هل تعلم متى حدث اول سك للعملة المعدنية؟؟؟ في مملكة "ليديا"...

هي مملكة من العصر الحديدي تقع في غرب اسيا الصغرى "تركيا اليوم"، وبحسب المؤرخ اليوناني هيرودوتس فإن الشعوب الليدية هم اول من استخدموا الذهب والنقود والفضة، واول من انشأ محلات البيع بالتجزئة، في مواقع دائمة.

اذا كنت مهتما للاطلاع على  الحكاية الكاملة النقد والعملات الورقية في بلاد الارز مع ما تحمله من تاريخ وعلى عملات قيمة ونادرة مصدرها من بلدان عربية واجنبية وصولا الى عملتك الخاصة التي يمكنك تصميمها بنفسك كلها متاحة في متحف مصرف لبنان.

"النشرة الاقتصادية" جالت في المتحف الذي كان من المقرر ان يفتتح رسميا في احتفال كبير عشية الذكرى السبعين لاستقلال لبنان ، لكن الاوضاع الامنية الحساسة حالت دون اجراء الافتتاح، فتقرر عندها فتح ابواب المتحف للزوار من دون اية مراسم.

في البداية عرفنا ان من مملكة ليديا  بدأت عملية سك النقود التي ما لبثت ان انتقلت الى اليونان اولاً، ثم الى ممالك الشرق الادنى باكماله. ومع الفرس دخلت العملات المعدنية الى فينيقيا/لبنان ، ثم ما لبثت ان اصبحت المدن الفينيقية من "المدن-الدول" المهمة تجارياً بالنسبة لامبراطورية الفرس التي كان التداول التجاري يتم فيه بكثرة.

غني عن القول ان  لبنان يذخر بالارث التاريخي الغني عن التعريف، فبلاد صلة الوصل بين الشرق والغرب، كان محط انظار واطماع للكثير من الدول والامبراطوريات، لهذا وجد في لبنان العديد من النقود التي تحمل نقوشاً وكتابات من شأنها التعريف بالحضارة وقوة الدولة ومجال انتشارها، فالعملة المعدنية منذ القدم كانت رمزاً لقوة السلطة الحاكمة وتسجيداً للحاكم نفسه، تقدم صورته الى الشعوب التي عاشت تحت سلطة هذا الملك او ذلك الامبراطور، فبلاد الارز وجدت فيها عملات حملت نقوشاً لملوك واباطرة واساطير، واحداث ما زال التاريخ يتحدث عنها بإسهاب.

الفيلم الوثائقي:

بداية عند الوصول وقبل البدء برحلة التاريخ العابرة للزمن، يقترح عليك فريق المتحف المختص "صونيا حرب" و"نزار ابو خزام"  مشاهدة فيلم وثائقي قصير مدته 10 دقائق عن مصرف لبنان، تاريخه، اقسامه، واحتياط الذهب المتوافر لديه، يعود الفيلم الى البدايات، ويفسر كيفية تطور مراحل العملات الورقية في تاريخ لبنان بدءاً من المصرف العثماني مروراً بحقبة الاستعمار ثم مصرف سوريا ولبنان واخيراً مرحلة "مصرف لبنان"، ويتضمن الشريط مقابلة مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة .والجدير ذكره ان الفيلم الوثائقي يعرض صوراً واماكن مطبوعة على العملات الورقية القديمة  يقابلها المشهد الحقيقي للصور في لمسة اخراجية تعكس مدى الابداع والفن في تقديم الفيلم الى المشاهد.

النقود:

بعد الفيلم الوثائقي تدخل الى قاعة المعروضات والتي تقسم الى ثلاثة اقسام: القسم الاول عبارة عن غرفة صغيرة تضم عملات معدنية نادرة وقيّمة تعد الشاهد الحي على تاريخ لبنان الغابر والتي اشتراها الحاكم بمبادرة خاصة الى جانب مجموعة لا بأس بها تم التعاون مع المتحف الوطني لاستعارتها وعرضها في متحف مصرف لبنان، وتضم المجموعة نقود من الحقبة "الفينيقية" خلال الاحتلال الفارسي، يليها الحقبة "الاغريقية" و"الهيلنستية"، وصولاً الى الحقبة الرومانية ابتداء من 64 ق. م فالبيزنطية حتى سنة 696 ميلادي والتي سبكت بعض قطعها النقدية من الذهب الخالص، وصولاً الى الاحتلال العربي بفروعه الأموي والفاطمي والأيوبي والمملوكي والذي منع رسم النقوش والصور واستعاظ عنها بآيات قرآنية وعبارات اسلامية، واخيراً الى النقود اللبنانية الشهيرة والتي تحتوي على فئة 25 ليرة المتداولة حالياً وغير المعروفة على الاطلاق. يذكر ان فريق المتحف يعمل على اضافة الليرة العثمانية، الى المجموعة لاسيما تلك التي صدرت في الحرب العالمية الأولى وتم تداولها في ولاية بيروت ومتصرفية جبل لبنان.

العملات الورقية:

بعد الانتهاء من الجولة على النقود المعدنية يأخذك الفريق الى القسم الثاني الذي يحتوي على العملات الورقية اللبنانية والعربية والاجنبية، فالمجموعة الورقية اللبنانية تضم عملات من اصدار:

- البنك السوري (1919-1924) بنك سوريا ولبنان الكبير (1924-1939) بنك سوريا ولبنان (1939-1964) مصرف لبنان (1964-لغاية الآن).

وتحتوي المجموعة على ورقة من فئة الـ250 ليرة الشهيرة الصادرة في العام 1939، كذلك تضم المجموعة فئة الخمسين ليرة تعود للعام 1939 والتي تعتبر ذات قيمة مهمة لأنها لم توضع في التداول بعدما ضربها الالمان ابان الحرب العالمية الثانية فألغت السلطات الفرنسية حينذاك هذا الاصدار.

كذلك تضم اللبنانية تلك المعروفة بـ"الشمعونية" نسبة الى الرئيس الراحل كميل شمعون وتعود للعام 1952، قد تكون العملات اللبنانية الورقية القديمة التي تقدم لحاملها نظرة شاملة عن لبنان التاريخ والحضارة، عكس العملات الورقية التي اختارها الحاكم عند بداية عهده لتحمل تصميم خاص ومختلف تماماً عن الاصدارات الورقية السابقة وهنا يعرض المتحف جميع الاصدارات الورقية التي اصدرت في عهد الحاكم رياض سلامة مع كل التعديلات من مقاييس وتصاميم.

يضم المتحف في القسم الثالث في الزاوية المخصصة للعملات العربية والاجنبية والتي يحوي البعض منها على عبارة "Specimen" والتي تعني عينة، يحصل عليها المصرف من خلال تبادل العملات مع المصارف المركزية لدول العالم، يضم عملات من القارات الخمس بعض دولها لم تعد موجودة على خارطة الجغرافية السياسية، مثل " بيافرا " التي اصبحت جزء من نيجيريا و اخرى تعود لـ"زنجبار".

كذلك في القارة الأوروبية، تجد الأوراق النقدية العائدة للحقبة السوفياتية، فضلاً عن أوراق نقدية كان يصدرها مصرف الرايخ الالماني النازي في بعض مناطق الاحتلال وعملات المانية تعود لزمن التضخم الكبير في جمهورية "فايمر" من فئة 100 مليار مارك.

ويمكن للزائر ان يستعرض العملات التي تعود للولايات المتحدة ودول اميركا الجنوبية، وفي القارة الآسيوية، وليبيا ومن العملات العربية النادرة التي تعود الى المغرب العربي ووادي النيل، والعملة الفلسطينية ما قبل عام 1948 عام النكبة.

تقنيات المتحف:

الى جانب العملات والنقود القيمة يضم المتحف نماذج عن آلات ومعدات تقنية مثل آلة متقدمة تدعى "سمات الأمان"، لمكافحة العملات المزيفة. والتي من خلالها يمكنك ان تعرف ما اذا كانت الورقة النقدية التي تحملها مزورة أم لا، بفضل الاشعة ما فوق البنفسجية التي تظهر لك سمات الأمان بدقة.

عند دخولك المتحف ترى امامك سبيكة ذهبية من الذهب الخالص تزن 3 كلغ وهي نموذج عن السبيكة الاصلية ومجهزة بنظام يعيدها الى مكانها في غرفتها الزجاجية المدعمة بجهاز انذار. اضافة الى ميزان كبير يحول الوزن الى عدد السبائك الذهبية التي يساويها الوزن ويجري احتسابها بالمال، كما انه يحتسب، ما توازيه من احتياطي مصرف لبنان المركزي بالذهب.

ترفيه وخلق افكار:

يمنح المتحف فرصة لرواده ان يصمموا ورقتهم النقدية خاصتهم، و توفر الآلة المعطيات ثم يقوم "المصمم" بتصميم ورقته الخاصة. اضافة الى " بازل " لعملة ورقية تركب قطعها بنفسك وتهدف بحسب مسؤولة المتحف بجمعها الى التعرف وحفظ كل الاجزاء البسيطة والمركبة منها. كذلك، فإن رواد المتحف بإستطعاتهم أخذ صورة رقمية تتشكل من أوراق نقدية صغيرة وتعرض على شاشة كبيرة لتبيان تفاصيلها.