بقيت متعلقة بجذورها الشرق أوسطية بشكل عام واللبنانية بشكل خاص، رغم عيشها لفترة طويلة في الولايات المتحدة وبريطانيا، ولم تنس تقاليدنا وعاداتنا الغذائية وأطباقنا الشهية، فقررت أن تبوح بهذه الأسرار الى العالم، من خلال مطبخها الافتراضي الذي يلاقي شعبية واسعة في بلدان عدة. انها مؤسسة المدونة الالكترونية "Dirty Kitchen Secrets"، وشركة "Taste Lebanon" و"Food Blogger Connect"، بيثاني كعدي، التي كان لـ"النشرة الاقتصادية" حديث خاص معها، للتعرف أكثر على أعمالها المتنوعة، وعلى تقييمها لوضع المرأة في لبنان اليوم.

- من هي بيثاني كعدي؟

أنا باحثة غذائية لبنانية – أميركية، أركز اهتمامي على مأكولات الشرق الأوسط، وثقافة هذه المنطقة.

نشرت كتاب الطبخ "The Jewelled Kitchen" الحائز على عدد من الجوائز، والذي يتمحور حول المأكولات الشرق الأوسطية. كما أسست شركة "Taste Lebanon" للسفريات، المتخصصة بتنظيم رحلات خاصة بالطهي الى لبنان.

وأنا أيضا مؤسسة المدونة الغذائية "Food Blogger Connect" التي تنظم المحاضرات والمؤتمرات على الانترنت حول الغذاء، والتي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها، وتستقطب المهتمين بالأطباق الشهية من مختلف أنحاء بريطانيا والعالم. اضافة الى أنني أكتب في مدونة "Dirty Kitchen Secrets" الخاصة بالأطعمة.

- أخبرينا عن بداياتك في هذا المجال؟

كل شيء بدأ عام 2008 مع مدونة "Dirty Kitchen Secrets"، التي أطلقتها بعدما انتقلت من الولايات المتحدة للعيش في بريطانيا. وسرعان ما أطلقت بعدها "Food Blogger Connect" و"Taste Lebanon".

بعد ذلك، عُرضت علي صفقة كتاب طبخ، ومن هنا ولد "The Jewelled Kitchen". وهكذا انطلقت في هذه الرحلة الطويلة في عالم المأكولات.

- ما هي "Dirty Kitchen Secrets" و"Taste Lebanon" و"Food Blogger Connect"؟

"Dirty Kitchen Secrets" هي مدونة الكترونية (Food blog) أطلقتها عام 2008، مقسمة حول مواضيع عدة مثل الفطور، الحلويات، المشروبات، المقبلات، وغيرها، حيث أنشر وصفات لأطعمة شرق اوسطية شهية جدا.

من خلال "Taste Lebanon"، التي انطلقت عام 2011، نقدم أفضل تجربة في مجال الطهي، لأن هذه الخدمة مصممة للأشخاص الذين يحبون ويقدرون الطعام اللبناني، والذين يبحثون عن تجربة مميزة. هدفنا هو تقديم تجارب فريدة من نوعها، لن يعيشها الشخص أثناء سفره لوحده.

نقدم فرصا نادرة لضيوفنا للالتقاء بأشخاص من جميع المناطق اللبنانية، في منازلهم، لتعلم تقنيات الطبخ الأصيلة وأسرار الأطباق الشهية باستخدام خدماتنا.

أطلق "Food Blogger Connect" عام 2009، وهو المنتدى الأول من نوعه في أوروبا، اذ يجمع بين الحائزين على الجوائز، والنجوم، والمتحدثين والمحاضرين في مجال الأطعمة، ويستقطب المدونين من جميع أنحاء أوروبا وخارجها وكندا والولايات المتحدة وسنغافورة والبرازيل والهند والإمارات.

خلال سنوات قليلة، وضعنا المعايير وبرهنا أن هذا المنتدى هو ذات قيمة عالية، اذ وصلت أخبار الحدث الأخير الذي نظمناه الى حوالي 7.5 مليون مغرّد على "تويتر" على الصعيد العالمي.

- من أين حصلت على التمويل اللازم لاطلاق هذه الخدمات؟

أصريت في البداية على اطلاق الشركتين دون الافراط في التحضيرات والاعدادات والمخططات. فأنا أؤمن بأنه من المهم جدا الاقدام على خطوة ما والمحاولة، بدلا من الإفراط في التخطيط لها.

لكن على الرغم من ذلك، لدي جانب حذر جدا، وأحاول قدر الامكان، في كل ما أقوم به، التأكد من قراراتي ودراستها بدقة لتفادي الوقوع في دائرة الفشل.

- كيف تواجهين المنافسة؟ وما الذي يميزك عن غيرك من المتخصصين في مجال الأطعمة وكتب الطهي؟

منذ اطلاق "Food Blogger Connect"، واجهنا منافسة كبيرة، والكثيرون حاولوا تقلينا، لكنني أعتقد أن قدرتنا التنافسية ترتكز على ردود الفعل الايجابية والمشجعة التي ننالها من المتابعين. وهذا الأمر يحثنا على أن نسعى جاهدين باستمرار، لخلق أفكار جديدة وتقديم الأفضل. فنحن ننظر دوما الى كيفية القيام بالأمور بشكل مختلف.

فكرة "Taste Lebanon" جديدة ومبتكرة، وبالتالي لا تنافس الشركات السياحية التجارية الموجودة بالفعل. فنحن هدفنا تقديم جولات صغيرة وشخصية، بحيث يشعر الشخص وكأنه مسافر مع الأصدقاء. واستخدام هذا الأسلوب لجذب الناس،يعزز حقا من ميزتنا التنافسية.

اللبنانيون يحبون فكرة "Taste Lebanon"، ومن الرائع حقا رؤية وجوههم عندما أخبرهم عن الجولات التي نقوم بها، وألتمس أنهم يشعرون بالرغبة في استكشاف البلاد والبحث في الأعماق.

"Taste Lebanon" تجتذب السياح من كافة أنحاء العالم، وأحدث فيديو نشرناه على موقع "يوتيب" نال شعبية واسعة وعدد مشاهدات كبير.

- ما هي أبرز الصعوبات التي صادفتك؟

كل انسان يواجه يوميا الصعوبات المهنية التقليدية، لكن بالنسبة الي هناك صعوبة واحدة أتصارع معها لسنوات، وهي التمكن من ايصال لبنان الى التلفزيونات الغربية للحديث عن مأكولاتنا وثقافتنا. فهذا ليس أمر سهل في الغرب لأسباب عدة، لكننا مع الوقت نتعلم أن نحترم الحسنات والسيئات في عملنا. وأنا أحاول قدر المستطاع أن أستمتع بما أقوم به بغض النظر عن العوائق والمشاكل.

- هل ميزك أحد سلبيا في اطار العمل لأنك امرأة؟

نعم لا بد من الاعتراف أنني واجهت مرات عدة تمييزا لأنني امرأة، لكنني لم أسمح لهذا الأمر بالتأثير علي، بل فرضت نفسي وقناعاتي، ولو ولّد هذا الأمر نوعا من السخرية لدى البعض.

- ما هي الصفات التي ساهمت في تقدمك المهني؟

تربيتي كانت مثيرة جدا للاهتمام، اذ واجهت تحديات كبيرة خلال نشأتي، ومررت بالكثير من المراحل الصعبة والمختلفة، التي جعلتني أؤمن بأن كل شيء ممكن اذا ثابرنا وأصرينا على أهدافنا.

الحياة غرست في نفسي محركا قاسيا وغاضبا، يدفعني الى النمو والتقدم، وعدم التقيد بأية حدود.

- ما هي خططك المستقبلية؟ وما الأهداف التي ترغبين في تحقيقها؟

أطمح أن أبني شركة ناجحة وعلامة تجارية متميزة على الصعيد العالمي، والحصول على فريق عمل متماسك، بامكانه توفير قاعدة أساسية متينة، تتيح لي متابعة اهتماماتي الأخرى والسعي نحو المزيد من النجاحات.

- ما هي برأيك العقبات التي تقف في طريق تحسن وضع المرأة في لبنان؟

تواجه النساء في لبنان عقبات واسعة النطاق، فهذا البلد هو اليوم على حافة الحرب الأهلية، والسلطات الحاكمة ضعيفة جدا، والموارد الموجودة فيه تُستنفذ يوما بعد يوم، والاقتصاد ينحدر...

إضافة إلى ذلك، لبنان ينتمي الى حد كبير الى خانة المجتمع الذكوري التقليدي، كما أن أصوات الأديان والطوائف، لا يزال صداها يتردد بصوت عال، وتأثيرها ضخم على المجال السياسي.

كما أن المجتمع اللبناني يعتمد على مفهوم "عيب" لتحديد خيارات المرأة. اضافة الى القواعد والأعراف التي تؤثر على النساء وتحدد لهن الأولويات بالمال والجمال، على حساب الاستقلالية. مما يخلق حواجز كبيرة أمام فرص تحسين وضع المرأة في المجتمع.

فأحيانا ايجاد الاستقلالية يعمل على تحويل الأولويات لدى الشخص.

- في مجال حقوق المرأة، كيف تقيمين الإنجازات الأخيرة التي تم التوصل اليها في لبنان؟

أعتقد أن حقيقة أننا بدأنا في مناقشة فكرة عدم المساواة في الحقوق، والطعن فيها، يشكل بداية جيدة، لكن لا يزال لدينا بالتأكيد مسيرة طويلة.

على سبيل المثال، قانون العنف الأسري لا يذهب بعيدا بما فيه الكفاية كي يشمل تجريم الاغتصاب الزوجي.

وبالإضافة إلى ذلك، الشرطة لا يجب أن تتعلم القانون فحسب، بل عليها التدقيق فيه بشكل مستقل لضمان تطبيقه دون أي تحيز.

ولكن كما قلت، انها البداية، لذلك نحن بحاجة إلى الاستمرار في تحدي الوضع الراهن، والتوحد في سبيل هذه القضية، وعدم الاستسلام. كما علينا أن نبذل قصارى جهدنا من أجل تحسين حقوق الإنسان، لضمان مستقبل أكثر إيجابية.

-  كيف تقيمين دور الرجل في مسيرتك المهنية؟

عدد الرجال في فريق العمل ليس كبيرا، وأنا في الواقع محاطة بأكثرية نسائية في شركاتي. لكنني أنا لا أفرق حقا بين رجل وامرأة، وأرحب بكل شخص، طالما أن مهاراته تتلاءم مع الوظيفة والمنصب.

- هل لديك أي طموح سياسي؟ وهل تعتقدين أنه ينبغي أن يكون هناك حصة محددة للنساء في البرلمان؟

لا أعتقد أن هناك حاجة لوجود حصة للمرأة في البرلمان، لأن هذا الأمر يستوجب ملء المركز المحدد، دون الاهتمام الى مؤهلات النساء المرشحات. وبهذه الطريقة لا يتحقق التوازن الحقيقي.

ربما الحصص قد تكون مفيدة للمساعدة في إنشاء قاعدة أو معيار حول وجود المرأة في الحياة السياسية، ولكن التحول في العقليات هو أهم بكثير من الكوتا. اذ يجب أن لا يعتمد الناس على جنس الانسان كمؤهل، على على قدراته وخبراته ومؤهلاته المهنية الحقيقية.

لكننا بالتأكيد نحتاج إلى المزيد من النساء في البرلمان، لأن المرأة قد تكون أكثر ميلا للتركيز على القضايا التي تهم النساء. علما أنني أؤمن بأن الشخص الذي يسعى الى أن يكون نائبا عن الأمة، مهما كان جنسه يجب أن يفهم ويهتم ويرعى قضايا المرأة والرجل في آن واحد.

أما بالنسبة لطموحي السياسي، فأنا لا أؤمن بأن السياسة هي السبيل الوحيد لإحداث التغيير، لكن لا شيء مستحيل، فربما أصبح وزيرا للسياحة في يوم من الأيام.