في الوقت الذي يدور فيه الحديث عن قرب تشكيل الحكومة، وبأنها سوف تضيع فرصة "الصدمة الايجابية"، وفي ظل غياب بوادر الحلول لقضية اللاجئين السوريين، وفي ظل تراجع المؤشرات الاقتصادية الايجابية وتخفيض التصنيف الائتماني للبنان، كان للنشرة الاقتصادية حديث خاص مع الخبير الاقتصادي الفرد رياشي سلط فيه الضوء على الامور الاقتصادية المستجدة في البلاد:

برأيك ما هي الخطوات الواجب اتخاذها من اجل حماية ما تبقى من الاقتصاد اللبناني ؟

من الواضح بأن تشكيل الحكومة في الوقت الراهن سوف يحمل اشارات "عملية" و"ناسفة" في الوقت عينه، كونها حكومة ناسفة، فهذه الحكومة بعمرها القصير والمحدود لن تستطع فعل اي شيء فيما يخص الاقتصاد اللبناني، اما الاشارات العملية، تكمن في عودة الثقة جزئياً، منها تحرك البورصة الطفيف وتنشيط حركة العقارات، اما بشكل عام فهذه الحكومة المنوي تشكيلها ان كانت حكومة تكنوقراط او حكومة سياسية لن تغير شيئاً في مسار الاقتصاد اللبناني، يبقى هناك خوف لدى المستثمرين في لبنان.

اما بالنسبة للحماية، من المعروف بانه لا يوجد في لبنان خطة للنهوض بالاقتصاد، فعلى الدولة وضع خطة طوارئ طويلة ومتوسطة الامد، خطة انمائية وحمائية للنهوض بالاقتصاد الوطني بالتعاون مع خبراء اقتصاديين او خبراء من مصرف لبنان لتنشيط الاقتصاد.

كشفت مصادر للنشرة الاقتصادية أن لبنان اضاع فرصة "الصدمة الايجابية" بسبب هذا التأخير الاخير في تشكيل الحكومة، ما هو تعليقك على هذا الاستنتاج؟

لا اعتقد بأن التأخير في تشكيل الحكومة سوف يؤدي الى فقدان "الصدمة الايجابية" ان لا اوافق على هذا الرأي، لان التشكيل سوف يعطي الطمأنينة والتشكيل قد يعكس ايجاباً على الاقتصاد والامور التي ذكرتها سابقاً ولو بشكل محدود، فعلى العكس الحكومة قد تؤدي الى الصدمة الايجابية وليس الى فقدانها، ولكن حتى لو استمرت الحكومة الى وقت طويل فإن التغييرات التي ستحدثها ستكون على مقياس صغير وتغييرات جزئية. الاقتصاد اللبناني بحاجة لاكثر من ذلك، الاقتصاد بحاجة الى خطة شاملة للنهوض الجذري، فالحكومة ليست سوى "حقنة مورفين" لتسكين الوجع الاقتصادي الحاصل في البلاد، ولانه لا يوجد استراتيجية لتحضير الارضية الملائمة لبناء اقتصاد صحي ونشيط.

فعلى سبيل المثال 73% من الناتج الوطني المحلي "GNP" يتكل على القطاع الخدماتي والسياحي، وفي ظل الظروف الامنية الصعبة والحساسة تأثر القطاع الخدماتي بشكل كبير مما اثر بدوره على الاقتصاد بشكل عام، فعلى الدولة العمل من اجل تخفيض من نسبة الاتكال على القطاع الخدماتي لتصل الى حوالي 45% او 50% ، والعمل ايضاً على تنشيط القطاعات الزراعية والصناعية وذلك لتفادي الوقوع في الازمات كالتي نمر بها هذه الايام، بالاضافة الى ان السياسة النقدية لمصرف لبنان لم تكن تشجيعية وخصوصاً في الاستثمارات في سندات الخزينة، فالخطوات خجولة جداً بالنسبة للسياسات التحفيزية الخاصة بالاقتصاد.

بعد الانتهاء الجولة الاولى من مؤتمر جينيف 2 دون التوصل الى نتيجة، هل تتوقع اصدار قرار بما يخص قضية اللاجئين السوريين؟ وما هو مدى تأثيره ؟

حتى الان لم يصدر اي شيء فعال وذو تأثير واضح، ولحل الازمة قد تأخذ ربما جينيف 5 ومؤخراً كشفت ارقام صادرة عن "الاسكوا" بأنه يوجد في لبنان حوالي مليون و 300 الف لاجىء سوري، وبحسب ارقام "اسكوا" هؤلاء يكبدون الدولة حوالي مليارين ونصف مليون دولار، بالاضافة الى انهم يساهمون بعجز الخزينة، فالاجئين بحاجة الى الخدمات الطبية والصحية والتعليمية والدولة تتحمل القسم الاكبر من التكاليف اما الباقي فتتحمله المنظمات الدولية، الى جانب الاضرار غير المباشرة التي يحملونها مثل المضاربة في سوق العمل والوظائف العادية، ونحن نتحمل جزء من هذه المسؤولية، فبعض اصحاب المحال والمؤسسات التجارية باتت توظف السورين دون تسجيلهم في الضمان، والامور قد تصل الى الاسوأ اذ انعدمت بوادر الحلول العقلانية.

فبإختصار ملف اللاجئين مرتبط بالنتائج السياسية، والحل السياسي الى جمود والمراوحة، فما ان تلوح في الافق بوادر حل سياسي للازمة، عندها بإستطاعتنا الحديث عن حل لملف اللاجئين السوريين. 

كان التصنيف الائتماني قد تراجع من B الى -B هل تتوقع ان يستمر التراجع للبنان ؟

اذا استمرت الامور الى ما لا تحمد نتائجه، فإن الامور قد تزداد تدهوراً  ونعم قد نشهد تخفيضاً الى مستويات اكثر تدنياً، وقد نصل ربما الى درجة C او ربما D.

هل تعتقد بأن القروض من المنظمات الاقليمية او الدولية قادرة على النهوض بإقتصاد البلاد ؟

هناك بعض المشاريع التي هي بحاجة الى التمويل عبر القروض الخارجية، ولكن الدولة ولبنان لم يتمكنوا من الاستفادة من المشاريع المدعومة التي كان يمكن ان تدعم بنيته التحتية مثل المشاريع المخصصة الطاقة البديلة، فلاستعمال الطاقة البديلة نتائج مربحة ومصادر تمويلها مؤمنة من عدة مصادر وهيئات دولية وبتسهيلات وفوائد مخفضة. فزيادة الانفاق على المشاريع التنموية من قبل الدولة تساهم في زيادة المعدل العام للنمو وايضا بتخفيض معدلات البطالة، ولكن على اي زيادة في الانفاق (من قبل الحكومة) ان تراعي اي احتمال بزيادة عامل التضخم وذلك عبر دراسة معمقة تؤمن التوازن بين النمو الناتج عن زيادة الانفاق، ومعدلات التضخم المتوقعة.