.

ولا بد من الاشارة الى أن الخدمات التي أقدمها هي ذات أسعار مقبولة، اذ نهتم كثيرا بموضوع خدمة الزبائن، ولدينا فريق عمل كامل، مخصص فقط للاهتمام بالزبائن. بالاضافة الى فريق آخر، يهتم بما يحب أو يكره كل زبون. فأنا لا أطبخ وأوصل الطعام فحسب، بل أحرص على أن تكون علبة كل شخص، بحسب احتياجاته، وما يحبه.

- كيف تواجهين المنافسة الكبيرة الموجودة في هذا المجال؟

أنا لا أكترث حقا بالمنافسة، اذ أقدم خدمة عالية، وذات كفاءة عالية، بالاضافة الى حمية علمية مدروسة، مع متابعة قوية جدا.

- هل تمكنت من ايصال "Low Cal" الى خارج لبنان؟

لم أفتتح فرانشايز لـ"Low Cal" خارج لبنان، لكن من وقت الى آخر كنت أوصل الطعام الى أشخاص في الخارج عبر الطائرة.

اشارة الى أنني لم أعمد الى افتتاح فرع خارج لبنان، لأن عائلتي مهمة جدا بالنسبة الي؛ رغم أنني أحب العمل كثيرا. اذ شعرت أنني لا أريد تضييع الوقت المخصص لعائلتي من أجل توسيع أعمالي.

- ما هي الصعوبات التي تواجهك خلال العمل في هذا المجال؟

الصعوبات في البداية كانت تتمثل في الأحوال في البلد. ففي العام 2005 استشهد الرئيس رفيق الحريري، وفي 2006 حصلت حرب تموز... بالاضافة الى صعوبة في التدفق النقدي، بسبب الوضع العام في لبنان. ولا أعتقد أنني الشخص الوحيد الذي يعاني من هذا الأمر، بل إن كل الأعمال تتأثر سلبا بالأوضاع السياسية والأمنية المتأزمة.

- هل تعرضت يوما الى أي تمييز في اطار العمل لمجرد كونك امرأة؟

لم أتعرض يوما الى هذا النوع من التمييز، فأنا لا أنظر الى نفسي كامرأة بشكل عام، أو كامرأة محجبة بشكل خاص. وهذا الأمر غير موجود في اطار عملي، فالعمل هو عمل، ولا أترك المجال لأحد أن يشك في قدراتي.

- ما هي برأيك الصفات التي ساهمت في نجاحك المهني؟

النجاح من عند الله، لكن مقومات التقدم تتمثل في وجود خلفية قوية جدا، ومتابعة مستمرة لأحدث التقينات العلمية، اضافة الى الاحترافية والمهنية.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟

أطمح أن أحقق انجازا في بلدي، وأتمنى افتتاح منتجعا غذائيا (diet resort)، يقدم المتابعة النفسية والرياضية والغذائية للأشخاص الذين يسعون الى خسارة الوزن، ويعلمهم أصول الحميات وتقنياتها.

الفكرة معروفة جدا خارج لبنان، لكن محليا لدينا العديد من المناطق الجميلة التي علينا استكشافها.

- كيف تمكنت من التنسيق بين مسيرتك المهنية ومسؤولياتك العائلية؟

في البداية كان الأمر صعب جدا، خاصة أن أولادي كانوا صغارا في السن، لذلك كنت أضطر الى اصطحابهم معي دائما الى العمل. لكن الآن عندما كبروا أصبح الأمر أسهل بكثير. فكل المرأة تواجه معضلة عندما تسعى الى التواجد مع عائلتها، والى تحقيق مسيرة مهنية ناجحة في الوقت نفسه. ودائما ما تكون التضحيات من وقتها الخاص!

- ما هي برأيك المعوقات التي تقف في طريق تقدم المرأة في لبنان؟

المعوق الأكبر للجميع يكمن في الحالة في لبنان، والترقب الأمني والاقتصادي في المنطقة كلها.

لكن المرأة تواجه العقلية الشرقية والذكورية التي تجبرها في الكثير من الأحيان على التخلي عن طموحاتها وأحلامها، والبقاء في المنزل.

انما شخصيا، أرى من نفسي مسؤولة عن عملي، وعن منزلي وأولادي. لذلك يبنغي اعطاء المرأة ثقة أكبر، لأنها تتمتع بقدرات أكبر من الرجل، وهذا الأمر أثبت علميا أكثر من مرة.

- كيف تقيمين دور الرجل في لبنان بشكل عام، وفي مسيرتك المهنية بشكل خاص؟

في لبنان لدينا "رجل يعمّر وآخر يدمّر". أما بالنسبة الى تجربتي الخاصة، فمسيرتي بدأت بمساعدة والدي الذي كان الداعم الأكبر منذ أيام في الجامعة، وذلك من خلال اصراره على تعليمي كي أصل الى أكبر شهادة ممكنة. اضافة الى الدعم المادي الذي قدمه الي. واليوم لا شك في أنني أتلقى دعما واسعا من زوجي.

- ما رأيك بالتقدم الذي حققته المرأة في لبنان على صعيد الحقوق؟

نحن بحاجة الى المزيد من التقدم، لأن المرأة تتمتع بقدرات كبيرة، وتستطيع تقديم الكثير. لكنها محاصرة من قبل العقلية الشرقية التي تحد من قدراتها وطموحاتها، وتقدمها. علما أن العديد من النساء، استطعن تخطي هذه الحدود وتحقيق أكبر النجاحات. لكن هناك فئة من النساء اللواتي ينشغلن بأنفسهن، ويركزن على الاهتمام بجمالهن وأجسامهن وثيابهن. وهذه الفئة سمحت بأن ينظر البعض الى المرأة اللبنانية كسلعة، وليس كشخص له دور فاعل في المجتمع.

- هل لديك طموح سياسي؟ وهل تؤيدين اقرار الكوتا النسائية في المجلس النيابي؟

ليس لدي طموح سياسي، بل أكره السياسة في بلدي. علما أن هذا المجال بشكل عام هو جميل جدا، لكنني لا أحبه في لبنان.

انما اقرار الكوتا ضروري جدا، اذ يجب أن يزيد عدد النساء في البرلمان، وأن يكون ثلث المجلس مخصص للمرأة، وذلك لأن أكثر من نصف المجتمع الفاعل هو من النساء.

- نصيحة الى المرأة.

أنصح المرأة أن تثق بنفسها دوما!