درس اللبناني الدكتور رند غياض مادة الاقتصاد في الولايات المتحدة، قد يبدو الخبر للوهلة الاولى خبراً عاديا ً خصوصاً ان اللآلاف من الطلاب تكمل المسيرة العلمية بهدف التحصيل العلمي العالي المستوى، ولكن الامر الذي ليس بالعادي هو ان تستدعي ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما، "غياض"، فراند ابن الـ28 عاماً يناقش سبل و طرق ايجاد حل لمشكلة البطالة المتفشية في اكبر اقتصاد العالم، راند غياض من بلدة شبعا الجنوبية، سافر الى الولايات المتحدة لاكمال مسيرته العلمية يعمل حالياً كمستشار لمنظمات دولية وعالمية عدة، وللاضاءة على الانجازات اللبنانية خارج لبنان كان للنشرة الاقتصادية حديث خاص مع الاقتصادي الشاب راند غياض، تناولنا فيه مواضيع اقتصادية عدة، ورؤيته الخاصة للاقتصاد اللبناني وسبل تطويره.

بداية حدثنا عن مرحلة التحصيل العلمي؟

لقد تخرجت من ثانوية رفيق الحريري ثم حزت على درجة بكالوريوس من جامة "ال آي يو"، وبعدها حزت على منحة لاكمال دراسة الماجيستر في مادة الاقتصاد جامعة بوسطن في الولايات المتحدة، ومرحلتي الجامعية كانت جداً ممتعة في كل من الولايات المتحدة ولبنان.

كيف يمكن ان تعرف وبمفهومك الخاص النجاح؟

الارادة مطلوبة ومهمة، لا يهم ان تكون غني او فقير، رجل او امرأة، فالشيئ الاساسي للنجاح هو المحاربة من اجل الوصول الى اهدافك.

وما هي الوظائف التي تتولاها في الولايات المتحدة حالياً؟

لقد انهيت الدكتوراه في شهر كانون اول 2014، واعمل حالياً مستشاراً للبنك المركزي في مدينة بوسطن، وادرس مادة الاقتصاد في جامعة نورث ايسترن، كما واقوم بأبحاث اقتصادية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

وخلال فترة متابعتي للدكتوراه، عملت في السابق مستشاراً لمنظمات عالمية مثل صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، ومنظمة العمل الدولية، بالاضافة الى معهد بروكينكز، ومؤخراً بدأت العمل مع ادارة الرئيس اوباما للمساعدة في حل لازمة البطالة في الولايات المتحدة.

ما هو تقييمك للاقتصاد الاميركي وآدائه العالمي وما هو تأثيره على لبنان؟

الاقتصاد الاميركي يعتمد بالدرجة الاولى على سياسات الإحتياطي الفيدرالي اي ضخ المال في شرايين الاقتصاد، بغد النظر عن المضاعفات التي قد تحصل مثل التضخم والذين لا يعيرونها اية نوع من الاهتمام، لان حل مشكلة البطالة هناك هو الهدف الاساسي للادارات الاميركية.

وفيما يخص لبنان علينا العمل بالطريقة نفسها، خصوصا ان الازمة السورية وانعكاساتها على لبنان، ادت الى خلق 170 الف فقير في البلاد بغضون سنتين، وان عودة لبنان الى الوضع الطبيعي قبل بدايات الازمة يستلزم ضخ 3 مليار دولار من مصرف لبنان ، بينما عدد البطالة في لبنان الى تزايد واصبحت بنسبة 20%، ومصرف لبنان لديه الكثير من الاعمال والتي ينبغي القيام بها برأي، لكن للاسف تلاحظ ان المركزي يحصر عمله بالمحافظة على سعر صرف الليرة، فعلينا خلق تضخم في الاقتصاد من أجل حل معضلة البطالة، وهذه العملية لا يخلقها الى "مصرف لبنان".

ما هو تقييمك للاقتصاد اللبناني بشكل عام؟ واين تكمن نقاط الضعف؟

عندما نتحدث عن الإقتصاد اللبناني نعلم أنا هناك تراكمات من الأزمات على مر عشرات السنين وإذا صح التعبير في السنوات الأخيرة تفاقمت حدة الأزمات الإقتصادية خصوصاً مع تدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان، العجز المالي والتجاري إلى تفاقم في لبنان، وهذا العجز من شأنه أن يراكم المديونه العامة:

17 مليار دولار عجز في ميزان الحساب الجاري وكل الإعتماد على سد هذا العجز هوعلى تبادل الخدمات مع العالم الخارجي، ولكن دخل الإستثمارات والتحويلات لبنان الآن يشهد تراجع في نسبة النمو، وهذا ما يجب أن يترافق مبدئياً مع تراجع في نسبة التضخم، لكن عندما نشهد تراجع في النمو مع تضخم متوقع بنسبة 7 و8 %، هذا يسمى في الإقتصاد بالـ"stagflation" اي "stagnation + inflation"، وهذه أسوأ حال ممكن أن يعيشها إقتصاد ما أو مجتمع ما.

للأسف السياسات المالية والنقدية في لبنان التي تتبع الآن في لبنان قليل ما تولد قطاعات منتجة. اهمالنا للقطاعات المنتجة في لبنان هو وراء ال-stagflation.

بالنسبة للحكومة اللبنانية ماذا ينبغي فعله من أجل التحسين في الاقتصاد المتباطئ؟

برأي يتوجب على الحكومات القادمة التركيز على دعم القطاعات المنتجة وصرف النظر عن القطاعات السياحية، السبب في ذلك هو أن الموضوع السياحي هو موضوع شديد التأثر بعوامل كثيرة وخصوصا الأزمة السورية، بالمقابل هناك قطاعات معينة داخل أي إقتصاد لا تتأثر بعناصر خارجية ولا يوجد امامنا حل إلا الإكثار من الانفاق عليها، وهذا الانفاق أو الدعم يجب أن يأتي من المصرف المركزي لان لديه مفتاح النمو لكنه لا يحسن إستخدامه.

السياسات النقدية يجب أن تلحق الإقتصاد وليس العكس، في نظري، الخطر الوحيد الذي يهز كيان الليرة هو هروب رؤوس الأموال من المصارف اللبنانية وبالتالي توقف المصارف عن إقراض الدولة، عليه فإن تطور الأزمة السورية وتداعياتها على الإقتصاد اللبناني لن يؤثر على إستقرار الليرة في حال بقاء رؤوس الأموال الأجنبية في المصارف.

هل لبنان بحاجة لاجراء تغيرات في الاداء الاقتصادي ؟

اعتقد بأن لبنان هو حالة خاصة جداً ومن الصعب مقارنته بأي بلد او اقتصاد آخر، ولكن بسبب عدم الاستقرار السياسي يجب علينا ان لا نعتمد على القطاع السياحي والخدماتي، علينا تشجيع ودعم الاعمال والمشاريع الصغيرة واعطاء قروض الى الناس، وهذا ايضاً من واجب "مصرف لبنان".

وكيف تعتقد ان المصرف يجب ان يتدخل؟

كما قلت لك على "مصرف لبنان" ضخ الكثير من الاموال في السوق مع العلم بأن لهذه السياسة انعكاسات سلبية منها ارتفاع الاسعار، ولكن لكل شيئ ثمن، فالبنك المركزي يمتلك احتياطي كبير لا يستخدم.

وفيما يخص مشروعك بالنسبة للبطالة، هل يمكن تطبيقه في لبنان؟

المشكلة بالنسبة للبطالة في لبنان تختلف كلياً عن مشكلة البطالة في الولايات المتحدة، في الولايات المتحدة ارباب العمل يصنفون العمال على اساس المدة الزمنية للبطالة، بمعنى ان العاطل عن العمل لمدة شهر لديه افضلية عن العاطل عن العمل لمدة شهرين وهكذا، في لبنان الوضع يختلف كلياً، المشكلة تكمن في عدم وجود فرص عمل ووظائف، واسباب نقص الوظائف يعني انه لا يوجد لدينا سياسة لتساعد الاقتصاد.

نهاية بماذا توصي الشباب اللبناني ولطلاب الجامعات؟

  اقول لهم لا بأس ان غادرتم للخارج  لتحصلوا على العلم والخبرات، ولكن عليكم رسم هدف متى ستعدون الى لبنان، فلبنان بحاجة الينا جميعاً، ومن دون الشباب لا سياسة، نقدية كانت او مالية سوف تساعد على نهضة البلاد.