يستمر الوضع الراهن في لبنان بالتدهور على كافة الصعد، في ظل غياب الحلول على المدى القصير والبعيد.

جمود سياسي على صعيد تشكيل الحكومة، وشهر أيار إقترب من النهاية، حاملاً معه التساؤلات عن مصير الدعم، وما يترتب عليه من تداعيات.

ومن الحلول المطروحة، البطاقة التمويلية التي لم تبصر النور إلى الآن، وتراجع الحديث عنها من قبل المعنيين.

وعلى صعيد آخر كانت الأنظار موجهة نحو إطلاق "​مصرف لبنان​" هذا الأسبوع، منصة "​صيرفة​"، التي ستسمح بأنّ يصبح سوق ​الدولار​ أكثر شفافية، وما مدى تأثيرها على السوق الموازية، لكن لا تغيير حاصل في سعر الصرف، إذ بقي الدولار في مستوياته المرتفعة.

في هذا السياق، يؤكد عضو المجلس الإقتصادي الإجتماعي أنيس بو دياب، في مقابلة مع "الاقتصاد"، أن "هناك غياب كلّي للمعلومات حول إنطلاق عمل المنصة، التي بدأ العمل بها يوم الإثنين ظهراً، ولم يجرِ أي توضيح عن كيفية إجراء العمليات.. هناك غموض شديد في الآليات التطبيقية لدى ​المصارف​، بالرغم من خضوعهم لدورات تدريبية، وهذا ما يثير بعض علامات الإستفهام حول الموضوع".

وأضاف: "سعر الصرف في ​السوق السوداء​ لم ينخفض بسبب عدم ضخ الدولار، وربما "مصرف لبنان" لديه ​آلية​ ومن الممكن أن تُتَخذ بالإجراءات النقدية، وهي الغموض المطلق لحصول إرباك لدى المضاربين لسحب ​الكتلة النقدية​، ولاحقاً يتم التدخل بشكل طفيف، وتلك الطريقة تسخدم عالمياً، ولكن يبقى السؤال: هل تلك الإجراءات يمكن تنفيذها في لبنان؟".

وأشار إلى أن "المركزي لا يملك القدرة على التدخل بالدولار.. و​المصارف التجارية​ تنتظر من الذي سيضخ العملة الصعبة، وهل ستعتمد فقط على السوق، وهي تعترض على إستخدام الإحتياطي التي شكلته (3%) بموجب التعميم 154، ولا تريد عرضه في السوق ولو جزئياً".

وأوضح عضو المجلس الإقتصادي الإجتماعي، أن "حجم التداول في السوق الموازية ضئيل جداً، وكذلك بالمنصة.. الكل في حالة ترقب!".

ولفت إلى أنه "في حال تدخل المصرف المركزي بضخ الدولار لفترة زمنية، فإن السوق يحتاج في حال رفع الدعم إلى 600 مليون دولار، أي على "مصرف لبنان" التدخل بما لا يقل عن 200 إلى 300 مليون دولار شهرياً، لضبط السعر بشكل مقبول، بين الـ10000 ليرة و10500".

وتابع بو دياب: "​التوتر السياسي​ القائم، يزيد التخبط في سعر الصرف، أي هذه المنصة إن إستطاعت أن تؤمن بعض الشفافية بسوق الصرف، ستكون لفترة وجيزة، لأن هذه الإجراءات النقدية فعّاليتها قصيرة الأجل، وأصبحنا بحاجة إلى سياسات طويلة الأجل، تعتمد على سياسات مالية لا يمكن أن تتم إلا من خلال إصلاحات".

وإعتبر أن "المساعدات المالية بحال تم إرسالها من الدول وهذا مستبعد، لن تحل الأزمة، مثلاً: دولة قدمت ملياري دولار كهبة للبنان، ستؤمن إستقراراً لمدة لا تتجاوز الشهرين.. وإذا لم تترافق مع الإصلاحات ووضع سياسة نقدية، مع إحتساب الخسائر، وإعادة النظر بدمج ​القطاع المصرفي​، وإصلاح قطاع الكهرباء، بالإضافة إلى التدقيق الجنائي، سيتفاقم الوضع أكثر فأكثر".

وعن مسار الدعم مع إقتراب نهاية شهر أيار، أكد أن "مصرف لبنان، لا يستطيع رفع الدعم قانونياً، بل على الحكومة طلب القيام بهذه الخطوة، وهي ترفض هذه المسألة، قبل تأمين البطاقة التمويلية، التي لا يتم التداول بكيفية تطبيقها".

ورأى أنه "لا رفع للدعم لحين استنزاف أخر نقد من الإحتياطي.. ولا بطاقة تمويلية".

ولفت بو دياب، إلى أن "مسألة رفع الدعم عبارة عن تهويل، وفي ظل هذه العقلية بالإدارة السياسية وطبيعة إقتصاد البلد، ربما سيتم لاحقاً المس بالذهب".

وأكد أن "​رئيس الجمهورية ميشال عون​ ورئيس حكومة تصريف الأعمال ​حسان دياب​، لا يريدان رفع الدعم.. وهناك تخبط في هذا الملف".

إلى ذلك، أوضح أن "المجلس الإقتصادي الإجتماعي، ناشد منذ حزيران 2020، وقدم ورقة متكاملة منذ شهر ونصف، بتوافق كافة الكتل النيابية والمجتمع المدني، وخبراء من الداخل والخارج، ولم يؤخذ بها".

وأضاف: "الإجراءات التي يعتمدها المركزي، تحاول تخفيف الدعم، مثلاً يتم دراسة الملفات لـ3 أسابيع بدل أسبوع، والهدف منه ترشيد الدعم، لحين إلغاءه، لكن بغياب أي آلية حمائية للمواطن".

وعن مبادرة حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة، أشار بو دياب، إلى أنه "وفق البيان، يقال إنها قابلة للتفاوض مع المصارف، وتاريخياً وبشكل عام، أي تعميم يصدر عن المصرف المركزي، يكون بالتوافق وبالإجماع بين المركزي والمصارف".

وختم: "المبادرة جيدة بحسب بعض الخبراء، وكنا نطالب بتقسيط الودائع بالدولار.. وفعلياً ربط سلامة المبادرة بالغطاء القانوني، ويقصد هنا "برأيي" إقرار قانون الـ"كابيتال كونترول" أو إدارة ​السيولة​، لكي لا تكون هذه العملية (إستعادة أموال المودعين) غطاء لإعادة تهريب رؤؤس الأموال.. وهذا إجراء نقدي قصير الأجل يعطي ثقة، لكن يجب أن يترافق مع إعادة هيكلة القطاع المصرفي".