لم تعد عطلة نهاية الأسبوع الموعد المحدد لمشهد طوابير ​السيارات​ العالقة على محطات الوقود التي تلبي الطلب وفق حدّ أقصى يتراوح ما بين 20 و30 ألف ليرة لبنانية... إذ تعودنا على هذا المشهد كافة الأيام والأوقات.

المشكلة لم تعد تقتصر عند هذا الحد، فالخلافات بين المواطنين العالقين من جهة وأصحاب المحطات وموظفيها من جهة ثانية إلى تزايد، لينتج عنها قتيل وعدد من الجرحى.

فيما يترقب المواطن رفع الدعم عن ​المحروقات​، إلى متى سيبقى رهن "​مصرف لبنان​" وفشل المعنيين بادارة ​الأزمة الاقتصادية​ التي يتحمل وحده تبعاتها؟ ولماذا هناك محطات تفتح أبوابها دون أخرى؟!

أسئلة أجاب عنها أمين سر تجمع أصحاب المحطات رشاد مشرفية، الذي أكد في مقابلة خاصة مع "الاقتصاد"، أن "أزمة ​البنزين​ ظهرت إثر الشحّ في الكميّات الموجودة في الأسواق وعدم التوزيع على المحطات، لافتا إلى أنّ الشحّ سيستمر ما دام هناك مشكلة في تأمين ​الدولار​ الجديد وفتح ​الاعتمادات​ من قبل مصرف لبنان، مما يقلّل التوزيع إلى المحطات، وتالياً يؤدي إلى النقص في السوق."

هذا ويسجل خلال هذه الأزمة، أنّ بعض المحطات تلجأ إلى بيع البنزين في ​السوق السوداء​. أضف إلى ذلك صهاريج البنزين التي تهرّب إلى الأراضي السورية، لأن البنزين اللبناني، وبفضل الدّعم، أرخص من البنزين السوري، وإن نجح الجيش في ضبط بعض الشحنات إلّا أنّ السيطرة على كامل الحدود يبدو أنها لم تنجح.

وحول هذه المسألة قال مشرفية:" باعتراف قائد الجيش لا يستطيع أحد ضبط تهريب المحروقات، هذ الأمر من العوامل الرئيسية أيضاً التي تزيد من أزمة المحروقات التي تسببت بمشاكل بين المواطنين وأصحاب المحطات في مختلف المناطق اللبنانية."

كما دان مشرفية ما "حصل من اعتداء في ​صور​ وقبله في ​عكار​، ونتج عنهما جريح وقتيل، وما يحصل من مشاكل في مناطق أخرى"، داعياً الأجهزة الأمنية الى "اتخاذ الاجراءات الضرورية لايقاف هذه الاعتداءات".

وقال: "ما يحصل في محطات المحروقات من مشاكل واعتداءات غير مقبول، لان أصحاب المحطات ليسوا كبش محرقة ولا ذنب لهم. فهم يعانون من أزمة الشح بالبضائع كالمواطنين، ويتحملون الإذلال في استلام المحروقات، ويضطرون إلى إقفال محطاتهم التي هي أبواب أرزاقهم".

وأضاف: "أصحاب المحطات ليسوا سبب الأزمة، فالسبب الرئيسي لأزمة البنزين هي الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد، والشح بالدولار الأميركي لدى مصرف لبنان الذي يؤدي إلى شح بفتح الاعتمادات لشركات الاستيراد، مما ينتج منه انخفاض في الكميات المستوردة، وبالتالي بالكميات الموزعة على المحطات لخدمة ​المستهلك​. فصاحب المحطة ليس لديه وسيلة أخرى غير التقنين بتسليم كميات البنزين للمستهلك، ليشمل أكبر عدد ممكن من المواطنين من خلال الكميات المتوافرة لديه".

ورغم الإعلان عن افراغ حمولة عدد من البواخر بعد صرف الاعتمادات لها من قبل مصرف لبنان إلا أن طوابير السيارات والزحمة أمام محطات البنزين لا تزال منتشرة وبكثافة في بيروت والمناطق كافة.

ولا يخفى على أحد أن الكمية التي ستسلم الى الاسواق لن تكفي حاجة المواطنين وذلك بسبب تخزين قسم منها الى حين صدور جدول ​اسعار المحروقات​ يوم الاربعاء المقبل، والذي من المؤكد أنه سيحمل ارتفاعاً جديداً باسعار المحروقات.

وصرح مشرفية: "صحيح أن هناك بواخر تحصل على موافقة المصرف المركزي وتفرغ حمولتها وتساهم بحلحلة جزئية للأزمة، ولكن ذلك لا يعني عودة الوضع الطبيعي على جميع محطات لبنان، فهناك نقصاً كبيراً في تلبية السوق المحلي."

وكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن قرار رفع الدعم عن المحروقات، إلاّ أن مشرفيه رجح عدم القيام بهذه الخطوة رغم نفاذ احتياطي مصرف لبنان من ​العملات​ الأجنبية، معتبراً أن الأزمة ستطول وسيبقى الوضع على ما هو عليه، ما يعني استمرار الشح والبقاء على ترشيد استهلاك البنزين."

وختم مشرفية متمنياً على المواطنين "تفهم هذا الموضوع وتخفيف الضغط عن أصحاب المحطات ومساعدتهم في تخطي هذه المرحلة، ليتمكنوا من تأمين ما يستطيعون الحصول عليه من بنزين و​مازوت​ لتسليمه اليهم، والتعاون لتخطي الأزمة الاقتصادية بأقل الأضرار الممكنة."