مع انفراج ازمة تشكيل الحكومة في مطلع الاسبوع الماضي وبروز حالة من التوافق السياسي بين الافرقاء، تتجه الانظار اليوم على الاداء المرتقب للحكومة لا سيما على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وللايضاح حول كيفية عمل الحكومة وما هي الاولية بالنسبة للملفات الاقتصادية الاجتماعية والحياتية، كان لـ"النشرة الاقتصادية" حديث خاص مع الخبير الاقتصاديد د.لويس حبيقة:

برأيك هل من تداعيات ايجابية على الحركة الاقتصادية مع تشكيل الحكومة الجديدة؟

تشكيل الحكومة شيء مهم جداً وبالتالي هذا الخطوة تريح البلد، عكس الفترات السابقة التي شهدت حكومة مستقيلة، نفسياً تعكس امور ايجابية على البلاد، فإذا وصلنا الى حالة الفراغ الرئاسي سوف تبقى الامور مستمرة وذلك بسبب وجود حكومة قادرة على النهوض بالمشاريع مثلما كان الحال في اواخر عهد الرئيس اميل لحود، مع العلم بأنها لن تفعل المستحيل ولكنها ضرورية في هذه الاوقات بالتحديد.

كثر الحديث في الاونة الاخيرة بأن عدم تشكيل الحكومة في فترة معينة قد ينتج عنه "فقدان الصدمة الايجابية"، الان ومع تشكيل الحكومة هل برأيك تعذر التشكيل في وقت معين قد اضاع الفرصة حتى ومع حصول التشكيل؟

عدم حصول "الصدمة الايجابية" لا تأتي من وجود او عدم وجود الحكومة، فالصدمة الايجابية تأتي من جراء اوضاع امنية وسياسية ايجابية واوضاع اقليمية ايجابية، فالحكومة ممكن ان تحدث صدمة ايجابية او سلبية، فإذا ارتكبت اخطاء واضحة وعجزت عن السيطرة او ادارة الامور، فعندها تحدث الصدمة السلبية، فالاداء الحكومي وعملها هو المسؤول بالدرجة الاولى عن حدوث الصدمة الايجابية وليست الامور مرهونة بتشكيل الحكومة في وقت خاص او لا.

من المعروف بأن عمر الحكومة قصير، فهل هناك من تأثيرات على الملفات الاقتصادية ولو بنسبة محدودة او سوف ينعدم التأثير؟

اعتقد بان هذه الحكومة هي الخطوة الاولى الجدية بشأن معالجة الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والحياتية والمؤسساتية، لا تستطيع الحكومة القول بأن عملها محصور في ثلاثة اشهر فقط قد يطول الامر وتبقى لفترات اطول، فلا يمكنها القول بأنها لا يمكنها فعل اي شيئ بإنتظار الانتخابات الرئاسية وعندها سوف نبدا من نقطة الصفر، لا. فالحكومة الحالية سوف تقوم بواجباتها، وعملها سوف يكون اساسياً في الكثير من المشاريع، واعتقد بأنها سوف تأخذ مواقف هامة ليس على الصعيد الاقتصادي وحسب  بل على الصعيد الاجتماعي، على سبيل المثال موضوع الايجارات، فلا يمكنها الحكومة التغاضي والوقوف دون التحرك بالنسبة للصراع القائم بين المالكين والمستأجرين، كما ولا يمكن للحكومة الوقوف موقف المتفرج بما يخص موضوع تعنيف المرأة، فهذ الموضوع اصبح شائكاً، وبدأ بخلق مشاكل دولية للبنان سيما مع المنظمات الحقوقية، وحقوق الانسان وحقوق المرأة فالتصرفات الاخيرة بدأت تعطي انطباعاً بأن المجتمع اللبناني هو مجتمع "متوحش"، كما ولا يمكنهم التغاضي عن موضوع المنافسة الاقتصادية والحريات، اضافة الى انها لايمكنها تجاهل موضوع طرابلس، المدينة المتروكة لمدة عامين دون التوصل جدياً الى حل الامور الامنية والاقتصادية فيها، فيوجد المئات من الملفات والمواضيع التي تتطلب عمل من الحكومة الحالية فالخلاصة لبنان كان بلد الاشعاع الفكري والاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي هذه الحكومة تستطيع التقدم الى الامام على هذا الصعيد.

وكيف ترى مستقبل الملف النفطي؟ هل سيتم استغلال الملف بشكل صحيح او سيتولد خلاف داخلي؟

اعتقد بان وزير الطاقة الجديد ارتور نازاريان سوف يكمل ما بدأه سلفه في الوزارة جبران باسيل، ملف الثروة النفطي بشكل عام سوف يأخذ وقت وربما سنوات، الان العمل محصور بإجراء المناقصات الضرورية، فلا يوجد شيئ جديد بالملف النفطي ، لم نقبض المال وثمن النفط فالملف بحاجة للكثير من الوقت، اضافة الى ان الوزير قد يضيف خطوة من اصل مئة بحاجة اليها الملف النفطي ليكتمل، ناهيك عن المشاكل والصراعات الدائرة في لبنان، وقد اضعنا الكثير من الوقت وبالتالي مع العهد الجديد قد تستكمل الاجراءات والخطوات اللازمة لاستفادة من الملف النفطي بالكامل.

وبرأيك ما هي النتائج التي قد يحملها الملف النفطي للبنان، خصوصاً بأن بعض التحليلات تتحدث عن تغير شامل في الاداء الاقتصادي للبلاد؟

في الحقيقة اود ان استذكر عبارة تعجبني للرئيس نبيه بري وهي "ما تقول فول الا ما يصير بالمكيول" لذلك يجب علينا الانتظار لنرى ما قد يحدث خصوصاً وان اسرائيل بدأت بسحب النفط من البحر، الى جانب وجود بعض المشاكل مع قبرص وسوريا،  وفي رأيي علينا "عدم بناء قصور في اسبانيا"، وبالتالي انهاء الملف والبدء بإستخراج النفط جوهري واساسي لتفادي الوصول الى مرحلة  يكون النفط فيها قد نضب، لان القانون النفطي الـ"تحت أرضي" لا يوجد حدود او تضمن الحدود لدولة معينة، فإسرائيل على سبيل المثال قد تستطيع استخراج النفط بالكامل دون منعها.

في ما يخص الازمة السورية يبدو ان الملف "مكانك راوح" فما هي التداعيات على الاقتصاد الوطني؟

يبدو ان الموضوع السوري يشهد تغيير بالفكر العالمي تجاه الازمة السورية، وهو واضح جداً، ويبشر بأن الازمة ستطول دون الوصول الى حسم قريب من كلتا الجهتين، وبالتالي كلما استمرت وطالت الازمة السورية الاوضاع اللبنانية سوف تتعرقل وتتأزم، فأنا اقول بأن ثلثي مشاكل لبنان هي من الازمات العربية والسورية، والثلث هي من المشاكل الداخلية، وللاسف العام المنصرم شهد زيادة في الازمات واصبحنا في خضم الازمة، لذلك نامل من الحكومة الجديدة التخفيف من حدة الثلث عوضاً عن ثلثي مشاكل المتعلقة بسوريا والتي لا يمكننا فعل اي شيئ تجاهها، لذلك لست متفائلا بل افكر بإيجابية فيما يتعلق بتخفيف الحكومة للاثار السلبية للازمة السورية خاصة.

نهاية ما هي توقعاتك للاوضاع الاقتصادية ككل؟

الاقتصاد اللبناني مرتبط بإقتصاد المنطقة فالدول العربية تلملم جراحها بإستثناء سوريا التي على ما يبدو بأن الازمة مستمرة فيها، ونحن نتأثر بالوضع السوري بشكل اساسي ومباشر، لذا لا يمكننا التفاؤل والوضع السوري على حاله، وكما ذكرت علينا العمل من اجل تخفيف الاثار السلبية للحرب السورية، ومنها ترتيب امورنا الداخلية من سياسة وامن، ومجتمع واقتصاد.