من الصعب في أحيان كثيرة أن يحتفظ أصحاب العمل ب​الموظفين​ العاملين لديهم، خاصة أولئك الذين يمتلكون الموهبة ويتميزون في أعمالهم. وإن توافر الاستقرار الوظيفي داخل أي شركة، يعتبر مؤشراً إيجابياً على حسن سير إدارة الشركة ورضى الموظفين عن البيئة التي يعملون بها.

وللوصول الى هذه النتيجة يتطلب الامر تبادل شبه متساوٍ في أهداف الأعمال والتحديات، الى جانب الشعور المشترك بقيمة العمل، وهذا ينطبق -بدون شك- على المدراء التنفيذيين أو الموظفين على حد سواء. وهو كذلك طريق ذو اتجاهين من الاحترام المتبادل والثقة.

وبحسب الدراسات، فإن مما يثير القلق لدى المؤسسات هو أن حوالي 54.7% من المهنيين في منطقة الشرق الأوسط وشما افريقيا يقومون بترك وظائفهم فور حصولهم على وظيفة أخرى. وذلك لأن نحو 45.2% من الموظفين في هذه المنطقة يشعرون بعدم الرضى عن رواتبهم.

ويصعب في العادة على أصحاب العمل أن يتقبلوا إستقالة العاملين لديهم، خاصة اذا ما كانوا من ذوي المهارات والمواهب. ومع صعوبة هذا النوع من المشكلات، يتعين على أصحاب الأعمال مواجهتها في مرحلة ما.

وفي هذا السياق، ينبغي معرفة كيفية يضمن المدراء عدم خسارة أفضل الموظفين لديهم؟  وما هي المفاتيح للتمكن من الفوز بولائهم من أجل ضمان الإستقرار، وهل توجد طرق لزيادة الولاء والمشاركة  في مكان العمل؟

1- تقديم رواتب تنافسية

كشفت دراسات بشأن الحفاظ على الموظفين أن نحو 26.6% من الموظفين العاملين في منطقة الشرق الأوسط يرون بأن رفع الرواتب وزيادة الفوائد هما العامل الأهم للحفاظ على الموظفين، إذ أن الرضى الوظيفي يرتبط بشكل وثيق فيما توفر الشركات للعاملين لديها من رواتب عالية. وبذلك فإن الراتب المنخفض يعتبر المصدر الرئيسي للتوتر بين العامل والادارة في العمل.

واذا ما أردت الاحتفاظ بأصحاب المواهب في شركتك، ينبغي التفكير باستراتيجيات مكافآت مختلفة، عبر تقديم رواتب تنافسية في مجال عملهم. إذ أن زيادة الراتب تعني المزيد من الإنتاجية وتحقيق نتائج متميزة.

2- الإصغاء الى الموظفين

الإصغاء الى آراء الموظفين العاملين في الشركة وتعليقاتهم، يعتبر الوسيلة الأفضل لكسب احترامهم وثقتهم.

يجب أن تستمع الى ما يقدّموه من اقتراحات تهدف الى تطوير الأعمال، كما عليك أن تصغي الى آرائهم نظرتهم لتحسين العمل وكيف يصنّفون أنفسهم ضمن هذه المتغييرات والتطورات.

فإتاحة الفرصة أمامهم لمشاركة آرائهم وأفكارهم واتخاذهم لقرارات تتعلق بأدوارهم الوظيفية، هو أمر يعتبرؤ من أهم العوامل التي تعمل على تعزيز ولائهم تجاه عملهم وتحفيز ثقتهم بأنفسهم.

3- العمل مهم ولكنه ليس الأهم

من غير الممكن أن تتجاهل الشركات ضرورة توفير التوازن بين الحياة والعمل للموظفين العاملين لديها. وفيما يتعلق بالإندفاع، فقد كشفت الدراسات أن التوازن بين الحياة ومجال العمل هو احد أهم العوامل التي تساهم بتحفيز الموظفين وحثّهم على العمل.

وليس صعباً أن يتم تأمين هذا التوازن للعاملين، إذ أنه لا يتطلب سوى بعض التغييرات السهلة والبسيطة، والتي منها اعتماد الدوام الجزئي، وساعات العمل المرنة، وتقديم إجازات مطولة  للعاملين في الشركة منذ مدة طويلة، أو السماح لهم بالعمل عن بعد.

ويرى نحو 22.7% من الموظفين في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا أن التمتع بجدول أعمال مرن بنفس عدد ساعات العمل سيحل مشاكلهم الوظيفية في حين يفضل 10.4% العمل من المنزل.

إذن، يتوجب على الادارة فقط إحترام إحتياجات موظفيها وتلبيتها، وذلك ضمن إطار ممارسات الاعمال السليمة.

4- الإعتراف بجهود الموظفين

الثناء المتواصل والمستمر على الموظفين وجهودهم وإنجازاتهم يعتبر من العوامل الرئيسية التي ترفع معنوياتهم. إذ أن تقدير الأداء الجيد هو من العوامل المهمة للإحتفاظ بالموظفين. لهذا ينبغي على مدير العمل تقديم التعليقات الإيجابية والبناءة بشكل متواصل بهدف تحفيز العاملين وتشجيعهم، وتقدير العمل الجيد يرفع معنويات الموظف الى حد كبير، مما يسهّل على المدير ارشاده وتوجيهه. وقد أثبتت الكثير من الدراسات أن الشركات التي تعترف بمساهمات الموظفين لديها وتقدر أعمالهم، تمكنت من التخلص من الأسباب الرئيسية لتبدّل الموظفين.

ويرغب معظم الموظفين بالتمتع بمزايا المرونة في وظائفهم، لذا فإنهم يستمرون مع صاحب العمل الذي يضمن لهم تحقيق ذلك. فثبات المناوبات، ومنح الإجازات التي يقضي فيها الموظف بعض الأمور الشخصية، اضافة الى المبادرات التي تعود بالنفع على أسرته، كلها تعتبر من الأمور التي تحظى بالتقدير من جانب الموظف.

وتجدر الاشارة الى ان الموظفين يقدرون صاحب العمل الذي يقّدر فترة الخدمة الطويلة. وفي حين أن منح مكافآت الالتحاق بالعمل أمر منطقي جداً في الأسواق محدودة العمالة، فإن على أصحاب العمل أيضاً أن يقدّروا قدامى الموظفين لديهم.

5-  ابقاء المجال مفتوحا أمام التواصل

أصحاب العمل الناجحون يدركون جيداً أهمية تدفق المعلومات والتواصل فيما بين المراكز والطبقات بكل سلاسة. ويعملون دائما على تشجيع الموظفيهن لديهم للتعبير عما يراودهم من أفكار وطموحات ومخاوف.

وعلى المدير كذلك، ابقاء موظفيه على اطلاع كامل حول ادارة الشركة ورؤيتها ومهمّتها وأهدافها وادائها ومبادراتها الجديدة.

تحدث مع الموظف عن أهدافه التي يرسمها على المدى القريب والبعيد، واسأله عن تطلعاته وطموحاته، وترجمها في جدول أعماله. واعلم أن الاستماع الى الموظف حتى في حال استصعبت تلبية طلباته هو أمر حيوي جداً يساهم بتعزيز ولائه وحبّه للعمل.

وقد اظهرت الدراسات ان الموظف الذي يشعر بالتقدير يكون وفياً تجاه شركته. يمكنك وضع مبادرات خاصة واستثنائية تحدد أفضل الموظفين لديك، وتقدرهم وتحفّزهم ما يعمل على تعزيز ولائهم. فبيئة العمل التي يتم فيها تقدير الجدارة، ويكسب فيها الموظف المهني المكافآت التي يستحقها مقابل جهوده الخاصة، هي أكثر بيئات العمل نجاحاً في الحفاظ على الموظفين الرئيسيين على المدى البعيد.