في ظل الأزمات الأمنية والسياسية المتلاحقة وما ينتج عنها من أثار سلبية تؤثر على الإقتصاد، بدا جلياً بان العجلة الإقتصادية في لبنان في حركة ذو مفعول رجعي، لا تطورات في الملفات الإجتماعية، لا سلسلة رواتب، لا خطة انقاذية وحتى لا يوجد إدارة حكيمة للأزمة في ظل الإنقسام السياسي وغياب رئيس الجمهورية، "البارومتر" الحقيقي للتطورات الأمنية والإقتصادية. يقول الخبير الإقتصادي وليد أبو سليمان في حوار شامل مع النشرة الإقتصادية بأنه وكنتيجة للتطورات يرزح الإقتصاد تحت ضغط كبير، والتفاؤل بدأ يتلاشى مما ينذر بعواقب النتائج. كما وأوضح أبو سليمان بأن الإتفاق السياسي من شأنه ايجاد حلول للملفات العالقة لا سيما منها اقرار السلسلة. 

ما هي الإتجاهات الإقتصادية للبنان في ظل الأزمات الأمنية والسياسية المتلاحقة ؟

يرزح الإقتصاد تحت ضغط كبير في ظل التقلبات الأمنية والسياسية، والتفاؤل الذي حصل ما بعد تشكيل الحكومة بدأ يتلاشى ويتآكل بسبب التقلبات الأمنية والإنقسام السياسي الحاد وإخفقات الدولة بموضوع انتخابات رئاسة الجمهورية. ووصلنا الى مرحلة لم تعد خافية على أحد بأن المجلس النيابي سيمدد لنفسه والتي ستشكل الضربة القاضية للديمقراطية وللمستثمرين والمستهلكين في لبنان.

وما هي انعكاسات تمديد المجلس النيابي على الإقتصاد؟

يؤدي التمديد بالدرجة الأولى الى انخفاض الإستثمارات الأجنبية المباشرة والغير مباشرة، الى جانب الانخفاض الحاد بالإستهلاك..وكل هذه الأمور تعد بمثابة مؤشرات إقتصادية سلبية، وتؤدي الى أسر الإقتصاد بما ان النمو الذي كان متوقع بحوالي 2% ستكون بأفضل حالته 1% فقط عند  نهاية العام. إضافة الى مسألة النمو يعاني لبنان من مسائل اجتماعية تتفاقم. منها سلسلة الرتب والرواتب إضافة الى مشكلة المياومين وتثبيتهم وأزمة المياه والكهرباء وأخيراً أزمة اللاجئين السوريين والتي شكلت ضغط هائل على الإقتصاد من خلال الإتجاه نحو الفقر والبطالة حيث أن المزاحمة على العمل بشتى المجالات سوف يؤدي الى إرتفاع البطالة والفقر بين المواطنين اللبنانيين.  

يبدو ان السلسلة لن تقر... ما هي التداعيات الإقتصادية والإجتماعية التي قد تترتب عن عدم إقرارها ؟

سلسلة "الرتب والرواتب" أصبحت مقايضات سياسية، اليوم يبدو ان الواردات قد تم تأمينها مقابل النفقات في موضوع السلسلة، انما الإختلاف هو إختلاف سياسي بحت ويدفع ثمنه كونه الضحية الأولى للأسف العامل اللبناني في القطاع العام والضحية الثانية هم الطلاب. واصدار الإفادات تذكر بالأحداث الأليمة والحرب مع الأسف. مع العلم بأن أقرار السلسة لن يحمل أية التضخم لأن التضخم سبق وحصل قبل الحديث عن إمكانية اقرار السلسة..وأنا أجزم بأن الليرة اللبنانية محصنة ضد الإنهيار إذا ضخ أكثر من 1600 الى 1700 مليار ليرة لأن البنك المركزي لديه من العملات  والإحتياط الاجنبي ما يكفيه أن يتدخل ويلجم أي انهيار لليرة اللبنانية.

برأيك هل الثقة ما زالت موجودة عند المستثمرين في لبنان؟

كشف تقرير صدر مؤخراً عن "بنك بيبلوس" و"الجامعة الأميركية" في بيروت ان ثقة المستهلك في لبنان الى انخفاض وتراجع. اما من ناحية الإستثمار نشهد في لبنان إحجام عن الإستثمار في كافة القطاعات ولا سيما القطاع العقاري والسياحي . فالقطاع العقاري يشهد طلب داخلي فقط وليس خارجي، ولطالما كان المحرك الأساسي لهذا القطاع هم المغتربيين اللبنانيين و العرب. وهنا نؤكد بأن الإستثمارات الخارجية انخفضت أيضاً بما لا يقل عن 60 الى 65% مقارنة بالسنوات الماضية  نتيجة للتجاذبات السياسية والتقلبات الأمنية. 

هل سنشهد برأيك تخفيضات جديدة للتصنيف الإئتماني اللبناني وما هي الأثار التي يتركها التخفيض ؟

نحن نعلم أن التصنيف الإئتماني للبنان هو "-B" وفي حال خفض التصنيف سوف يكون هناك مشكلة كبيرة، وهذا يؤثر سلباً على الإستدانة أو تكلفة الإستدانة التي سترتفع والتي بدورها سوف تدفع الحكومة اللبنانية برفع الفوائد على اصدارتها الجديدة. مما سيشكل تضخم للدين والعام وتضخم العجز بميزانية الدولة.  

ما هو تقييمك لقطاع الإتصالات خصوصاً بعض الإصلاحات التي بدأها الوزير بطرس حرب ؟

أريد أن أوضح أمران، الأمر الاول هو أن مجلس الوزراء أقر منذ سنوات شركة ثالثة منافس "ليبان تيليكوم" وبقي القرار حبراً على ورق. والأمر الثاني هو ان التخفيضات التي أجراها وزير الإتصالات بطرس حرب لابأس بها انما كانت ارتجالية، شعبوية وغير كافية، لأن أي تخفيض للسعر يجب أن يرافقه نسبة مستخدمين مرتفعة أكثر من نسبة تخفيض السعر، بالإضافة الى أننا نشهد ضغط على الشبكة قبل تخفيض الأسعار. فشبكة الإتصالات تعاني والإنترنت يعاني والدليل هو إجتماع الوزير مع شركتي الإتصالات والبحث معهم بالموضوع. مع العلم بأنه كان هناك توصية من قبل الشركات بانه يجب على الوزارة توسيع الشبكة قبل إجراء تخفيضات، انما الوزراة ارتأت التخفيض دون التوسيع مما أدى الى تردي قطاع الإتصالات.

ما هي الحلول المناسبة لمشكلة شح المياه؟

نعلم بأن إحدى ثروات لبنان الطبيعة غير النفط هي المياه. ونعلم أيضاً بأن هدرالمياه بكميات كبيرة. وللأسف الإعاقات والكباش السياسي في البلاد أدى الى عدم الإستثمار وإنشاء السدود والذي بدوره ادى هذا الكباش الى الهدر ومن ثم شح المياه. فالخطة المائية بإنشاء السدود بحاجة الى أن تتابع. ولو إستكملت هذه الخطة لكان بإستطاع مخزون المياه في لبنان التصدير الى تركيا وليس العكس. الإستثمارات في الدولة والنفقات يجب أن تكون أيضاً على المشاريع الإستثمارية وليس فقط على العجز بالميزانية والكهرباء.