نقلت تاريخ السينما الايطالية، على طريقتها الخاصة والمميزة، الى المنطقة العربية، فلمعت تصاميمها، الممزوجة بين خلفيتها الهندسية وشفغها للموضة، والتي جمعت بين جذورها اللبنانية والايطالية، وتمكنت من ايصال أعمالها الى عدد من البلدان مثل لبنان والامارات والسعودية، حتى أصبحت اليوم واحدة من أهم مصممي الحقائب في المنطقة. انها مؤسسة وصاحبة العلامة التجارية "Nicoletta Parodi"، نور طوبيا، التي تحدثت مع "النشرة الاقتصادية" عن انطلاقتها في هذا المجال، ومصدر الالهام الذي اعتمدت عليه، كما شجعت المرأة على تحقيق أحلامها مهما كانت الظروف.

ولدت نور طوبيا في بيروت عام 1988 من أب لبناني-ايطالي وأم لبنانية. تخرجت من الجامعة اللبنانية الأميركية، "LAU"، حيث حازت على اجازة في الهندسة الداخلية، وعملت في هذا المجال لفترة من الوقت، وهي حاليا موظفة في شركة "دار الهندسة". لكنها لطالما أحبت الموضة وبشكل خاص الحقائب، لذلك قررت، عام 2012 اطلاق "Nicoletta Parodi".

- من أين أتيت بالفكرة لإطلاق "Nicoletta Parodi"؟

خلال العام 1920، ولدت جدتي نيكوليتا بارودي (Nicoletta Parodi) في مدينة جينوفا الايطالية، وكانت واحدة من أهم الممثلات الإيطاليات في فترة الأربعينيات، حيث شاركت في 13 فيلما في بضع سنوات، وقادت مسيرة مهنية مليئة بالنجاح والشهرة.

واضافة الى شغفها في التمثيل، لطالما أحبت حقائب اليد، وأورثت هذا الحب الى حفيدتها. لذلك، قررت عام 2012، اعادة "Nicoletta Parodi" الى الحياة في بيروت، وأطلقت هذه العلامة التجارية، وخصصت لها شعار "Mia Musa, Mia Inspirazione, Mia Nonna"، أي "مصدر الوحي، ملهمتي، جدتي".

- لماذا قررت الغوص في مجال الموضة، علما أنك تعملين في نطاق الهندسة الداخلية؟

منذ الطفولة، كانت الموضة شغفي، لكن رغبتي بالتخصص في هذا المجال، أزيحت عن الواجهة بعد أن تخرجت من المدرسة في العام 2006، لظروف شخصية. لكنني لم أنسَ يوما هذا الحلم.

لذلك قبل بضعة أعوام، بدأت بتصميم الحقائب وتنفيذها لنفسي، بمساعدة بعض الحرفيين. وفي العام 2012، بدأ أصدقائي بطلب التصاميم التي كنت أرتديها، مما ساعدني على تمويل العمل لأشهر عدة.

وأخيرا، قررت أن أعمل بجدية على المشروع، وأطلقت العلامة التجارية "Nicoletta Parodi"، المتخصصة بتصميم وتنفيذ الحقائب اليدوية، وأنشأت مشغلي الخاص في بيروت.

- ما الذي يميز تصاميمك عن غيرها؟ وكيف تواجهين المنافسة الموجودة في الأسواق اليوم؟

حقائب "Nicoletta Parodi" تعكس جوهر الأناقة والسحر والتألق والأنوثة. وأعمالي مختلفة لأنني أستعين دوما بخبراتي الهندسية والمعمارية، في تصاميم وأشكال الحقائب.

كما أنني أستورد بعض الأقمشة التي أستخدمها، من أوروبا، والبعض الآخر مصنع خصيصا في بيروت، مما يجعل المنتج فريد من نوعه ولا يشبه ما هو موجود من قبل في الأسواق.

أما بالنسبة الى المنافسة، فليس من السهل دائما مواجهتها، لكنها جزءا من حياة أي إنسان. وأعتقد أنها تشكل دافعا، يحثني على العمل أكثر كل يوم، على الرغم من واجباتي الكثيرة في وظيفتي كمهندسة بدوام كامل. لكنني مؤمنة أنه من خلال التصميم والعمل الجاد، والشغف والإبداع، يمكن تحقيق كل الأحلام. وهذه هي النصيحة التي أتبعها يوميا، كي أواصل العمل والمثابرة والنضال.

-  كيف استجاب السوق اللبناني لتصاميمك؟ وكيف تمكنت من ايصال أعمال إلى الأسواق الخارجية؟

تقبلت الأسوق اللبنانية تصاميم "Nicoletta Parodi" بغاية المحبة والاعجاب منذ انطلاقة العلامة التجارية في العام 2012. وحينها بدأت ببيع الحقائب من المنزل، ومن خلال الإنترنت، على وسائل التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"إنستاغرام". وبعد بضعة أشهر، انضممت الى متاجر عدة في لبنان اضافة الى موقع التجارة الإلكترونية "mysouk"، مما ساعدني أكثر فأكثر على النمو والتوسع.

وفي العام الماضي، انضممت أيضا الى سوق دبي، وبدأت بعرض تصاميمي في متجر في منطقة جميرا، وفي موقع "aura-b" للتجارة الإلكترونية. كما أطلقنا العلامة التجارية في جدة خلال العام الجاري 2014.

- من أين تستوحين تصاميمك؟

أول إلهام بالنسبة الي هو نيكوليتا بارودي بنفسها، اضافة الى أفلامها وصورها. فأنا أعتمد دائما على أفلامها عند اختيار أسماء لمجموعاتي. كما أن حقيبتي المفضلة، أسميتها تيمنا بأحد شخصياتها.

وبالإضافة إلى ذلك، أستوحي تصاميمي من الحياة اليومية؛ من المباني، والغرف،وقطع الأثاث، والأزياء، والمجلات... وحتى من الألون، والأشكال التي أصادفها عندما أرسم. كما أن الأبحاث التي أقوم بها تساعدني كثيرا. وبالتالي تتحول الأفكار والرسومات الى حقيقة في مشغلي، حيث أترجمها الى الواقع من خلال الأقمشة والأكسسوارات.

- هل واجهت أي تمييز لمجرد كونك امرأة؟ وما هي الصعوبات المهنية التي صادفتك؟

لا أعتقد أنني واجهت صعوبة في كوني "امرأة في عالم الرجال" لأنني لا أرى الأمر بهذه الطريقة. علما أنني نسوية بطبعي، لكن التمييز على أساس الجنس سيبقى جزءا من ثقافتنا، حتى ان دافعت عن حقوقي كامرأة أم لا.

أما على الصعيد المهني، فليس من السهل دوما التعامل مع الموردين، لكنني أعتقد أنه من خلال سلوك الشخص وشخصيته القوية، يفرض نفسه على من حوله، ويجبر الناس على احترامه ومعاملته بجدية، سواء أكان الشخص امرأة أم صاحب عمل ناشئ.

- ما الذي برأيك ساعدك على النجاح في حياتك المهنية؟

عندما اخترت "Nicoletta Parodi" كاسم لعلامتي التجارية، كنت أعلم أن هذه الرحلة ليست مجرد مشروع صغير، بل هي حلم لطالما أردت تحقيقه. فأنا شخص مدمن على العمل ومخلص له. كما أنني امرأة مليئة بالعزم ولا ترضى بالفشل. وأعتقد أن العمل الشاق والعاطفة والشغف، يشكلون مفتاح النجاح.

كما لا بد من الاعتراف أنه لولا دعم ومساعدة عائلتي وفريق العمل، لما تمكنت من الوصول الى ما حققته خلال عام واحد.

- ما هي مشاريعك وأهدافك المستقبلية؟

خططي المستقبلية تكمن في توسيع "Nicoletta Parodi" في منطقة الشرق الأوسط أولا، ثم التركيز على أسواق أخرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا. كما أنني سأنضم قريبا الى أسواق الأزياء في سلطنة عمان ومصر.

أما أهدافي فلا تزال نفسها، اذ أنني أسعى الى إطلاق المزيد من المجموعات في المواسم القادمة، والتوسع عالميا والانضمام الى عدد كبير من المتاجر، والمشاركة في المعارض قدر الإمكان.

- ما هي برأيك العقبات التي تقف في طريق تحسن وضع المرأة في لبنان؟

أعتقد أن هناك العديد من العقبات، أولها المجتمع الذكوري المتشدد، والنظام الفاسد والطائفي، اضافة الى القوانين المجحفة. لهذا يجب تركيز العمل على الإصلاحات القانونية، بهدف تحسين حقوق المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين.

وأكثرية الجهود في مجال حقوق المرأة تأتي من نشاط المجتمع المدني والجمعيات، لأننا نعيش في بلد حيث تنام جميع مشاريع القوانين الجديدة والإصلاحات، في الأدراج، نظرا لغياب القرارات الادارية. ولدينا اليوم حوالي 80 منظمة غير حكومية تعمل من أجل حقوق المرأة في لبنان، لكنني أعتقد أننا لا نزال بحاجة الى الكثير على مستوى هذه الحقوق.

انما لا بد من توجيه جزيل الشكر من قبل كل امرأة لبنانية، الى النشطاء والمنظمات غير الحكومية التي تتابع الملفات وتناضل يوميا من أجل تحسين وضع المرأة اللبنانية على كافة الأصعدة.

-  ما النصحية التي تقدمينها الى المرأة؟

أقول لها "اعملي على تحقيق أحلامك مهما كانت الظروف، وناضلي من أجل ما تحبينه، وثابري بكل قوتك، وأعطي من كل قلبك، حتى وان كان المجتمع يكبت تطلعاتك في معظم الأحيان".