قد تكون محاور القتال العسكري في طرابلس اسكتت الى غير رجعة مع دخول الخطة الامنية الى حيز التطبيق، ولكن في بيروت بدأت الازمات المعيشية تتفاقم، فتفجرت التظاهرات المطالبة بتحسين شامل للاوضاع الاقتصادية والعمالية، فالمدارس اصبحت على المحك  بعد التصعيد الحاصل وتهديد الاساتذة باضراب مفتوح لاقرار سلسلة الرتب والرواتب، والمياومون بدأوا بخطوات تصعيدية اثمرت باقرار قانون خاص بهم، ومع دخول عناصر الدفاع المدني على خط التظاهرات بدأ وكأن البلاد قادمة على فوضى عارمة، فمشروع السلسلة الذي يبدو بأنه في دوامة التأجيل استحوذ على تأييد كبير من قبل النقابات والتجمعات الاقتصادية، وهيئات التنسيق النقابية، وللاطلاع على تفاصيل سلسلة الرتب والرواتب وما الذي سيترتب عنها في حال تقرر اقرارها اوعدم اقرارها كان للنشرة الاقتصادية حديث خاص مع الخبير الاقتصادي لويس حبيقة. 

اعلنت هيئة التنسيق الاقتصادية بأنه اذا لم تقر السلسلة ستصل الى الاضراب المفتوح ومقاطعة الامتحانات ما هي التأثيرات الاقتصادية لـهكذا خطوات تصعيدية؟

من المؤكد بأن التصعيد سوف يشل البلاد، ويزيد من الجو السلبي، ولكن بالنسبة للامتحانات فيوجد وقت طويل، ولكن لا أعتقد بأن الامر سيستمر لغاية حلول موسم الامتحانات حسب ما يعتقدون، على الرغم من كون الامر يزيد التشنج في البلد، والحياة المدرسية تتعطل للكثير من التلاميذ، بالاضافة الى التـأثير على صورة لبنان بالخارج، والاضراب المفتوح هو جزء من الانقسام السياسي في البلد لأن بعض الجهات موافقة على السلسة بينما يعارض البعض الاخر، وبالتالي يبدو بأن البلاد عاجزة عن حل مشاكلها بالحوار، والدولة تتحمل المسؤولية فلماذا تتعهد بالبداية ثم تقول بانه لا يوجد ايرادات؟ للاسف يوجد "قلة احترام" للمواطن من قبل الطبقة السياسية في لبنان، لانه على ما يبدو بأن الانسان بخدمتهم وليس العكس، وبالتالي انا لا ارى بأنه يوجد خيار اخر بالنسبة للمطالبين بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، فلماذا لم تجتمع اللجان النيابية المشتركة طيلة 11 شهراً؟

وبالنسبة لزيادة الحد الادنى للاجور هل يستطيع الاقتصاد تحملها؟

لا يستطيع الاقتصاد تحمل "القفزة الكبيرة" بالنسبة لزيادة الحد الادنى للأجور، ولكن يستطيع تحملها تدريجياً، ومن المعروف مسبقاً بان المواطنين لا يتحملون العيش بالحد الادنى الحالي والذي هو 675,000 ليرة لبنانية، فـبرأي رفع الحد الادنى تدريجياً ضروري، ولكن اليوم الدولة اللبنانية متقاعسة ولو أن الحد الادنى ارتفع كل عام بنسب قليلة يمكننا القول بأن الاقتصاد يستطيع تحمله، ولكن المشكلة الكبيرة تكمن بتقصير الدولة، ولو تمت معالجة السلسة منذ بداية المطالبة بها كنا اليوم بوضع افضل بكثير.

ولكن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كان قد صرح بأنه ليس ضد السلسة إلا انه متخوف من ان تعجز الدولة عن تأمين المداخيل، فهل هناك من مشكلة فيما يخص هذا الموضوع؟ لا سيما ان هذا التخوف صادر عن السلطة المالية الاولى في البلاد؟

لا اعتقد بأن هذه الطريقة هي الامثل لمعالجة هذا الموضوع، لقد اطلعت على التقرير ما قاله حاكم المصرف هو التالي "قبل زيادة الاجور علينا زيادة الانتاجية"، لكن ارى بان الموضوع يجب ان يكون بالعكس اولاً: فالحصول على الانتاجية من الموظف، يتطلب تحسين لوضعه المعيشي،   ثانياً الايرادات متوفرة، عبر التحصيل الافضل للضرائب والرسوم، ومكافحة الفساد وليس الغائه لان في لبنان لا يمكن الغاء الفساد، ولكن تخفيف الفساد وتحصيل الضرائب والغاء رواتب النواب السابقين اي ادارة افضل للانفاق، وتحصيل افضل للايرادات قد يحل المشكلة بالكامل، فالاجورالتي ستعطى للموظفين سوف تصرف بالاسواق، وبالتالي حجم الاقتصاد سوف يزداد وتنتعش الاسواق، نحن في لبنان نعاني من ركود الاسواق، وكل دولار واحد يعطي 4 او 5 دولارات زيادة بالناتج، فالـ مليار و 600 مليون يعطون أربعة او خمس اضعاف بالناتج المحلي الاجمالي، المشكلة تكمن بمعالجة الموضوع بشكل خاطىء وغير علمي، ويتم التعاطي بالملف بطريق حسابية محاسبية وليس على اسس مالية واقتصاية علمية صحيحة.

فالسلسلة تساهم بتسهيل وتنشيط الحركة الاقتصادية، والمسؤولين ينظرون لها على اساس اذا تم زيادة دولار واحد فعلينا زيادة الضريبة بقيمة دولار واحد، وهذه الطريقة خاطئة جداً، فزيادة الاجور تزيد من حجم الاقتصاد وبالتالي بمكن تحصيل ضرائب بقيمة اكبر. فلا يمكن للدولة التغاضي عن فلتان الانفاق والهدر ومعاقبة الموظفين، وانا اؤمن بأنه من الصعب الغاء الفساد المستشري والهدر الحاصل في مرفأ بيروت ولكن بإمكان الحكومة تخفيفه بنسبة 20% أو 40%.

وفي حال اقرت السلسلة هل من الممكن ان تزيد من نسبة العجز المالي؟

العجز قد يحصل في البداية فقط، ولكن عند وصول الاموال المدفوعة الى الموظفين، سوف يتم تحريك الاسواق من خلال ازدياد القدرة الشرائية ومع الوقت مليار و 600 مليون سوف تعطي بالمقابل حوالي 6 او 7 مليار لكن المعالجة تتم بقصر نظر شديد.

واذا لم تقر ما هي الانعكاسات التي قد يحملها رد مشروع السلسلة؟

قد نرى اضرابات كثيرة، ومن المفهوم الاقتصادي الاستثمارات تضعف القدرة الشرائية تتلاشى، ناهيك عن التشنج الحاصل من الاضرابات والاعتصامات، والمشكلة الان هي بحصول انتخابات رئاسية، فمن المؤكد بأن اقرار المشروع سوف يأخذ بعض الوقت، لذا نرى بأن يتم الضغط في الشارع للاسراع باقرار سلسلة الرتب والرواتب، لذا نأمل بان يتم حل الامور بأسرع وقت فيما يصب بمصلحة المواطن اولاً.