إرتبط إسم مدينة طرابلس في السنوات الأخيرة مع كل حدث أمني كان يحصل في لبنان، وكل ذلك بسبب قلة من الخارجين عن القانون والمجرمين بإسم الدين، الذين فرضوا على أهلها جولات من القتال كادت أن توصل المدينة الى حرب أهلية جديدة، متناسين بذلك تاريخ طرابلس العريق الذي بدأ منذ ألاف السنين مع الفينيقيين، وإستمر على مر العصور لتخرّج المدينة العديد من العلماء والمبدعين الذين ذاع صيتهم ووصلوا الى العالمية.

وعلى الرغم من كل ما مرت به طرابلس في السنوات الأخيرة، مازالت حتى اليوم مركزا للشباب المثقف المبدع الذي أثبت قدراته الكبيرة في شتى المجالات، وإستطاع بإمكانات بسيطة إبهار الجميع. ومن هؤلاء مصطفى قبضاكي الشاب الطرابلسي الذي حلم منذ صغره بإمتلاك سيارة رياضية مميزة، تضاهي بتصميمها أجمل وأروع السيارات الرياضية في العالم. ولأن إمكاناته المادية المتوسطة لا تسمح له بشراء سيارة رياضية، وصيانتها دوريا، قرر مصطفي صناعة سيارة خاصة بنفسه، فخرج من أحياء طرابلس الفقيرة وبإمكانات أهلها البسيطة بتصمم رائع لسيارة رياضية أسماها "Spider car".

وللحديث أكثر عن هذه السيارة المميزة، كان للنشرة الإقتصادية حديث خاص مع مصطفى الذي أشار الى أن هذا الحلم كان يراوده منذ الصغر، وأنه أصرّ على تنفيذه عندما أصبح لدى أصدقائه سيارات رياضية حديثة، وقرر الإنطلاق من داخل المناطق الشعبية الطرابلسية.

ويقول مصطفى أن رسم السيارة على الورق دام 4 أشهر، وبعدها نزل الى الشارع لمحاولة تنفيذ الرسم مع عمّال بسيطين من مختلف الإختصاصات، مثل الحدادين والعاملين في مجال الدهان وغيره. وفي البداية تم إستخدام هيكل من سيارة يابانية الصنع  نوع "Infiniti G35" كهيكل مبدأي، لأنه وبحسب مصطفى لا يوجد في كل لبنان مصنع يستطيع صنع هيكل خاص، وبدأ العمل على هذا المشروع بطريقته الخاصة ووفقاً للخرائط التي رسمها وبمساعدة فريق من العمال المحليين الذين لا يتمتعون بالخبرة الكافية، مما إضطرهم لإعادة تصنيع القطع من مادة "الفايبر" أكثر من مرة.

ويضيف مصطفى أن العمل إستمر ثلاثة سنوات، حيث واجتهم العديد من العقبات المادية والتقنية، بالإضافة الى المشكلات الأمنية وجولات القتال التي كانت تضطرهم للتوقف عن العمل على المشروع لشهور.

وعن تكلفة المشروع الإجمالية يقول مصطفى أن الكلفة وصلت الى 300 ألف دولار أميركي، وكلها من أمواله الخاصة، ولكنه يؤكد أنه بعد تحويل هذا المشروع الى صناعة فعلية، لن تكون التكلفة بهذا الحجم، حيث أن الهيكل الأن أصبح موجودا، ويمكن تصنيع هياكل أخرى بسهولة بالإعتماد على هذا الهيكل.

ويحلم مصطفى أن يضع للسيارة محرك كبير بقوة حوالي 700 حصان، ولكن إمكانياته المادية لا تسمح له بذلك، والمحرك الموجود على السيارة حاليا هو محرّك  "Infiniti 270 hp"، الذي يعد صغيرا نسبيا مقارنة مع هيكل السيارة. ويقول أن المشكلة تكمن أيضا بأنه لا يمكن صناعة هذا المحرك في لبنان، لكن عندما يتوفر الدعم المادي يصبح كل شيء سهل، فالعمل الصعب إنتهى وهو الشكل الخارج.

كما لفت الى أنهم تواصلوا مع أحدى الشركات الكبيرة لصناعة محرك بقوة 700 حصان، وتبلغ  قيمة كلفة المحرّك مع ناقل السرعة حوالي 100 ألف دولار وهي كلفة كبيرة جدا، مضيفا بأنهم كانوا يرغبون بأن يحمل هذا المحرك اسم "طرابلس 1"، ولكن الأوضاع الأمنية لعبت دوراً أساسياً في عرقلة العمل، إضافة الى التفجيرات والإضرابات التي كانت محطة مفصلية في تدهور وضع مصطفى المادي الذي كان في اساس محدوداً، وهذه الأسباب مجتمعة منعتهم من الإستمرار، بعد الوصول لهذه المرحلة.

ويقول مصطفى أنه لم يبدي أحد في لبنان إهتمامه في الإستثمار بهذا المشروع وتحويله الى صناعة، على الرغم من أن هكذا صناعة يمكن أن تؤمن الألاف من فرص العمل، وأشار أنه تلقى دعوة للمشاركة في أهم معرض للسيارات الرياضية في جدة، وأنه سيذهب بعد شهرين الى هناك، لإيصال رسالة للعالم بأن طرابلس هي مدينة العلم والعلماء والسلم والعيش المشترك، وأن لبنان هو بلد الإنفتاح والحضارة والإبداع.

وختم مصطفى بأن هذا المشروع هو مشروع طرابلسي وأن استثماره سيغيّر من صورة طرابلس وسيرفع اسم لبنان، مؤكدا أن حلمه هو رؤية هذه السيارة تصنّع في هذا البلد، بدلا من أن يذهب هذا المشروع الى الخارج.