تتزايد التحذيرات الدولية والمحلية، حيال الواقع الاقتصادي اللبناني المنهار، واتساع رقعة ​الفقر​ وتزايد ​البطالة​ بين اللبنانيين، فيما الانقسامات السياسية على حالها، تمنع التوصل إلى حلول لوقف الانهيار الذي طاول مختلف القطاعات الاقتصادية.

وفي ظل الواقع القائم، أعلن ​المجلس الاقتصادي​ والاجتماعي، وضع ​خارطة طريق​، عبارة عن تصور لـ "إعادة توجيه الدعم الى مستحقيه، وتحويله إلى منطلق لتحقيق سياسة اجتماعية مطلوبة"، وجاءت هذه الورقة بمقاربتها الاجتماعية بعنوان "مدخل لإعادة توجيه الدعم: الورقة التشاركية".

مدير عام المجلس الاقتصادي والاجتماعي محمد سيف الدين، شرح في مقابلة مع " الاقتصاد" أهم البنود الواردة في الورقة، وما يمكن أن تحققه في حال تم تبنيها.

من شارك بإعداد الورقة؟ وما الهدف الرئيسي منها؟

"الورقة نتاج اجتماعات مكثّفة عقدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي مع مجموعة من الخبراء المتخصصين وممثلين عن المؤسسات الدولية وعدد من الوزراء المعنيين، وممثلي الكتل النيابية والأحزاب السياسية، أفضت بعد شهرين إلى وضع تصوُّر لإعادة توجيه الدعم إلى مستحقيه، وتحويله إلى منطلق لتحقيق سياسة اجتماعية مطلوبة، ووقف سياسة الدّعم الحالية، التي تهدر أموال المودعين.

أحد الأهداف الأساسية، تخفيض كلفة الدّعم التي يتحمّلها ​مصرف لبنان​ وخزينة الدّولة وهي بالأساس أموال من ودائع النّاس، ومن النّاحية الثانية تتمحور أهداف الورقة في تحسين كفاءة ​آلية​ توزيع الدّعم، وثالثاً، أن تكون البطاقة التمويلية مدخلاً إلى تأمين الأساسيات للمواطنين، وعدم فقدان السّلع، وضخ الدّولار في الأسواق، ما يؤمن إعادة تداول العملة الأميركية في السوق."

هل يستنزف تطبيق هذه الورقة احتياطي مصرف لبنان؟

"على العكس، إذ إن الإستمرار في النهج ذاته المتّبع حالياً، يستنزف 6.4 مليار دولار من احتياطي مصرف لبنان على سياسة الدعم المتّبعة وهي من أموال المودعين، وهو ما سيؤدي مستقبلاً إلى تآكل كل الودائع.

والإجراء الأول المقترح، هو القيام بخفض هذا المبلغ المخصص للدّعم، لحماية هذه الأموال. وورقة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبند المخصص بالبطاقة التمويلية، لا تنحصر تمويلها باحتياطي مصرف لبنان، إذ بحسب المقترح، تُموَّل البطاقة أولاً من مصرف لبنان، على أن يضاف إليها تمويل قرض البنك الدّولي، بالإضافة إلى البحث عن طرق أخرى للتمويل عبر إطلاق المسار السياسي، من تشكيل حكومة وإجراء إصلاحات، والبحث عن تمويلات خارجية.

الهدف الذي تقترحه الورقة، هو خفض الدّعم من 5.2 مليار دولار إلى 2 مليار دولار، والأهم لتطبيق هذا الإصلاح، وجود مواكبة في المسار السياسي وبدء الإصلاحات فوراً ما يعيد التمويل و​المساعدات​ الخارجية."

رفع الدعم سيُطلق سلسلة من التضخّم بما يعنيه ذلك من انهيار سريع في سعر الصرف، ما يفاقم الفقر والبطالة، كيف ستمنع الإجراءات في ورقة حدوث ذلك؟

"نحن بحثنا أولاً عن التوافق بين الكتل السياسية والبرلمانية والأحزاب، والهدف من الورقة يتمحور حول الشؤون الاجتماعية وهو أقوى من الجانب الاقتصادي، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي يرفض بأي شكل من الأشكال رفع الدّعم، قبل الشروع في توزيع الأموال.

إصدار البطاقة يجب أن يسبق رفع الدّعم، والموضوع الرقابي هو أساسي في مسار الإصلاحات الذي يجب تطبيقه.

تطبيق سياسة البطاقة التمويلية، سيضمن عدم فقدان السلع من الأسواق، كما سيحفظ القوة اشرائية لـ 80% من المواطنين، وعوضاً عن الدّعم الحالي، سيتم تخصيص 100 دولار لكل عائلة، ستوفر حماية من خلال تأمين الأساسيات للأسر."

هل تكون هذه الورقة، مغايرة فيما يتعلق بالتعاطي الرسمي اللامبالي مع المبادرات السابقة؟

"إن المجلس الاقتصادي والاجتماعي وفقاً لنا نصّ عليه قانونه التأسيسي عام 1995، فإن عمله ينحصر بصياغة السياسة الاقتصاديّة والاجتماعيّة للدولة التي تطلبها منه الحكومة، والمجلس يعمل للشعب ولا ينحصر عمله بالحكومات، الموكلة بتطبيق الإصلاحات.

أما اللافت في هذه الورقة، فإنها لاقت توافقاً من الكتل والأحزاب والخبراء والمؤسسات الدولية والوزراء. والهدف من خلالها إيجاد خرق للوضع الحالي والجمود الحاصل، فيما جودة هذه الورقة تعتمد على حسن التطبيق."