تشكو وسائل الإعلام اللبنانية المرئية والمسموعة والمكتوبة من ضائقة مالية كبيرة أدت الى عجزها عن سداد اكلافها التشغيلية، والى صرف عدد كبير من الموظفين لتخفيف الأعباء المالية، في ظل تراجع العائدات الإعلانية. ولايزال الموظفون الموجودون في عدد كبير من التلفيزيونات والجرائد يعانون كثيرا بسبب تأخر الرواتب لأشهر عدة.

والفرضية الجاهزة في الإجابة عن سر استمرار هذه المؤسسات حتى الأن هي التمويل السياسي من الداخل والخارج الذي وضع إعلامنا في صراع مفتوح محليا وإقليميا، وأفقد "الرسالة الإعلامية" المصداقية والموضوعية المطلوبة، وجعل من "السلطة الرابعة" سلطة تابعة للأفرقاء السياسيين، تعمل لصالحهم ولصالح أهدافهم.

وهذا الأمر يطرح تساؤلا كبيرا ليس فقط حول مستقبل الإعلاميين والصحافيين، بل حول مستقبل كافة موظفي المؤسسات الإعلامية بدءا من مدير المؤسسة وصولا الى حراس الأمن. فمن يحفظ حق هؤلاء في ظل الأوضاع الإقصادية والإجتماعية الصعبة التي يمر بها لبنان؟ وهل هناك من مطالبين بحقوقهم؟

غصن: للتشدد في تطبيق القانون عند عمليات الصرف ... ولاسيما الجماعية منها

في هذا السياق أشار رئيس الإتحاد العاملي العام غسان غصن في حديث لـ"الإقتصاد" أن أي موظف يتعرض لصرف تعسفي دون الحصول على حقوقه كاملة في أي مؤسسة وليس فقط في مؤسسات إعلامية، فإن الإتحاد العاملي العام سيكون الى جانبه، وأنه "جاهز لمراجعة وزارة العمل وإجراء المقتضى بهذا الأمر، أو العمل عبر المجالس التحكيمية التي لنا فيها ممثلين لمتابعة قضايا العمال".

وقال غصن "عندما تتعرض أي مؤسسة لضائقة مالية لأي سبب من الأسباب، فلا يجب البدء بتخفيض الأكلاف من خلال صرف العمال، خصوصا أن هذا الأمر متفق عليه سابقا بين المؤسسات ووزارة العمل والإتحاد العمالي العام".

وأضاف أنه على الرغم من أن القانون أعطى الحق للمؤسسات في الإستغناء عن موظفين في حال تعرض المؤسسة لضائقة مالية او لخسائر كبيرة، إلا أن هذا الأمر يعتبر ظالما بحقوق العمال، لذلك فإن الإتحاد العمالي العام يطالب الجهات المعنية بالتشدد في تطبيق هذه المادة من القانون، إذ لا يجب أن تقوم أي مؤسسة فورا بصرف العمال والموظفين بمجرد تعرضها لبعض الخسائر في فترة معينة، فعمليات إجراءات الصرف لا تتم بهذا الشكل بل تخضع لأصول وقواعد ومفاوضات مع العمال والنقابات، ويتم إعطاء مهل زمنية ... وغيرها من الأمور.

ولفت الى أن هناك تجاوب من قبل الوزارة لطلب الإتحاد العمالي العام بالتشدد في تطبيق القانون عندما يتعلق الأمر بصرف موظفين، حيث برهنت الوزارة في أكثر من مناسبة أنها لا تسمح بمصادرة حقوق العمال.

وفي سؤال حول قضية موظفي "باك"، وموقف الإتحاد العمالي العام مما يحصل في هذا الملف أشار غصن الى أن المشكلة هي بسبب أصحاب الشركة الذين لم يلتزموا بالإتفاق الذي تم التوصل إليه سابقا برعاية وزارة العمل والمحاميين الخاصين بالشركة، وهذا ما دفع بالموظفين الى التحرك مجددا.

وأشار الى أن الإتحاد العمالي واكب تحركات موظفي "باك" في السابق، وأنه على إستعداد لمواكبتهم والوقوف الى جانبهم مجددا إذا كان هذا الأمر سيساهم في حصولهم على حقوقهم.

وتابع غصن قائلا "أن الإتحاد العمالي العام سيواصل التحرك من أجل التشدد في تطبيق القانون عند عمليات الصرف، ولاسيما عمليات الصرف الجماعية، خصوصا ان بعض المؤسسات تصرف عمال وتوظف عمال أخرين ويد عاملة أرخص". وأكد أنهم جاهزون للتدخل دائما على المستوى القانوني، وعلى مستوى الضغط في الشارع عند تعرض أي عمال في أي مؤسسة للظلم.

وختم بأن الإتحاد سيواصل تحركه أيضا بعد عيد الفطر لإستكمال العمل الذي بدأه في ملف تصحيح الأجور، لانه لا يجوز أن تبقى الأجور على ما هي عليه في ظل زيادة الغلاء المعيشي وإرتفاع نسبة الفقر.

من جهة أخرى وإستكمالا لموضوع وسائل الإعلام اللبنانية وضائقتها المالية، تحدثت "الإقتصاد" مع زملاء إعلاميين في مؤسستين كبيرتين، حيث أكدوا لنا أنهم لم يحصلوا على رواتبهم منذ أكثر من ثلاثة أشهر، كما أشار أحدهم الى أن عددا كبيرا من الموظفين الموجودين في مؤسستهم يعملون منذ ثلاث سنوات دون تثبيت أو ضمان، وهذا ما يجعل المؤسسة قادرة على الإستغناء عنهم في أي لحظة بدون دفع أي تعويضات.

فإلى متى سيبقى الصحافيون والإعلاميون عرضة للخوف والقلق على مستقبلهم؟ وهم اللذين يحملون أرواحهم على كفوفهم في الكثير من الأحيان، من أجل إيصال الصورة الحقيقية للمواطن اللبناني.