تعرفت على صناعة السجاد في لندن حيث كانت تعيش، ورغم تخصصها في مجال آخر، لم تتخط شغفها في تصميم الأنسجة خاصة وأن عائلتها هي من أقدم تجار السجاد في لبنان والمنطقة، فأصرت على اطلاق علامتها التجارية في لبنان واضافة لمستها الابداية على سوق الأنسجة المحلية والعالمية. انها مؤسسة شركة "Oumnia"، نيفين مكتبي، التي التقت مع "النشرة الاقتصادية" وتحدثت عن اطلاق الشركة والبدايات المهنية، وحثت المرأة على الوصول الى أهدفها بكافة الوسائل المتاحة لأن لا شيء مستحيل.

- أخبرينا عن بداياتك المهنية، وكيف أسست "Oumnia".

بدأت قصة حبي مع السجاد في لندن حيث كنت أعيش لفترة، قمت خلالها بزيارة المتاحف والمشاركة في مزادات السجاد، وحضور ندوات عن تاريخها في معهد "Sotheby" عام 1995. مما شكل عوامل إضافية لفضولي حول هذا المجال.

أثناء التحضير لنيل الاجازة في إدارة الأعمال في كلية لندن للاقتصاد، "LSE"، وشهادة الماجستير في السياسة الاجتماعية - التي ركزت خلالها على قضايا المساواة بين الجنسين - تابعت دورات في دار "Sotheby" للمزادات، جعلتني أكثر حماسا واعجابا بهذا الفن؛ "فن السجادة الشرقية". وقررت تدريجيا العمل على تقديم السجاد وثقافة الـ"kelim"، مع اضافة لمستي الابداعية الخاصة.

كما أنني عملت، في بداياتي المهنية، مع النائب بهية الحريري، ثم في "الإسكوا" والمركز النسائي التابع للأمم المتحدة في لبنان، لأن رسالة الماجستير كانت حول موضوع النساء في مجال الأعمال، في مرحلة ما قبل وبعد الحرب في لبنان. وبالتالي كنت أعمل على تمكين المرأة، ومعالجة التحديات التي تواجهها في المنطقة.

أنا تربيت في عائلة متخصصة في مجال السجاد، وبعد العمل في متجر والدي في بيروت، قررت أخيرا في عام 2006، متابعة تقاليد الأسرة، مدفوعة بشغفي للمنسوجات والفن. وحولت هذا الشغف إلى مهنة أعتز بها كثيرا، حيث قمت بتأسيس "Oumnia" في منطقة الصيفي، لتصميم السجاد، وشالات "الباشمينا" والوسائد.

- أين كانت الانطلاقة ومتى؟

سبب انطلاقتي في هذا المجال هو ببساطة والدي، ومعرفته الواسعة وخبرته الطويلة  وسمعته المحترمة حتى يومنا هذا. فحبه وتفانيه ونجاحه في عالم السجاد، جعلتني أدرك أنني يجب أن أتبع خطاه. ولم يمنعني أي شيء من أخذ المبادرة وتثقيف نفسي حول السجاد.

وخلال فترة سكني في لندن، كنت محظوظة لأنني تمكنت من زيارة جميع المتاحف الكبيرة ورؤية أشهر السجاد في العالم، ومتابعة الدورات في معهد "Sotheby". كل هذه الأمور شكلت قيمة مضافة، وفتحت عيناي على أهمية صناعة السجاد، من خلال التعرف على تاريخ وثقافة هذه الأعمال الفنية الرائعة والخالدة.

وعلى أرض الواقع، أنا خريجة من متجر والدي، "حسين مكتبي وأولاده"، الذي يقع في شارع كومودور في منطقة الحمرا. ففي هذا المكان أحول كل ما لدي من معرفة تعلمتها من الكتب والمتاحف، إلى واقع. وفي هذا المتجر بدأت أشم وألمس كل سجادة بينما أساعد العملاء وألبي احتياجاتهم وأتعرف على أذواقهم وميزانياتهم وديكورهم المنزلي.

- كيف تعرّفين "Oumnia"؟

"Oumnia" كما يدل اسمها باللغة العربية، هي "أمنية". فأنا تمنيت دائما أن يكون لدي متجري الخاص، وأسلوبي وهويتي في صناعة وبيع السجاد، كي أعيد هذا الفن الى كل البيوت، خاصة وأن الكثير من الناس وخاصة من الجيل الجديد، لا يهتمون كثيرا بوجود السجاد في منازلهم، لأنهم يشعرون بالملل الى حد ما، من رؤية التصاميم نفسها.

ومع الوقت والخبرة، أدركت أنني أريد إنشاء "Oumnia"، وعرض السجاد بلمسة عصرية.

تجدر الاشارة الى أنني لا أزال أستعين بالتقنية التقليدية من خلال الغزل على النول لصنع السجاد، لكن في الوقت نفسه أخلق تصاميم جديدة وأستخدم الألوان الفرحة والحديثة.

- ما الذي يميز متجر "Oumnia" عن غيره؟

"Oumnia" ليس مجرد متجر تقليدي للسجاد، بل هو متجر ذات مفهوم معين حيث نعرض السجاد، وفن النسيج، والوسائد والأوشحة، اضافة الى اكسسوارات منزلية أخرى أجدها خلال رحلاتي.

تصاميمي هي مستوحاة من ثقافتنا، ولغتنا، وكتاباتنا، وشخصياتنا الرمزية مثل الرمان، والأسماك، والخنفساء، والنجوم والفراشات والزهور.

وأنا أعمل دوما على تصميم وخلق أفكار جديدة. ومؤخرا قدمت أنماط فسيفساء الأرابيسك على أوشحة الكشمير، التي يتم تنفيذها أيضا على النول لتغطية الأرضيات من خلال السجاد اليدوي. وهذا ما يحصل عندما يجتمع الفن بالموضة. اذ يتم تنفيذ وتطريز معظم تصاميمي على السجاد، وشالات الكشمير، والوسائد.

باختصار، "Oumnia" هو المكان الذي يتيح لك أن تملأ منزلك بالقصص، لأن كل قطعة لديها قصة لترويها.

- كيف تواجهين المنافسة الكبيرة الموجودة في الأسواق؟

أنا أؤمن بالمنافسة الشريفة، وعندما أرى تصاميمي مقلدة أبتسم لأن هذه المبادرة تثبت نجاح التصاميم، وتدفعني الى العمل أكثر وتقديم المزيد.

وزبائني هم من الأشخاص الذين يحبون الألوان، والجودة، ويقدرون الفن الإبداعي اليدوي.

- هل تلاقي تصاميمك اقبالا من اللبنانيين؟

الشعب اللبناني يقدر الفن والجودة، والسجاد هو أيضا جزء أساسي من ثقافتنا، ويتواجد في كل بيت.

كما أن الكثيرين من زبائني هم من الأجانب لأن معظم تصاميمي تتناسب أيضا مع أوطانهم. فسجاداتي عملية جدا أثناء للسفر اذ أنها خفيفة الوزن ومتعددة الاستعمالات، اذ يمكن استخدامها على الأرض، أو على الحائط، أو على السرير.

- من أين يأتيك الالهام للاستمرار في تصميم منتجات جديدة؟

معظم الالهام يأتي من سفراتي ورحلاتي، فأنا أستمتع بزيارة المدن الاثنية الاستوائية للمتعة والعمل مثل الهند وباكستان وإيران وأوزبكستان وتركيا وأذربيجان، الغنية بالفن والثقافة والتراث. وفي نهاية كل رحلة، أكتب مقالة حولها، ويتم نشرها في المجلات المحلية.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن لعروض الأزياء الدولية أن تكون أيضا مصدرا للإلهام، من حيث الأشكال والألوان.

- ما هي الصعوبات التي واجهتك؟

في بداية مسيرتي، كنت أعاني من مشاكل مع النظام القانوني وطريقة عمله، لكنني تغلبت اليوم على الصعوبات وتعلمت، انما بالطريقة الصعبة.

كان من الصعب الى حد ما التأقلم في لبنان، لأنه خلال فترة عيشي في لندن تعودت على التعامل بالطرق المنظمة. فكنا نرسل كافة مستحقات الدفع عن طريق البريد، بينما في لبنان علينا متابعتها بأنفسنا. والدولة لا تبلغ الشخص عن المستحقات السنوية الخاصة به مثل رسوم البلدية والمياه وغيرها، وعليه أن يقوم بواجباته ويكتب التواريخ ويتابع شخصيا كل المعاملات، والا سيعاقب.

- هل تعرضت الى أي تمييز جنسي في اطار العمل؟

بالطبع واجهت بعض التمييز، فكل امرأة تعيش في مجتمع ذكوري، ستشهد بشكل أو بآخر، نوعا من التمييز. لكنني أؤمن بالمثل القائل "ما لا يقتلك يجعلك أقوى"، لذلك لا أسمح لهذه الأمور بالتأثير علي.

فالتمييز يأتي من نقص في المعرفة والتعليم في معظم الحالات، وعلى العائلات والمدارس أن تلعب اليوم الدور الرئيسي في تثقيف الأولاد حول الاحترام المتبادل، والمساواة بين الجنسين.

- ما الذي ساهم بنجاحك؟ وما هي مشاريعك المستقبلية؟

أعتقد أن دعم والدتي هو واحد من العوامل الرئيسية التي ساعدتني على النجاح والوصول الى مكاني اليوم. اضافة الى شغفي بهذا العمل، وصبري، والتزامي، وشخصيتي الديناميكية، وثقتي بنفسي، وجرأتي.

وأنا أردد على الدوام هذا القول: "لا يوجد مصعد للنجاح، بل علينا الاستعانة بالدرج".

أما بالنسبة الى المشاريع المستقبلية، فأنا أفكر وأخطط على الدوام، لكنني أحتفظ في معظم الأحيان بأفكاري، لنفسي.

- كيف تقيمين وضع المرأة في لبنان اليوم؟

المرأة تهيمن على غالبية القطاعات والمجالات، فهي تقدمت وأثبتت وجودها وقدراتها، وحققت أعلى المراكز.

وفي مجال التصميم، نرى الكثير من السيدات الذكية والموهوبات، اللواتي يروجن لأعمالهن الإبداعية، التي ترفع اسم لبنان، وتجعل كل لبناني فخور.

- هل لديك أي طموح سياسي؟ وهل تعتقدين أنه ينبغي أن يكون هناك حصة محددة للنساء في البرلمان؟

شخصيا ليس لدي طموح سياسي على الإطلاق، لكنني أشجع أن يكون للمرأة حصة في البرلمان، لأنها بالعادة حساسة ومنطقية في مواجهة المشاكل اليومية  وستعمل بضمير على تحسين أوضاع المواطنين وإيجاد الحلول لكافة المشاكل.

في مجتمع ذكوري كمجتمعنا، يجب العمل على تحقيق التوازن في المؤسسات الحكومية والمساواة بين الجنسين، وذلك من خلال ادخال المرأة الكفوءة التي تتمتع بالمعرفة والمهارات، والقدرة على تحقيق تغييرات إيجابية في المجتمع الغارق بالصور النمطية.

- ما هي نصيحتك للمرأة اللبنانية؟

أنصح المرأة أن لا تستسلم أو تشفق على نفسها، وأشجعها على أن تضع هدفا في حياتها وتعمل على تحقيقه، من خلال تثقيف نفسها والتعلم من تجاربها وتجارب غيرها.

كما أقول لها "حاولي أن تصلي إلى هدفك بكافة الوسائل المتاحة، لأن لا شيء على الاطلاق مستحيل في الحياة".

كل ما تحتاجه المرأة هو الإرادة القوية، والايمان بنفسها وبقدراتها. لكن عليها أن تصبر ولا تفقد الأمل، لأن النضال يأتي دائما قبل النجاح.