أشار رئيس "التجمع الاجتماعي والاقتصادي من أجل لبنان" الدكتور الفرد رياشي، خلال مقابلة اجرتها معه النشرة الاقتصادية، بأن الفراغ من شأنه خلق توترات قد تعكس سلباً على صعيد الإستثمار، وبأن الحالة العامة التي رافقت موضوع سلسلة الرتب والرواتب، هي نتيجة للأخطاء المراكمة من قبل الحكومات السابقة المتعاقبة، وانه في حال اقرت سوف تؤدي الى تضخم يصيب  قطاعات عدة ، وشدد على ضرورة ايجاد مصادر تمويل لها، كما أوضح بأن الملف السوري يكبد لبنان حوالي المليارين ونصف المليار دولار في السنة الواحدة، ولفت الى ان القطاع السياحي في لبنان الى تحسن ولكن بحاجة لبعض الوقت نظراً للخسائر المسجلة مسبقاً والمتراكمة.

وقال رياشي: "لا يوجد ادنى شك بأن عدم وجود استقرار سياسي في لبنان سوف يؤدي الى توتر، وبدوره التوتر ينعكس سلباً على اكثر من صعيد ، الاول يتعلق  بالمستثمر اللبناني الداخلي، الذي يصبح لديه نوع من التردد والقلق من امكانية عدم اقامة مشاريع استثمارية جديدة، أو توسيع استثمارات حالية، نظراً لكون الأوضاع قد تتطور نحو الأسوأ، مما يضع المستثمر نفسه في خانة الترقب والانتظار "wait and see".

"الصعيد الثاني يتمثل بالانعكاس السلبي على المغتربين، والأجانب، والذين يرون بأن الخلافات في هذا البلد كبيرة، ويوجد العديد من علامات التساؤل حول ما ستؤول اليه الأمور، فهذه التساؤلات تؤدي الى التحفظ في أخذ المبادرات نحو الإستثمار في لبنان. وهذا الوضع يؤدي الى جمود، ويخلق نوع من التشنجات قد لا تكون مثل السابق ولكن بطبيعة الحال هذا التشنج سوف يحمل ارتدادات سلبية على نمو الإستثمار وعلى قطاعات أخرى مثل القطاع السياحي. فموضوع الرئاسة الأولى بحاجة الى الحلول الجذرية  المسؤولة، بالوقت الذي اعتدنا فيه على الحلول "المخدرة" التي لا تأخذنا الى أمور جذرية وعملاقة تؤدي  بنا في  نهاية المطاف الى نهضة البلد".

وفي ما يخص موضوع سلسلة الرتب والرواتب أشار رياشي: "الى ان العملية بشكل عام كأنما تضعنا امام خيارين، خيار "سيء" و خيار "سيء"، الخطأ يقع على الحكومة ما قبل الحالية، مع العلم بأن الحكومات السابقة ايضاً تحمل جزءاً من المسؤولية".

وبيّن بأن الخطأ يكمن في اعطاء حقوق اساتذة الجامعة اللبنانية والقضاة، ما أدى بالقطاعات الأخرى مثل القطاع العام الى المطالبة بحقوقهم، فالحوافز المالية تم اعطاءها للقضاة واساتذة الجامعة اللبنانية، وحجبها عن اساتذة المدارس الحكومية. وعندما وضعت السلسة لم يوجد لها اطار لتمويلها، وتم الحديث عن تمويل مؤقت.

واضاف: "على سبيل المثال المخالفات البحرية التي تعطي حوالي 600 او 700 مليون دولار، مع العلم بانه لا يوجد تقديرات صحيحة في لبنان للاسف، والزيادة التي كلفت بحدود مليار و 500 مليون دولار، قد يكون بالإمكان تمويلها و لكن قسماً كبيراً من هذا التمويل لن يكون متوفراً العام المقبل، لأن هذا التمويل نابع عن ضرائب ومخالفات قديمة غير مدفوعة، مع العلم بأن تحصيلها لن يكون سهلاً ايضاً".

وأوضح قائلاً: "الامر الثاني والحساس هو ان التحصيل سيكون لمرة واحدة فقط، فإمكانية تغطية المليار و 500 مليون دولار لهذا العام قد لا نجده العام المقبل. وكان من الأجدى على الحكومة والمصرف المركزي العمل على النمو أكثر، لأن النمو قادر على تحريك الواردات مما سيؤدي الى تغطية العجز، ووجود الفائض المالي دون الوقوع بالعجز يؤدي الى اعطاء الزيادات الى الموظفين، فالقاعدة التي تطبق على الشركات تطبق على الصعيد العام".

ورداً على سؤال حول ما اذا كانت الزيادة بنسبة 121% بمثابة كارثة على الخزينة في حال أقرّت، قال رياشي: "سوف يصيب التضخم عدة قطاعات ولكن لن يكون في وقته، لانه يوجد ما يعرف بمصطلح stagflation  والذي يجمع بين stagnation الركود + Inflation التضخم، أي بمعنى انخفاض القدرة الشرائية، "التضخم يفيد بوجود حالة التضخم مع النمو". والعملية هنا سوف تؤدي الى وجود "الركود التضخمي" دون وجود انعكسات ايجابية لها، والحل يكون بوضع خطة طوارئ اقتصادية وتشكيل لجنة تفكر بوضع استراتيجية جديدة للنمو، ولتحفيز النمو، وتلبية الحاجات المستحقة الطارئة مثل موضوع سلسلة الرتب والرواتب.

وأردف قائلاً بإن الحكومات المتعاقبة منذ العام 2008 و 2009 لم تطرح مشاريع مهمة، وكـ"تجمع الاقتصادي الاجتماعي من أجل لبنان" طرحنا مشاريع مشجعة مثل مشروع "الطاقة البديلة"، لأنها من المشاريع التي قد تضخ في السوق عدة مليارات من الدولارات وقسم أخر من الأموال قد يأتي عبر قروض ميسرة ومدعومة من الخارج ومن الهيئات الدولية، ولدينا عتب على المصرف المركزي من ناحية واحدة لأنه دائم التحفظ ويضع نسب كبيرة، ما يعطي ربحية كبيرة للمصارف الخاصة في سندات الخزينة، ومع زيادة هذه النسب تصبح حركة النمو الاقتصادية في لبنان ابطأ مما يجب ان تكون. فوجود كمية كبيرة من الأموال بدلا من اعطائها على شكل قروض الى القطاعات التجارية والخاصة، يتم وضع قسم كبير منها في استثمار سندات الخزينة اللبنانية. أما الأموال المتبقية القليلة تعطى بشكل قروض مدعومة..."

وعن امكانية تشريع زراعة الحشيشة كمصدر من مصادر تمويل السلسلة قال رياشي: "كنا من الأوائل من الذين نادوا عبر  وسائل اعلامية  عدة بتشريع زراعة الحشيشية، ولكن ضد الإدمان والتعاطي بالطبع، فالعملية يجب ان تركز على صناعة الأدوية. وعند اعتماد سلطة لا مركزية وبنظام رقابي يعمل على تهيئة بنيته بعض الهيئات دولية مثل "UNDP"، و"الإسكوا"، تدر هذه الصناعة على لبنان  المليارات من الدولارات. مع التأكيد على ايجاد نظام رقابي دقيق لها، و التركيز على منافعها الصحية،  وليس لهدف تصديرها الى هولندا مثلا"ً.

وتعليقاً على التبعات السلبية للنزوح السوري أوضح الخبير الإقتصادي ألفرد رياشي بأن لبنان يتكبد مليارين ونصف المليار دولار في العام، ومنذ بدء الأزمة لحد الآن تكبد لبنان حوالي 7 مليارات دولار من الخزينة وهذا الرقم يكفي لتغطية نفقات السلسلة، فالدولة تنفق حوالي مليارين ونصف المليار دولار على الطبابة والتعليم والأمن للمواطنين السوريين، ولم يأتي العديد من المبالغ التي تكفي لسد الحاجة.

وعن توقعاته للموسم السياحي قال رياشي: "أتوقع ان نرى نمو أكثر من قبل لأن الوضع أفضل، "ليس بالمثالي" لكنه أفضل ولأن عملية تشكيل الحكومة الى جانب المبادرات التي قامت بها البعض من دول الخليج لا سيما السماح بعودة رعاياهم  الى جانب الخطة الأمنية في الشمال والبقاع،  خلق نوعاً من الإستقرار الايجابي.  لذا من المتوقع ان يكون هناك تحسن في القطاع السياحي، ولكن قد لا نرى نتائجه السريعة لانه سيكون تدريجياً وبسبب حصول بعض الخسارات السابقة لذا التحسن بحاجة للوقت".