تخصصت فاديا عبيد شاكر في الهندسة الداخلية والرسوم ثلاثية الأبعاد في بيروت، ثم حازت على اجازة في تصميم الفنادق من أكاديمية "دوموس" في ميلانو، إيطاليا. عملت في شركات معروفة في لبنان والخارج، قبل أن تؤسس شركتها الخاصة في بيروت عام 2009. وتشمل المشاريع التي قامت بها مؤخرا، عددا من الشقق السكنية الراقية، وعمليات الترميم، ومجموعة من المطاعم الراقية والمحلات التجارية في لبنان والمنطقة العربية، بالإضافة إلى تصميم يخت بطول 42 مترا.

بنت سمعتها من خلال خلق المساحات الداخلية الفاخرة، التي تتميز ببساطتها وجاذبيتها ولمساتها الأخيرة الممتازة. كما اشتهرت بالتعاون مع فريق عمل يقدر قيمة الثقافات المتنوعة، وأنماط الحياة المختلفة، من خلال خبرة كبيرة على الصعيد الدولي مع عملاء من الشرق الأوسط وأوروبا.

"الاقتصاد" التقت مع مؤسسة شركة "Fadia O Chaker Design" للهندسة، فاديا عبيد شاكر، للحديث عن مسيرتها الطويلة في هذا المجال، ومراحل تأسيس شركتها، اضافة الى رؤيتها لواقع المرأة اللبنانية اليوم من ناحية الحقوق والحياة الاجتماعية.

- أين كانت الانطلاقة ومتى؟

الانطلاقة كانت عبر عدد من شركات الديكور، وكان الهدف من هذا التنقل السريع اكتساب الخبرات من مصادر عدة. وبما أنني لم أمارس هذه المهنة عبر الوراثة العائلية، كغالبية المهن المتناقلة من اهل الى اولاد، كنت أجد نفسي في بيئة جديدة وقاسية جداً من حيث المنافسة. ولكن ما ساعدني على التقدم والنجاح هو المثابرة وعدم الاستسلام.

- كيف أتتك فكرة تأسيس "Fadia O Chaker Design"؟ ومن أين حصلت على التمويل اللازم للبدء؟

تأسيس شركتي الخاصة كانت فكرة متداولة في ذهني منذ السنة الجامعية الأولى، كما كانت النصيحة الوحيدة من والدي الذي أعتبره ملهمي ومثالي اﻷعلى. أما التمويل، فحصلت عليه من عملي السابق في شركات الهندسة، بالاضافة الى أعمالي الحرة مع عملاء خاصين.

- من هم زبائن "Fadia O Chaker Design"؟ وما الذي يميز شركتك عن غيرها؟

زبائني هم فئة من الأشخاص الذين يبحثون عن الذوق الرفيع، والتصاميم الحديثة التي تميزهم عن غيرهم، مع الأخذ بعين الاعتبار الابتكارات التكنولوجية، وطرق دمجها مع تصاميمي، من أجل توفير رفاهية لا تأتي على حساب التصميم نفسه. بالاضافة الى تقديم تصاميم فريدة من نوعها لكل مشروع. فأنا أعتبر أن كل زبون يقصدني هو خاص، وبالتالي فإن كل عمل يكون متميزا ويعكس مزاج وأسلوب حياة متطلبات العملاء.

- ما هي الصعوبات المهنية التي تواجهك في هذا المجال؟

الصعوبة الأكبر هي عدم إدراك بعض الزبائن لطبيعة عملي؛ مثلا حين أريد تصميم شقة ما، ﻻ أقبل أن تكون شبيهة لأي شقة أخرى. فأحيانا يأتي الزبون بفكرة مسبقة رآها في أحد اﻷماكن. كما قد يكون في بعض الأحيان كثير التردد، وغير مدرك لما يريده بالتحديد.

لهذا السبب أضع لائحة أسئلة مع أصحاب الشقة، وأكوّن فكرة عن ذوقهم، لتكون النتيجة مزيجا ما بين تصميمي، وبيت يشبه صاحبه.

- هل تعرضت يوما الى أي تمييز في اطار العمل لمجرد كونك امرأة؟

ليس بمعنى التمييز ما بين الجنسين، بل أكثر منها المفاجئة التي ترتسم على وجوه العمال المتواجدين في الورشة. بمعنى آخر، يعتبر البعض أن الأعمال التنفيذية في مواقع المشاريع، مقتصرة على الرجال فقط، فيتساءلون ماذا أفعل بينهم.

ولا بد من الاشارة الى أنني أفضل العمل التنفيذي على الأرض. فلا شك في أن العمل وراء المكتب ممتع، ولكن الفعل الحقيقي يظهر على الأرض.

- ما هي برأيك الصفات التي ساهمت في نجاحك؟

هناك عوامل عدة ساعدتني على الوصول، مثل المصداقية مع الزبائن والتصاميم التي تميز كل زبون عن غيره. مثلاً عند الاتفاق على موعد للتسليم، نلتزم به إن كان على صعيد التصميم أو التنفيذ. ففي التنفيذ نصادف أحيانا مشاكل عدة غير محسوبة مسبقا، ولكن من خلال خبرتنا الطويلة، لا نسمح لأي عائق بأن يسبب لنا تأخير في الموعد المحدد.

كما هناك عامل آخر، وهو عدم إزعاج الزبون بمشاكل الورشة، فخدماتنا تتميز في تنفيذ المشروع  من الألف الى الياء.

- ما هي رؤيتك للمستقبل؟

مشاريعي المستقبلية كثيرة، والجزء الأكبر منها يتعلق في التصميم، أي ابتكار علامة تجارية لمنتجاتي الخاصة، مثل المفروشات والقطع الفنية وغيرها. وذلك اذا ما وجدت الوقت الكافي، فكوني امرأة وأم عاملة، قد يشكل عاملا سلبياً، وأنا أحاول بقدر الامكان الجمع ببن عائلتي وعملي.

- كيف تمكنت حتى اليوم من التنسيق بين عائلتك وعملك؟

التنسيق بين عملي وحياتي الخاصة هو أمر في غاية الصعوبة، فالطفل بحاجة ماسة لوجود أهله الى جانبه في غالبية الأوقات. وهذا ما خلق لدي ضغط نفسي وجسدي. ولكن بمساعدة زوجي وأهلي، تمكنت من تخطي هذه الضغوطات.

ولا بد من القول أنني أحاول بشكل دائم الفصل بين وقت العمل، ووقتي مع عائلتي. كما أركز على ترك كل مشاكل ومتاعب العمل في المكتب، وعدم خلط الأمور ببعضها البعض.

- على صعيد حقوق المرأة، ما هي برأيك المعوقات التي تقف في طريق تقدم النساء اللبنانيات؟

المعوقات التي تقف في وجه تقدم المرأة اللبنانية هي العقلية الشرقية المترسخة في عقول بعض الرجال، وذلك لأن المجتمع اللبناني لا يزال مجتمعا شرقيا، ولو في بعض الأحيان بطريقة مقنعة؛ فالحجة تكون دائما إنجاب الأولاد، والقيام بالأعمال المنزلية، وتربية الأطفال... وهذه الأمور تشكل عوائق أمام المرأة. من خلال توسيع نطاق مسؤولياتها، تصل الى مكان محبط يحد من طموحاتها.

- كيف تقيمين دور الرجل في مسيرتك المهنية؟

اذا كنا نتكلم عن الرجل الذي أصادفه في العمل، فدوره محدود جدا، إن كان من المهندسين أو العمال في الورش. فالمهندس يحاول الايحاء بأنه المسيطر على الوضع، وبأنني ضعيفة وبحاجة الى مساعدته، وبالتالي تكون ردة فعلي تجاهله كليا وكأنه غير موجود. أما العمال فيكون موقفهم متفاجئا بوجود امراة تصول وتجول بينهم، وتوزع المهام يمينا ويساراً.

اما اذا كنا نتحدث عن زوجي أو والدي، فلطالما كان وجودهما أساسيا في حياتي، وكانا مصدرا للدعم والمساندة والمساعدة.

- ما رأيك بالتقدم الذي حققته المرأة في لبنان على صعيد الحقوق؟

لا أرى تقدما ملحوظا، فلا زلنا نسمع بتكرار جرائم الشرف والغيرة، دون محاسبة الفاعل. بالاضافة الى منع المرأة اللبنانية من اعطاء جنسيتها الى أولادها فقط لأنها متزوجة من رجل غير لبناني.

- هل لديك طموح سياسي؟ وهل تؤيدين اقرار الكوتا النسائية في المجلس النيابي؟

ليس لديّ أي طموح سياسي في لبنان، لكنني أؤيد إعطاء كوتا للرجال في المجلس النيابي، فالمرأة يجب أن تكون هي الحاكمة ﻻ الرجل، لأنها تمتلك أمران أساسيان لتكون حاكما عادلا؛ أولاً لأنها تعطي الحياة عبر الولادة، ومن يعطي الحياة من الصعب عليه أن يأخذها. وثانيا لأنها تعامل بالعدل، اذ لا وجود لأم تفرّق بين أولادها مهما كثر عددهم، بل تعاملهم جميعا المعاملة نفسها.

- في النهاية ما هي نصيحتك للمرأة؟

أقول للمرأة: "حافظي على ثقتك بقدراتك وعلى إرادتك القوية. وكوني دوما متفائلة، واعملي بجهد. لا تقللي من شأن نفسك، ولا تسمحي لأي شخص بأن يشعرك بأنك أقل أهمية".