جيهان داغر أم ​عاملة​، علّمت نفسها بنفسها تقنيات ​الخبز​، وهي تشارك اليوم شغفها مع المتابعين، عبر صفحة "Maman Chocolat".

وتقول أن رائحة مطبخ جدتها عندما كانت تخبز ​الحلويات​، هي واحدة من أكثر الأشياء التي ميزت طفولتها. فهي لم تكن يوما خبازة أو طاهية، ونادرًا ما كانت تحاول الطهي قبل أن تتزوج في عام 2010. وبعد الزاوج، دخلت الى مطبخها الصغير، ومن هناك بدأ كل شيء.

كان تحضير وجبتها الأولى "القرع المحشي" طويلًا، لكنه ممتع، وجعلها ترغب في تجربة أشياء جديدة، من أبسط السلطات إلى أكثر الأطباق تعقيدًا. وأخيرًا، قررت عدم شراء قالب حلوى جاهز، بل أرادت تحضيره بنفسها. ومن هنا، وجدت نفسها بعد عام، تطبق وصفات لم تكن تتصور أننها تستطيع تحضيرها. وفي تلك المرحلة، أدركت مدى حبها للخبز.

وبعد بضع سنوات، أصبحت تُعرف بـ"Maman Chocolat"، الخبازة المنزلية الشغوفة، والأم لثلاثة أولاد.

فلنتعرف أكثر جيهان داغر، من خلال هذه المقابلة التي خصّت بها موقع "الاقتصاد":

-من هي جيهان داغر؟

حصلت على إجازة في إدارة الأعمال من "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB"، وعلى ماجستير في التسويق، من "جامعة سيدة اللويزة"، "NDU".

أما فكرة "Maman Chocolat"، فبدأت بالصدفة، حيث كنت أطهو وأخبز في المنزل لعائلتي ولأصدقائي، بهدف التسلية فقط، ومن ثم أنشر ​الصور​ على صفحتي الخاصة على ​مواقع التواصل الاجتماعي​. وذات مرة، منذ حوالي أربع سنوات، تواصلت معي سيدة، اعتقدت أنني صاحبة متجر لبيع الحلويات، وطلبت مني تحضير عدد كبير من المنتجات. وبعد البحث والتفكير، قررت تلبية هذه الطلبية التي كانت الأولى.​​​​​​​

بعد ذلك، حصل بعض الأشخاص على رقمي من هذه السيدة، وبدأوا بالتواصل معي. وبهذه الطريقة، بدأت بهذا العمل، دون أي تخطيط. ولقد استمتعت كثيرا به، فقررت الاستمرار. ومع زيادة الطلبيات، أطلقت اسم "Maman Chocolat" على صفحتي، وأصبح المتابعون يتعرفون إلي من خلاله؛ في نهاية المطاف، أنا أم، و​الشوكولا​ هو شغفي.

-برأيك، لماذا تنال صفحة "Maman Chocolat" هذا الإقبال الواسع من المتابعين؟

أولا، صفحتي حقيقية 100%، وذلك لأنني أشارك شخصيتي وهويتي مع المتابعين. فأنا لست مدوِنة إلكترونية (blogger)، بل مجرد سيدة عادية، تنشر بالفعل ما تقوم به في يومياتها، وتظهر للناس شغفها بالشوكولا.

ثانيا، صفحتي عفوية للغاية. فرغم تخصصي في التسويق والأعمال، إلا أنني لا أستخدم أي استراتيجية على الصفحة، لكي تحافظ على عفويتها وصدقها مع المتابعين.

ثالثا، "Maman Chocolat" هي جزء مني، كما أنها صفحة مسلية للغاية، كونها تضم الوصفات الشهية، والصور الجميلة، والمواضيع الإيجابية. فأنا أتشارك مع المتابعين، حياتي اليومية كأم عاملة؛ وهذا المشروع هو بمثابة عمل جانبي، بالإضافة الى وظيفتي الثابتة.

-كيف تنجحين في التنسيق بين عملك وصفحتك وعائلتك ومنزلك؟

عندما بدأت أسعار المنتجات بالارتفاع بشكل جنوني في ​لبنان​، قررت التوقف عن بيع الحلويات، وأبقيت على الصفحة لمشاركة الصور والوصفات والمشاريع المتنوعة. فالفكرة الأساسية من "Maman Chocolat"، كانت تقديم الحلويات الشهية واللذيذة، بأسعار مناسبة للجميع. وعندما شعرت بعدم قدرتي على تأمين ذلك، قررت التوقف قليلا.

كما كنت أواجه صعوبات كثيرة في إيجاد بعض المكونات. وأنا لا أحب تغيير نوعية منتجاتي، ولهذا السبب، كنت أمام ثلاثة خيارات: إما خفض النوعية، إما رفع الأسعار بشكل كبير، وإما إيقاف العمل.​​​​​​​

ولكن في الفترة السابقة لذلك، أي عندما كانت الأعمال تسير بشكل طبيعي، كنت أفتقد الى ساعات ​النوم​، وأعمل على الدوام، خاصة لأنني أحضر الطلبيات بمفردي. وذلك من أجل قضاء الوقت مع أولادي، والاهتمام بعائلتي ومنزلي، وفي الوقت ذاته خدمة الزبائن والاهتمام بطلبياتهم.

-كيف تنظرين الى المنافسة الكبيرة الموجودة اليوم في هذا المجال على مواقع التواصل الاجتماعي؟

لا أعتقد أن المنافسة موجودة، لأن كل شخص يتحلى بأسلوبه الخاص وذوقه المميز، وسيجد حتما من يحبه ويتابعه.

-ما هي الصفات التي ساعدك على التقدم وتحقيق النجاح؟

المتابعون يقولون لي دائما أنهم يحبون صفحتي لأنها إيجابية. فأنا أسعى الى نشر الحب والروح الجميلة، خاصة مع ظل الأوضاع الصعبة التي نمر بها في لبنان.

فكل شخص منا بحاجة الى دفعة، الى ابتسامة، الى أمل. وبالتالي، لا أتذمر على صفحتي، بل أتطلع دائما الى الأمام بروح متفائلة.

-هل تلقيت الدعم من محيطك في ما يتعلق بمشروع "Maman Chocolat"؟

في البداية لم يصدق أحد أنني سأستمر بهذا المشروع، ولكن بعد فترة، أثبت لهم العكس وتغيرت نظرتهم.

فبعد حوالي سنة من الانطلاق بالعمل، وصلت الطلبيات الى حدود الـ30 قالب من الحلوى في الأسبوع.

-ما هي نصيحة جيهان داغر الى المرأة؟

في لبنان، نجد أن بعض الرجال، وبعض أفراد المجتمع الذكوريين، لا ينظرون الى المرأة بشكل جدي، وهذا الأمر مؤسف للغاية.

لكن المرأة قادرة حتما على تحقيق النجاح. وحتى لو كانت زوجة وأم و​موظفة​، وأرادت تحقيق حلم أو هدف معين، عليها المواظبة على ذلك، من خلال التخطيط والتنظيم، مهما اشتدت الصعاب وكثرت الضغوط والانتقادات.

فعلى الصعيد الشخصي، عملت نهارا وليلا بشكل متواصل لمدة ثلاث سنوات، وتعبت وتعذبت لخدمة مشروعي، لأنني آمنت به. كما لم أستمع الى الآراء والأفكار السلبية من الناس، بل ثابرت على التقدم، وأصريت على إنجاح مشروعي، واجتهدت بكل ما للكلمة من معنى، من أجل تحقيق هذه الغاية. وأنا فخورة للغاية بما وصلت اليه صفحة "Maman Chocolat".

نحن السيدات نعاني من صعوبات أكثر من الرجل للوصول، بسبب نظرة المجتمع المجحفة بحقنا. لكن من خلال الشغف، الإرادة، والاستعداد للتضحية، نستطيع الوصول الى أبعد النجاحات.