قال وزير ​الصناعة​ حسين الحاج حسن "لا يمكن أن تستقر سياسات تنموية ومستدامة من دون استقرار أمني وسياسي. ولكننا مع الأسف نمر في مرحلة اضطراب سياسي في لبنان، اضف اليه الاضطراب الامني في كل المنطقة، على امل ألا يطول وألا تطول هذه الفترة المظلمة. لا استقرار تنموياً اذاً من دون استقرار سياسي وامني. ولكننا سنفعل ما نستطيع ولن نيأس. شهدنا الكثير من المؤتمرات عن التنمية وعن المحافظة على البيئة، لكن الكلام الكثير عن السياسات التنموية يبقى كلاماً، فالفقر والجوع لم ينكفئا".

جاء ذلك خلال افتتاحه ورشة العمل عن " التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة في خطة التنمية لما بعد 2015: منظور من لبنان والاردن" التي ينظمها المكتب الاقليمي لمنظمة الامم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) في الاسكوا.

وأضاف الحاج حسن "السياسات المعلنة خاطئة أو ان النيات غير سليمة. فكل مرة يتضاعف تنظيم المؤتمرات للتنمية، تتفاقم الحروب، وتزداد الشعوب الفقيرة فقراً وجوعاً. ان القوي يضع القوانين ليسيطر من خلالها على العالم. وعندما يزداد الغني غنى، يزداد الفقير فقراً. هذه هي المعادلة. ولا تقدّم على صعيد الخروج من هذا الواقع رغم كل ما يقال. اضف الى ذلك كيف يمكن تمويل التنمية من الدول الغنية وهي تعاني اصلاً من دين عام وعجز هائل في موازناتها؟ وكيف يمكن الطلب من الدول النامية وغير الصناعية ان تلتزم بالشروط البيئية، فيما الدول الصناعية الكبرى هي الاكثر تلوثاً كما انها ترفض الانضمام الى معاهدات الحد من الانبعاثات كاتفاقية كيوتو غيرها.؟ وبالتالي ان الدول الغنية هي سبب المشاكل وليست الدول الفقيرة. والدول الغنية هي التي لا تلتزم اتفاقات التجارة الحرة فيما تفرض على الدول الاضعف والاكثر فقراً ان تخفض انتاجها والا تفرض عليها الضغوط والعقوبات؟ أما نحن في لبنان، فليس لدينا سياسة اقتصادية – اجتماعية – بيئية طويلة الأمد ومتكاملة لمواجهة هذه التحديات. وعند تغيير الحكومات، قد يتبنى وزير جديد سياسة مغايرة للذي سبقه. فكيف تستمر سياسات تنموية بهذه العقلية السياسية؟في لبنان طاقات بشرية ومستوى تعليمي وجامعي رفيع، كما اننا لانحتاج الى التمويل بوجود ودائع في المصارف تقارب الـ 180 مليار دولار."وبعدما شرح المشاكل التي تعترض تطوير القطاع الصناعي والتي تتعلق بارتفاع كلفة الانتاج والسياسة العقارية المتفلتة، وعزاها الى ما قبل الطائف بسبب السياسات الخاطئة والرافضة لدعم الصناعة والزراعة في لبنان، وليس بسبب الاوضاع الامنية والسياسية التي يتحجج بها البعض، رأى الوزير الحاج حسن أن المطلوب تأمين البيئة الحاضنة للمستثمرين في الصناعة، وان تفتح الأسواق الخارجية امام منتجاته التي تتمتع بالجودة والمواصفات الدولية، والا يعامل لبنان على اساس انه بلد استهلاكي.واضاف:" مشكلتنا في الاساس ان بعض المسؤولين تصرفوا على اساس ان لبنان اقتصاده ريعي وليس انتاجياً. وليس صحيحاً أن الانتقال الى صناعة المعرفة قد يكون الحلّ على حساب الصناعات التقليدية. فهل اوقفت الدول الاوروبية واليابان والولايات المتحدة تصنيع الورق والكرتون والاحذية والالبسة وهي تصنع فقط الصناعات التكنولوجية؟ نحن نريد اقتصاداً قوياً قائماً على الانتاج والتطوير والتحديث وصولاً الى تأمين العدالة الاجتماعية."   واذ طلب من المؤتمرين ان يطلعوه على الصناعات الجديدة التي يقترحون ادخالها الى لبنان تعزيزاً للتنمية الصناعية المستدامة، كشف ان الولايات المتحدة تفرض 240% رسوماً جمركية على مستورداتها من صناعة الطاقة المتجددة التي مصدرها الصين لحماية انتاجها الوطني. وقال:" اما نحن، فإذا لجأنا الى تدبير حمائي معين لحماية قطاع صناعي مهدد بالاغراق، أسوة بما تقوم به سائر دول العالم يحصل الانقسام الداخلي وتسيّس القضية وتتدخّل السفارات. فازاء هذا الواقع كيف يمكن للمصانع ان تنتج وتصدّر اذا لم نعمل على تامين البيئة الحاضنة للاستثمار الصناعي في لبنان؟".

وتحدث خلال الورشة ممثل اليونيدو كريستيانو باسيني فقال: "تأتي ورشة العمل هذه في سياق استكمال جدول الأعمال الذي وضع للسنوات التالية للعام 2015 من أجل مواجهة  الصعوبات والتحديات التي تهدد امكانيات التطور والاستقرار في المنطقة العربية وتعيق التحوّل السياسي والاقتصادي اللازم من اجل تحقيق النموّ المستدام.إنّ اليونيدو، وإيماناً منها بأنَّه لا يمكن تحقيق الإستقرار والنمو الإقتصادي في المستقبل إلا من خلال إحداث تغييرات هيكلية في اقتصاداتنا، باتباع مسارات متكاملة ومستدامة من أجل تحقيق التنمية الصناعية، قدّمت خبراتها التقنية والتحليلية منذ العام 2013 و حتى اليوم بغية تحقيق هذا الهدف. واجتماعنا اليوم هو فرصة لتبادل المعلومات والاستماع الى وجهات النظر من المسؤولين اللبنانيين و الأردنيين ومناقشة سبل مواجهة وتخطي العقبات من أجل تحقيق التنمية المستدامة".

ثم تحدثت مديرة شعبة سياسات التنمية المستدامة في الاسكوا رولا مجدلاني: "ترتبط التنمية الصناعية بمفهوم التنمية المستدامة بركائزها الثلاث، الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ارتباطاً وثيقاً وترتكز على مقاربات تتقاطع مع استخدام الموارد الطبيعية وتساهم في خلق فرص العمل وتحقيق نسب نمو افضل وبناء اقتصادات قوية للدول. كما ان التنمية الصناعية تساهم في بناء ركائز تكنولوجية تتميّز بالتخصّص والتنوع لتكون قادرة على مواجهة التحديات المرتبطة بالتنافسية والصمود في وجه الازمات الاقتصادية".

ثم تحدثت مديرة الشؤون الاقتصادية في وزارة الخارجية والمغتربين السفيرة دونا الترك:" تعتري هذه الورشة اهمية على صعيدين: الاول لانها تاتي في وقت دقيق من اجندة التنمية حيث ان هذا الاجتماع يتزامن مع المفاوضات الحاصلة في نيويورك لاقرار الوثيقة الختامية لاجندة التنمية والتي ستقدّم في ايلول المقبل ولاقرار الوثيقة الاخيرة التي ستقدم في المؤتمر الثالث حول تمويل التنمية في اديس بابا في تموز المقبل. وان مقررات اديس بابا ستكون حاسمة وستشكل عنصراً اساسياً في وثيقة ايلول. والصعيد الثاني لانها تلقي الضوء في ظل نظام معقد على قطاع اساسي للاقتصاد اللبناني وللتنمية، اذ تعطي زخماً لتجديد الالتزام السياسي بالتنمية الشاملة والمستدامة وابراز دور اليونيدو كمنظمة رئيسية داخل منظومة الامم المتحدة في الاستجابة لتطوير حاجات ومطالب الدول النامية ولما يمكن ان تؤمن الصناعة من فرص عمل منتجة، وتسهيل للاندماج الاجتماعي وادماج المرأة والشباب في عملية التنمية وتطوير الشراكة بين العام والاخص، وتسهيل عملية نقل وتحديث التكنولوجيا فضلاً عن بناء القدرات التجارية وتشجيع الصناعات الزراعية."

وتحدث المستشار الديبلوماسي في وزارة الخارجية الاردنية  محمد طراونة: "سبق للاردن ان استضاف في عمان الاجتماع العربي التحضيري لمناقشة هذا الموضوع. ووضعت المناقشات قاعدة لمراجعة اهداف الالفية التنموية وما تحقق منها، وجرى عرض لخطة التنمية لما بعد 2015، بما فيها وضع اهداف التنمية المستدامة التي تدعم الاولويات التي تحتاجها منطقتنا. وان الاردن يدعم دور مدير عام منظمة اليونيدو والمنظمة بحد ذاتها لتلعب دور المضيف للمناقشات المتعددة الهادفة الى نشر الخطوط التي تحدد التنمية الصناعية بما يتلاءم مع اعلان ليما".

وتحدث رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين د.فادي الجميل ثمّن فيها التعاون البناء مع منظمة اليونيدو كما نوّه بالرؤية التي اطلقتها وزارة الصناعة في احتفال اليوم الوطني للصناعة اللبنانية، وقال: " اننا نؤمن انه كما للدولة دور اساسي في تأمين نهوض اقتصادي مستدام، كذلك على كل مؤسسة وقطاع اعادة تحديد دور جديد يتماشى مع تحديات العولمة وانفتاح الاسواق ويتطلب الرهان على الميزات التفاضلية وهذا يتطلب جهداً وعملاً دؤوباً." وكرّر مطالبته المسؤولين " وضع سياسات اقصادية واضحة والاهتمام بالشباب اللبناني لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني وتأمين فرص عمل جديدة. وعلى الرغم من الاوضاع القائمة والصعوبات المحلية والاقليمية والدولية ما زلنا نؤمن بالقطاعات الصناعية اللبنانية ودورها الاساسي في الاقتصاد."