مع حصول انفراج حكومي كبير تمثلت بتشكيلة حكومية جامعة، ومع ازدياد الثقة لدى بعض المستثمريين عقب التشكيل، تبقى بعض القطاعات الاقتصادية الاساسية كالقطاع الصناعي تنتظر الى ما ستؤول اليه الاوضاع الامنية والسياسية عامة، نظراً الى التأثير الكبير لهذه الاحداث على القطاع الصناعي، اذ هل من الممكن ان يشهد القطاع اهتماماً جديأً من الحكومة الحالية او يبقى الوضع على حاله وتفضيل قطاعات اخرى عليه؟ لذلك ولمعرفة ما هو الوضع الحالي للملف الاقتصادي عامة والصناعي خاصة كان للنشرة الاقتصادية حديث خاص مع نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش:  

بداية ما هي توقعاتك حول النشاط الاقتصادي للحكومة ؟

في الحقيقة الجميع يعرف بأن الفترة الزمنية للحكومة محصورة بوقت محدد جداً اذا استمرت الامور على الشكل الطبيعي اي بين ثلاث الى اربعة اشهر، فبالنسبة لي ولغيري طبعاً لا نتوقع ان نستفيد اقتصادياً من الحكومة الموجودة حالياً نظراً للوقت القصير، مع العلم بأنه كنا قد اجتمعنا مع الوزير حسين الحاج حسن، خلال زيارة برتوكولية وتطرقنا الى عدة مواضيع كان قد طلب منا التطرق اليها لسبب ضيق الوقت ولرغبة منه بالدخول في المواضيع المتعلقة بالاقتصاد، وقد تفاجئنا ان بعض الوزراء الحاليين وبالاخص وزير الصناعة الحالي قد اعطانا امل بأنه ممكن الاستفادة اقتصادياً من هذه الحكومة.

مع العلم بان الوضع الاقتصادي لا ينحصر فقط بالقرارات التي ستصدر عن الحكومة، فالاهم منها هو تحريك العجلة الاقتصادية في البلاد، وبالتأكيد ولادة الحكومة الحالية اعطت الثقة للمواطنين ونتمنى بأن يتم منحها الثقة وانهاء بيانها الوزاري لان وجودها يعطي الدفع للمواطنين والمستثمريين، ولكن هناك شيئ مهم يجب الانتباه له وهو الموضوع المتعلق بالسياحة لان من دون النشاط السياحي لا تتحرك العجلة الاقتصادية، وهنا لا اعرف مدى قدرة الحكومة على استرجاع السائح الاجنبي والعربي الى لبنان خلال الثلاث او اربعة اشهر المقبلة، فهناك معرفة خارجية بان الوضع في لبنان شديد الحساسية ولكن علينا اثبات العكس بأن اللبنانيين متوافقين فيما بينهم وسوف يتم انتخاب رئيس للجمهورية يعكس الصورة الحضارية للبلد.

اصبح الوضع الاقتصادي اسير الازمة السورية هل هناك من خطط لوجود مخرج ما ؟

اعتقد بان هذا الوضع هو تبرير او عذر من السياسيين لتغطية الوضع الامني الهش الموجود في لبنان وخصوصاً الوضع الامني في طرابلس، فالطبقة السياسية تبرر الحالة الاقتصادية بالوضع السوري وهذا غير صحيح على الاطلاق، لانه يوجد دول مثل الاردن على الحدود مع سوريا ووضعها الاقتصادي غير مرتبط بها، هذا يعني بأن بعض السياسين لديهم اجندات خارجية، فهذا الموضوع هو تبرير ليس اكثر، فلننتخب رئيساً للجمهورية ولتكون الحكومة متجانسة، وليتم اصلاح الوضع الامني في الشمال مع اصلاح الوضع السياحي واسترجاع السائح العربي والاجنبي، عندها يتم اصلاح الوضع الاقتصادي ويتبين بأن الاقتصاد ليس بالضرورة ان يكون مرتبطاً مع سوريا او بالاحداث الامنية في سوريا، هناك تأثير انا اقول لك ولكن بنسبة صغيرة.

واليوم صحيح ان المعابر بين لبنان وسوريا ليست امنة ومغلقة ولكن الخط البحري لدينا مفتوح وآمن، واعطاء الثقة للدول بشأن رعاياها في حال حصول اي تطور امني ان لبنان قادر على تأمين الخروج اللازم للسياح، فأعتقد بأن الامور قد تتغير بِان مجيئ السياح الى البلاد.

كيف يؤثر ارتفاع النفط على الصناعة في لبنان ؟ وهل هناك من سياسة حمائية ؟

نعم بالطبع فالصناعات القليلة عددا ولكن كبيرة حجماً تتأثر بموضوع زيادة النفط، ولكن معظم الصناعات التحويلية لا تتأثر فعلياً بإرتفاع سعر النفط.

وفيما يخص السياسة التي تحمي الاقتصاد، تم الحديث ايضاً مع وزير الاقتصاد بأن الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال حتى اليوم كان همهم الاساسي تشجيع قطاع الخدمات و الاستثمار العقاري على قاعدة انه يعكس الربح السريع والنمو اكثر من اي قطاع اخر،

ولكن للاسف تبين انه خلال السنتيين الماضيتين السياحة ضعفت في لبنان وقطاعي الصناعة والزراعة وبالاخص الصناعة حققت نسبة نمو لا بأس بها، لان هذا القطاع يتلقى الصدمات اكثر من اي قطاع اخر وذلك بسبب خطط عمل القطاع الطويلة الامد وليست القصيرة، فالحكومات السابقة كانت على خطأ بالنسبة لتفضيل القطاع السياحي الخدماتي على القطاع الصناعي.

برأيك ماذا يحتاج القطاع الصناعي ليصبح قطاع منافس ؟

يتوجب على الحكومة اعادة النظر في العديد من الاتفاقيات الخارجية واعادة دراستها، لا يجوز بأنه عند توقيع اتفاقية معينة ان لا يكون الدولة الموقعة مع لبنان مطبقة 100% لشروط الاتفاقية ويتم المعاملة بالمثل، فعلى سبيل المثال تصدير بضائعنا الى الدول العربية او تركيا يتم بكلفة كبيرة وذلك بسبب دعمهم للمنتوجات والبضائع المحلية وهذا ما يخالف الاجراءات المرعية والاتفاقات والقوانين التجارية، فالاسف بعض البلدان الكبيرة تحمي صناعاتها عندما يتم تصدير بضائع من بلدان داعمة لمنتوجاتها، فلبنان لم يعترض بالمطلق على اية نوع من البضائع التي تأتيه من البلدان العربية وتركيا وتكون مدعومة.

شراء المنتوجات اللبنانيةيؤدي الى ابقاء حوالى %75 الى 90%من قيمة المنتوجات في لبنان

 

لماذا لا يوجد ثقة بالمنتوجات الوطنية وبشعار "صنع في لبنان" ؟

نحن نعاني من نقص في التوعية والثقافة الصناعية عند المواطنين والسياسين فالكثير منهم لا يعرف بأن لبنان لديه صناعات مهمة، لذلك نحن في جمعية الصناعيين اطلقنا حملة "اشتري لبناني"، وبدأنا بإقامة عروضات في المدارس الكبرى في لبنان لتعريف الاجيال الصغيرة بالصناعة اللبنانية، والى أين يتم تصديرها، ولماذا عليهم ان يشتروا المنتوجات والبضائع اللبنانية.

فنحن نقول لهم انه شراء المنتوجات اللبنانية يؤدي الى ابقاء حوالى 75 الى 90% من قيمة المنتوجات في لبنان، وشراء المنتوجات الاجنبية يحصل العكس، فالنمو يتحتم علينا ابقاء اموالنا داخل البلاد وليس خارجها.

هل هناك من تحسن في القطاع الصناعي مستقبلياً او سيشهد القطاع انتكاسة معينة ؟

سوف يتحسن القطاع الصناعي لانه يعمل بجهد كبير ولاننا نحن الصناعين لن نفكك معداتنا ومصانعنا ونذهب للخارج، لذلك اقول لك بأنه يوجد لدي الثقة الكاملة بالمستقبل الصناعي، مع التمني بأنه بعد انتخاب رئيساً للجمهورية ان يكون هناك وزراءً اقتصاديين في المراكز الحساسة مثل وزارات الصناعة والزراعة والاقتصاد والمالية، فنحن لا نريد وزراء سياسيين، بل نريدهم اقتصاديين.

فلقد حان الوقت كي نصبح متيقظين لان الوضع ليس بالعادي والسهل، واود ان اطرح سؤالاً هل هناك من سياسي منذ الاستقلال حتى اللحظة اشهر افلاسه؟؟ او هل يوجد اي سياسي ابعد موظفيه بسبب ضائقة مالية؟ لا اعتقد ذلك، لذك حان الوقت كي يأتينا اشخاص يعملون للبنان اولاً.