لبنان اليوم في حالة من الترقب، فبعد تهديد هيئات التنسيق النقابية بالتصعيد في حال لم تقر سلسلة الرتب و الرواتب وعملية تصحيح الاجور، وفي ظل التباين بالآراء بين مؤيد ومعارض لهذه السلسلة، بدت الامور وكأنها مرشحة لتشهد جولة جديدة من الصدامات الكلامية والمواجهات الاعلامية، فالحكومة والهيئات الاقتصادية، تعلل رفضها بحجة غياب مصادر التمويل وتحذر من ان اقرارها سوف يؤدي الى تضخم بنسب كبيرة، وهيئة التنسيق تحذر من عدم اقرارها مطالبة بالمزيد من الانصاف، ووسط هذه التجاذبات وللايضاح حول اهمية تصحيح الاجور كان للنشرة الاقتصادية حديث خاص مع وزير المال السابق جورج قرم:

فاوضح  للنشرة الاقتصادية بأن مطالب سلسلة الرتب والرواتب  محقة ولكن من غير المؤكد عما اذا كانت الخزينة قادرة على تحمل التمويل، واشار قرم بأن النظام الضريبي الحالي هو نظام مجحف وغير عادل، لأنه يفرض ضرائب كبيرة على مجموعة من الناس بينما لا يفرض ضرائب على مجموعات اخرى،  قال قرم: "لا اتوقع بانه سيتم اقرار سلسلة الرتب والرواتب لان المجلس النيابي الحالي هو الذي عطل الحياة السياسية النيابية، ومدد لنفسه قسراً، لذا من غير الممكن ان يخرج عنه اشياء ايجابية"، لكن بالمقابل عدم اقرار السلسلة سوف ينتج عنه توتر في البلد بين ارباب العمل والعمال وربما قد نصل الى مرحلة الاضراب التي هددت به هيئات التنسيق وصولاً الى مقاطعة الامتحانات.

ورداً على سؤال حول توقعاته للمستقبل الاقتصادي للبلاد اوضح الوزير قرم بأنه: "لا يمكن التنبؤ بما قد يحصل في المستقبل القريب، لاننا نحن امام ازمة كيان"، و ذكر بمقولة سابقة لاحد رجال الدين تقول بأن لبنان على موعد مع ازمة كيانية مع كل استحقاق رئاسي او حكومي.

واشار الوزير السابق جورج قرم بأنه في لبنان يوجد نظامين اقتصاديين الاول هو نظام الـ50 كلم والذي يشمل الشقق والابنية الفخمة والمصارف والمرافق السياحية، والمحلات التجارية الكبرى في بيروت، والثاني وهو نظام الـ10400 كلم  والذي بدأ منذ نهاية العهد الشهابي بتراجع الاوضاع الاقتصادية في الارياف والمدن والذي ادى الى ظهور الاحياء الفقيرة والمعدومة، وبحسب قرم فالنظام الاقتصادي اللبناني بحاجة لاكثر من اصلاح.

  وفي معرض حديثه تطرق  قرم الى حركة النزوح السورية والتي اتت كنتيجة للاحداث السورية الدائرة اوضح بأن "هذا النزوح اثر سلباً على الاقتصاد اللبناني، وخلق مشكلة اقتصادية تمثلت ببروز شبح البطالة، فاليد العاملة السورية رخيصة، بدأت تحل محل اليد العاملة اللبنانية وبعض ارباب العمال بدأوا بإستغلال وجود العمالة السورية لتحل محل العمالة اللبنانية"، وقال: "ان الحكومات المتعاقبة في لبنان كانت عاجزة تماماً، والاوضاع بحاجة الى نظرة مستقبلية عقلانية من اجل اصلاح الامور.

لبنان بحاجة لنهضة زراعية كبيرة

وعن المصادر المقترحة لتمويل ملف سلسلة الرتب والرواتب، قال قرم ان "لبنان بحاجة لنهضة زراعية كبيرة مع العلم بان لبنان اشتهر بكفاءة القطاع الزراعي وكان يصدر حوالي 80% من المنتوجات الزراعية والمواد الغذائية ، لكنه اهمل كثيراً مؤخراً، والى جانب الكفاءة لبنان يتمتع بثروة مائية كبيرة، وتربة خصبة وصالحة للزراعة، الى جانب وجود اليد العاملة السورية التي قد تسهم بتنشيط القطاع الزراعي، فلبنان يعاني من العجز التجاري بالمواد الغذائية بحوالي 3 مليارات دولار من حركة استيراد وتصدير".

وذكر الوزير قرم بين فرص تمويل السلسلة فهناك القضية المزمنة للاملاك البحرية بين المخالفات وبين الاجور المدفوعة للدولة وهي متدنية للغاية، والتي لا تتعدى الـ 20 مليون دولار في السنة، اضافة الى الارباح المحققة في البورصة التي لا تخضع للاقتطاع الضريبي،  لذا يجب ان لا تكون زيادة الضرائب على الفئة العاملة فقط بل ان تتناول ايضا فئة الاغنياء ومنهم من لا يدفع شيئا في مجال ضريبة الدخل.

وعن رأيه حول الاقتراح المقدم بأن تشرع عملية زراعة الحشيش كي يتم استغلالها واستعمال عائداتها لتكون جزء من تمويل سلسة الرتب والرواتب قال قرم بأن: الاستنجاد بالمثل الهولندي "وهولندا هي دولة مشرعة للاتجار بالحشيش"، استنجاد خاطئ لان صحيح هولندا تشرع هذه الانواع من التجارة ولكن للاستهلاك الداخلي فقط دون التصدير للخارج.   

تخفيض الفوائد 1%على خدمة الدين العام يوفر 600 مليون دولار

وذكر الوزير جورج قرم ان تخفيض الفوائد بنسبة 1% على خدمة الدين العام يوفر 600 مليون دولار، وان معالجة قطاع الكهرباء المتردي والذي نعاني منه منذ ما يقارب الـ23 عاماً اي منذ انتهاء الحرب الاهلية، قد يكون لديه انعكاسات ايجابية ليس فقط على على الاقتصادي اللبناني، بل ايضا بل على تحسن وضع المالية العامة.

وختم قرم قائلاً بأنه "منذ نهاية الحرب دخلنا في مرحلة الرأسمالية المتوحشة، فلا يجوز ان تكون رجلاً سياسياً وفي نفس الوقت من اكبر رجال الاعمال في البلاد، فمنذ القدم كان النواب من اصحاب المهن الحرة مثل المحاميين والاطباء وصحافيين واساتذة جامعات".