على الرغم من رداءة الوضع الإقتصادي وتخبطه، لم يؤثر ذلك على الوضع النقدي الذي يحافظ على استقراره، بحسب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إذ قال بأن لبنان يشهد ارتفاعا في الودائع بنسبة 6% سنويا، فضلا عن فائض في السيولة التي تتجاوز الـ16 مليار دولار مما يتيح للمصارف تسليف القطاع الخاص ضمن الحدود التي تفرضها تعاميم مصرف لبنان..

للحديث عن الأوضاع الإقتصادية ووضع المصارف والمؤسسات المالية، كان للنشرة الإقتصادية حديث خاص مع رئيس التجمع الإقتصادي الإجتماعي من أجل لبنان "SEAL" الخبير الإقتصادي الدكتور ألفرد رياشي، والذي شدد على أن للنسب المرتفعة من العمولات الأجنبية أثر إيجابي واحد وهو دعم الليرة، ولكن تقييم نسبة السيولة المرتفعة يعني بأن المؤسسات لا "تتوسع"، مما سيؤثر على النمو.

وقال رياشي تُقسم الإنعكسات السلبية على الإقتصاد اللبناني الى عدة نواحي، الناحية الأولى هو تحول النمو الى نمو سلبي، الثانية هو التصنيف الإئتماني للمصارف والذي يعتبر بمثابة العمود الفقري للإقتصاد اللبناني، والذي من الممكن ان يشهد تراجعاً بالتصنيف اذا بقي الأداء الإقتصادي على حاله، وبالتالي قد تشهد المصارف حالة من انخفاض القابلية "attractivness"، وقد تتجه الأمور الى قلة أكثر بالإستثمارات أو عدم تشجيعها. أضاف: قد نشهد أيضاً حالة من الركود، وهناك خوف على المصارف من هروب وهجرة الرساميل الى الخارج جراء التخفيض الإئتماني، أضف الى ذلك تراجع عمل الإستثمار الأجنبي، والذي من المرجح ان نصل الى 0% او نسب متدنية جداً.

وأضاف: في حال شهدنا تخفيضات جديدة للتصنيف الإئتماني اللبناني فالآثار ستكون كبيرة، والتأثير المباشر سوف يكون على  المصارف  والمودعين، فالقسم الأكبر من المصارف سوف تفقد ثقة المودعين، مما يؤدي ذلك الى سحب ممنهج للودائع، وبالتالي عندما تفقد المصارف السيولة تتأثر من ناحية القيام بمتوجباتها المالية (دفع الرواتب)، وتتأثر قدرتها بإعطاء القروض لتحريك العجلة الإقتصادية. والقدرة على إعطاء القروض لن تبقى بالفعالية نفسها، وسوف تصاب بالكثير من التحفظ، أو سوف تلجأ الى رفع معدلات الفائدة، والتي بدورها تؤثر سلباً على "الثقة".

وعن نسبة النمو المستهدفة 2% قال رياشي: "أستبعد هذه الفرضية ومن الصعب ان نصل إليها للاسباب التالية: الوضع الإقتصادي ليس أفضل من العام السابق خصوصاً في القطاعات المتضررة مثل القطاع السياحي والإستثماري والأهم القطاع العقاري، الذي كان المحرك الأساسي للإقتصاد منذ العام 2008 الى 2011، اليوم جميع هذه القطاعات بحالة ركود شديدة. لا زيادة في الإستثمارات ولا مستثمرين أجانب في لبنان والأرقام والنسب تشيرالى ذلك، موضحاً ": إذا وصلنا الى نسبة 1 أو 1.5% سيكون انجازاً بالفعل".  

وعن تصريحات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بأن لبنان يشهد ارتفاعا في الودائع بنسبة 6% سنوياً أوضح رياشي: صحيح، نسبة السيولة من العمولات الأجنبية مرتفعة، ولهذا الأمر شيء إيجابي واحد، هو دعم الليرة. ولكن إذا قمنا بتقييم نسبة السيولة بموجودات أية مؤسسة ووجدنا انها مرتفعة، عندها نرى بأن تلك المؤسسة لا تقوم بتشغيل أموالها، وهذا يعني انها لا "تتوسع"، مما سيحول دون نموها او ستنمو بشكل طفيف ومحدود، وهذه هو الإنعكاس السلبي...

وردأ على سؤال حول إذا ما كانت الثقة عند المستثمرين في لبنان ما تزال موجودة قال رياشي: كما يبدو ومن خلال الأرقام، لقد بدأت الثقة بالتراجع، نظراً لعدم وجود أوضاع مشجعة على الإستثمار ونظراً لعدم وجود أية مبادرة تشجيعية كافية لتنمية بعض القطاعات، على سبيل المثال لا الحصر القطاع العقاري كان قطاع جيد، ومن القطاعات المحركة للإقتصاد اللبناني، لكنه تراجع ولم يتم دعمه لإستعادة بريقه.