دفعت ​السياح​ة في ​لبنان​ ضريبة عالية جدا في 2020، ولعلّ المؤسسات السياحية والأسواق هي الأكثر تضررا من جراء الأزمات المتلاحقة. فهذا القطاع الذي ينشر "ثقافة الحياة"، ويلعب دوراً مهماً كدعامة للاقتصاد الوطني، كان يعاني بالأساس من ​​الأزمة الاقتصادية​ والمعيشية​ الخانقة التي تسيطر على البلاد، إضافة الى تداعيات "كورونا"، التي ألقت بظلالها عليه، وبذلك، سيختم العام بتراجع ملحوظ!

بين همّين: الصحي والمعيشي...

"أفضّل أن أموت من "كورونا" بدلا من أن أترك عائلتي تموت من ​الجوع​". نعم لقد وصلنا الى هذا الحد هذا العام، في بلد الإفلاس و​الفساد​. فلبناننا يغرق والمنقذ غائب... وبين "كورونا": قاتل النَفْس والنَفَس، وفساد الطبقة السياسية: قاتل الأمل والطموح، بات حوالي نصف اللبنانيين، يقبعون تحت خط ​الفقر​، لتطغى بذلك المتطلبات المعيشية وحدة الأزمة، على فرحة ​العيد​!

سنوات مرت وقطاعاتنا تحارب الموت. سنوات ارتفعت فيها المطالب، و"لا حياة لمن تنادي". سنوات والمؤشرات من سيء الى أسوأ، بسبب طبقة سياسية أكلت الأخضر واليابس، والملفت أنها لم "تشبع" بعد. والأوقح أنها ترفض اتهامها بالسرقة والفساد، وترمي اللوم على الطرف الآخر.

هل تذكرون كم كانت الأوضاع سيئة وصعبة خلال السنوات الأخيرة الماضية؟ البعض يحلم بأن تعود الحياة لما كانت عليه حينها! ولكن للأسف، في بلدنا لبنان، تأتي الأزمة أزمات... حيث ألقت "الكارثة" الإقتصادية والمالية بظلالها على الأجواء الإحتفالية، مع غياب الكثير من مظاهر ​عيد الميلاد​، فيما بقيت الزينة التي كانت تملأ الشوارع في مثل هذه الفترة، خجولة جداً، واقتصرت على ما كان موجودا في السابق.

شهر الأعياد الذي يعول عليه كثيرون، وخاصة ​التجار​ وأصحاب المؤسسات السياحية، لإنقاذ سنتهم المالية، بات يتلخص بجملة "حدّث ولا حرج!"، بعدما كان "بالزمانات"، مناسبة لحصد الأرباح ولجم الخسائر.

لقد كانت بالفعل سنة نارية بامتياز؛ "كورونا"، وفيات، فساد، ​بطالة​، انفجار ​مرفأ بيروت​، ضحايا، تحقيقات، جرائم هدر للمال العام، انهيار سعر صرف العملة مقابل ​الدولار​، ارتفاع أسعار السلع بشكل جنوني، تراجع القدرة الشرائية للبنانيين كافة، هجرة شرعية وغير شرعية، تهديدات أمنية، وغيرها...

القطاع السياحي​... أمل رغم الانهيار!

تعد فترة احتفالات عيدي الميلاد ورأس السنة، من أهم المواسم السياحية حول العالم، إلا أن الظروف الاستثنائية التي يشهدها العام، جعلت المشهد السياحي مختلفا تماما.

أما في لبنان، فلم يبقَ أي قطاع اقتصادي في لبنان بمنأى عن الأزمة، و​السياحة​ التي كانت تؤمن مردودًا كبيرا للدولة اللبنانية، باتت تتكبد اليوم خسائر جمّة، وأصبحت تكافح من أجل الاستمرار.

فهل حرّكت الأعياد المؤسسات السياحية؟ ماذا عن نسبة الحجوزات؟ هل يبقل اللبنانيون على ارتياد المطاعم والملاهي في ظل التخوف من "كورونا"؟

​​​​​​​

بيروتي

أشار الأمين العام لإتحادات النقابات السياحية ​جان بيروتي​، في حديث خاص لموقع "الاقتصاد"، الى أن ​موسم الأعياد​ خلال العام الماضي 2019، كان في زمن الثورة، وقد تراجعت الحركة السياحية من 30% الى 40%، في حين سجل التراجع في عام 2020، من 80% الى 90%.​​​​​​​

وأوضح أن السياح بدأوا بالقدوم الى لبنان، خلال تموز وآب وأيلول، حيث استقبلنا نحو 120 ألف سائح. وفي تشرين الثاني قبل فترة الإغلاق والحجر، جاء 15 ألف سائح عراقي الى لبنان. أما اليوم، فنحن نعيش في حالة من الترقب، وننتظر قدوم بعض السياح خلال الأسبوع المقبل، أي قبل عيد رأس السنة.

كما لفت بيروتي الى أن معظم الفنانين اللبنانيين المعروفين، حجزوا سهراتهم خارج لبنان وبأرقام ضخمة، وبالتالي، فإن عدد الحفلات المحلية خجول للغاية، كما هو واضح. وقال: "من المتوقع أن يعيش القطاع بعض الحركة خلال ليلة رأس السنة، لكن غالبية المطاعم ستقدم قائمة طعام كالأيام العادية".

بيروتي: سجل التراجع بين 80% و90% في 2020

أما بالنسبة الى الأسعار، فأكد أنها تراجعت الى حد كبير، وأضاف: "في حفلات الفنانين من الفئة الأولى، قد تكون أسعار التذاكر المرتفعة، ولكن ليس بسبب أجرة الطعام والمشروبات، بل بسبب أجرة الفنان".

​​​​​​​

وأكد بيروتي لـ"الاقتصاد" أيضا، أن عام 2020 هو الأسوأ إطلاقا، على مختلف القطاعات وعلى جميع الأشخاص، ومن النواحي كافة. كما لفت الى أن "الإجراءات القاسية التي اتخذتها البلدان الأخرى هي نتيجة الأوضاع السيئة جدا التي تعيشها من جراء انتشار فيروس "كورونا"، ولكن في لبنان، الوضع مقبول نسبيا، وهذا ما أتاح لنا فتح أبواب مؤسساتنا، ضمن إجراءات مشددة، من أجل استقبال الناس؛ فقد تم تفريغ المطاعم من 50% من الكراسي. ومن هنا، نطلب من الدولة المراقبة والتشدد في تطبيق هذه الإجراءات، كما نظمئن الناس حول سلامة مؤسساتنا".

وقال: "حتى أن لجنة "كورونا"، تنصح المواطنين بالسهر في المطاعم، بدلا من الشاليهات و​المنازل​، لأن هذه الأماكن ستضم عددا كبيرا من الأشخاص في مساحة ضيقة للغاية، ما يزيد من خطر انتقال الفيروس".

"كورونا"... "The Christmas Grinch" لعام 2020!

"الغرينش" شخصية خيالية ابتكرها دكتور سوس، وأصبحت هذه الروح الشريرة المعادية للعطلات، مصطلحًا يشير إلى من يرفض احتفالات عيد الميلاد، أو إلى شخص ذات أسلوب فظ وجشع.

اذ تتزامن فترة الأعياد في 2020، مع عمليات الإغلاق في جميع أنحاء ​أوروبا​، فيما يسيطر الشعور وكأن عيد الميلاد قد أُلغي. اذ لم يترك فيروس "كورونا" جانبا من جوانب الحياة، إلا وخلّف فيه أثرا واضحا، ومع استمرار تفشي الجائحة في العالم، والحديث عن ظهور سلالة جديدة من الفيروس، تنتشر بشكل سريع في الدول الأوروبية، يبدو أن موسم الأعياد هذا العام قد يكون مختلفا للغاية، في ظل التحذيرات من الاحتفالات والتجمعات الكبيرة.​​​​​​​

لكن المشهد مختلف الى حد ما في لبنان، في بلد "الاستهتار" حيث يعيش عدد من اللبنانيين أجواء العيد والتبضع "على كيفهم"، وكأن شيئا لم يكن! فالمجمعات التجارية اضطرت الى إغلاق أبوابها، ليس بسبب إجراءات رسمية، بل من جراء الاكتظاظ الكبير الذي تشهده، وذلك لعدم قدرتها على استيعاب المزيد من الأشخاص، الذين لم يتعبوا أنفسهم حتى، باتخاذ أدنى معايير السلامة العامة والتباعد الاجتماعي. كما أن المعارض والمهرجانات والاحتفالات العامة تقام في عدد كبير من المناطق، وسط تخوف من ازدياد عدد الحالات المصابة بـ"كورونا" بنسبة 25% كحد أدنى، بعد انتهاء فترة الأعياد.

فهل ستجتمع العائلات وهل سيلتقي الأحباء في الأعياد؟ كيف جاءت نسب استئجار الشقق المفروشة خاصة في ليلة رأس السنة؟

بدر

كشفت المسؤولة الإعلامية في نقابة أصحاب الشقق المفروشة، بدر بدر، لموقع "الاقتصاد"، أن هذا القطاع مهم للغاية، كونه يضم أكثر من 180 مؤسسة على الأراض اللبنانية كافة. وقالت: "نركز على السياحة العائلية والاستشفائية والطلابية والرياضية، لكن جميع الأنواع السياحية غائبة اليوم، كما أن العديد من المناسبات قد ألغيت، في ظل الأوضاع الصعبة".

وأوضحت أن الحجوزات خجولة في بيروت، ولكنها معدومة خارج العاصمة. وتابعت قائلة: "بالإجمال يأتي المغتربون الى لبنان، ويمكثون في منازل عائلاتهم، وبالتالي، فإن عددا قليلا منهم يستأجر الشقق".

وفي ما يتعلق بالأسعار، قالت بدر: "نحن في مأزق كبير، اذ أن أسعارنا متدنية للغاية بالنسبة الى سعر صرف الدولار، في ظل ارتفاع التكاليف والمصاريف". وأضافت: "نشجع الناس على استئجار الشقق المفروشة لقضاء سهرة رأس السنة، مع عدد محدود من الأشخاص، وذلك لتفادي انتشار فيروس "كورونا" من جهة، وخطر الطرقات في هذه الليلة التي تحصل فيها العديد من حوادث السير الخطيرة. ورغم ذلك، لا نشهد على أرقام مهمة".

بدر: نشجع الناس على استئجار الشقق المفروشة لقضاء سهرة رأس السنة

كما أكدت أن عام 2020 هو الأسوأ على الإطلاق، فصحيح أن القطاع كان يعاني منذ عام 2010، ولكن لم يشهد يوما على هذا النوع من التراجع. وذكرت: "عندما كانت ​السياحة العربية​ والأوروبية موجودة بالفعل، كانت معظم مصاريفنا تذهب الى رسوم المولدات وتأمين ​المياه​. ولكن اليوم، نتمنى الحصول على المساعدة من ​الدولة اللبنانية​، لكي يتم إعفاءنا على الأقل، من الرسوم البلدية و​الكهرباء​ واشتراك المياه، لكي نتمكن من الاستمرار".​​​​​​​

وأضافت: "هذه بعض مطالبنا في ظل الوضع الصعب، وغياب المداخيل والحجوزات بشكل شبه تام. واتكالنا اليوم على جيل ​الشباب​، ورغبتهم في تحقيق التغيير في هذا البلد، لأننا تعبنا بالفعل. فكل دول العالم مرهقة بسبب "كورونا"، في حين أننا نعاني في لبنان من مشاكل جمّة، تثقل كاهلنا بهموم ومشاكل لا تنتهي".

نار الغربة تكوي قلوب الكثيرين...

وبالإضافة الى شبح "كورونا"، شهد عام 2020، موجات كثيفة من الهجرة الشرعية وحالات التهريب والهجرة السرية عبر قوارب الموت. حيث غادر43.764 شخصاً لبنان عبر ​مطار بيروت​ الدولي، خلال فترة لا تتعدى 12 يوماً، بعد انفجار المرفأ، بحسب إحصاءات الشركة "الدولية للمعلومات"، ولا شك أن العدد توسع أكثر فأكثر مع كل يوم جديد.

فالهجرة أصبحت هاجس اللبنانيين ولسان حالهم، حتى بات عدد العائلات التي تحترق بنار غربة أحبائهم وأصدقائهم، لا يحصى ولا يعدّ! والحسرة تكبر أكثر فأكثر في موسم الأعياد، الذي يجمع بالعادة العائلات لقضاء أوقات ممتعة وجميلة. ولكن منازل كثيرة، تفتقد هذه السنة الى أحباء غادروا، "قُتلوا"، أو خسروا معركتهم مع الوباء!

فقد صادفت والدة أحد الشبان الذين اضطروا لمغادرة لبنان، من أجل تأمين لقمة العيش، وقالت لي: "حسرة كبيرة في قلبي هذا العيد. ابني "بآخر الدني" عم يتعب من جديد كرمالنا، لأن حكامنا سرقوا البلد وسرقونا".

في المقابل... عائلات فرحت بعودة مغتربيها!

بدأ عدد لا بأس به من المغتربين، بالوصول الى لبنان منذ منتصف شهر كانون الأول الجاري، وذلك بعدما زادت الجائحة وتأثيراتها على حركة السفر، من اشتياقهم الى أحبائهم في الوطن.

ورغم ذلك، سجل عدد القادمين الى لبنان انخفاضا ملحوظا، حيث استقبل مطار بيروت، 112010 شخصا في أول 15 يوما من كانون الأول 2019، مقابل 61629 خلال الفترة ذاتها من العام الجاري 2020، لتبلغ نسبة التراجع نحو 45%.

​​​​​​​

أما السبب الرئيسي لهذا التراجع، فيتمثل في أزمة "كورونا" التي قيدت حركة المطار، حيث أصبح يعمل بنسبة 15% من قدرته الاستيعابية؛ ففي حين كان يستقبل يوميا نحو 20 ألف شخص في 2020، بات يستقبل اليوم 3000 شخصا فقط.

فرحة العيد بما هو موجود!

لم يمنع تفشي "كورونا" من تحضير المغارة وشجرة عيد الميلاد في المنازل وإعداد الحلوى، رغم أن ذلك اقتصر على أفراد الأسرة المصغرة الواحدة، دون مشاركة خارجية كما جرت العادة.

فلا شك أن هذه السنة هي استثنائية باميتاز، من ناحية الصحة والجيبة أيضا، كما أن فرحة العيد مختلفة هذا العام على الصعد كافة، لكن اللبناني الإيجابي بطبعه، لا ينفك يبحث عن الحلول للتكيف مع الأزمة الاقتصادية التي نمر بها، ولن يتخلى بسهولة عن مظاهر هذه البهجة التي ينتظرها من سنة الى سنة، ولو على حساب صحته وجيبته!

إنها قصة صمود شعب في وجه طبقة سياسية، هي أسوأ ما مر على لبنان، ووباء عالمي حصد أرواح أكثر من 1.7 مليون شخص.

غلاء فاحش طال جميع القطاعات...

الضائقة المالية والاقتصادية التي يعيشها لبنان، أثرت سلبا على حياة المواطنين، والنتيجة واحدة: كلنا أصبحنا فقراء! فقد دفعنا الكثير من جيوبنا، وما زلنا نسدد ثمن سياسات حكومية وهندسات مالية أطاحت بطموحاتنا ومدخراتنا!

تسود المرحلة الراهنة ضبابية قاتمة، لا يمكن معها التكهن الى أين ستسير البلاد، وأين سيحطّ رحاله اقتصادنا المحتضر. في حين نبقى رهينة التجار والمحتكرين، الذي يعمدون الى رفع أسعارهم بشكل غير مبرر، في وجه مستهلك مثقل بالديون والهموم والمتاعب.

رأس السنة في لبنان... من سيحتفل في المطاعم؟

تفتقد الشوارع اللبنانية في مثل هذه الفترة من السنة، الى الإعلانات عن الحفلات الضخمة التي كانت تجمع في العاصمة بيروت، ليلة رأس السنة، أهم الفنانين. اذ لطالما عُرف لبنان بالمقصد الأول لكل المناسبات السعيدة. فاللبناني يحب الإحتفال والسهر، وهو مشهور بروحه المفعمة بالتفاؤل مهما ضاقت به الظروف.

لكن الأمور اختلفت تماما هذه السنة، فعلى الرغم من أن الحفلات لم تغب تماما، رغم الظروف الاقتصادية وانتشار "كورونا"، إلا أن غالبية الفنانين من الفئة الأولى، اختاروا إحياء حفلاتهم في الخارج.

هل سيسهر اللبنانيون ليلة رأس السنة؟ كيف يمكن وصف الإقبال في ظل الأزمة المعيشية وانتشار الوباء؟ هل رفعت المطاعم أسعارها خلال فترة الأعياد؟ كيف يتم تسعير هذه السهرات؟

نزهة

ذكر نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في ​​لبنان​​ ​خالد نزهة​، في حديث خاص لموقع "الاقتصاد"، أن "عام 2020 كان سيئا للغاية، فقد واجه القطاع عددا كبيرا من المشاكل و​الكوارث​".

​​​​​​​

وأشار الى أن "حركة الحجوزات بدأت بالظهور، والأجواء مقبولة نسبيا. فمع إغلاق معظم الدول الأوروبية، يفضل اللبناني المغترب القدوم الى لبنان، لقضاء فترة الأعياد مع العائلة والأحباء والأصدقاء، بدلا من البقاء في الخارج في ظل هذه الظروف. فلنستفد من هذه الفرصة لتشجيعهم على المجيء الى لبنان، وإدخال الدولارات الى السوق، وبالتالي، إعطاء بعض الأوكسجين والأمل للمؤسسات السياحية والمطاعم التي تعاني منذ فترة".

وقال: "نسعى بكامل جهودنا الى اعتماد أعلى معايير السلامة، لأننا نمر في مرحلة صعبة للغاية، والطاقم الطبي الذي يعتبر خط الدفاع الأول عنا وعن البلاد، بات منهكا بسبب التضحيات الكثيرة التي يقدمها".​​​​​​​

نزهة: حركة الحجوزات بدأت بالظهور والأجواء مقبولة نسبيا

وأكد نزهة أيضا، أن قطاع السهر، الذي يضم أكثر من 25 مهنة (الصوت، الإضاءة، الموسيقى،...)، تأثر الى حد كبير خلال هذه السنة بسبب فيروس "كورونا"، ومن خلال التعاون بين النقابة، وأصحاب المؤسسات ولجنة "كورونا"، تمكنا من تقديم "خارطة ذكية"، تعتمد على نسبة استيعابية 50% للمؤسسات، والتباعد الاجتماعي بين الطاولات، وغيرها من الأمور، من أجل دفع عجلة القطاع وإعادة إحيائه".

وحول الأسعار، لفت لموقع "الاقتصاد"، أن الأسعار مدروسة للغاية، مع العلم أن أصحاب المؤسسات يشترون البضائع على دولار ​السوق السوداء​. وبالتالي، فإن المغترب اللبناني القادم الى لبنان، أو السائح العربي أو الأجنبي، سيجد أن الأسعار متدنية جدا بالنسبة له، لأنه سيدفع بالدولار. فالليرة اللبنانية فقدت نحو 85% من قيمتها، لكن أصحاب المطاعم لم يعمدوا الى رفع أسعارهم خمسة أضعاف، بل فضلوا أن يكون الارتفاع مقبولا، رغم غلاء الكلفة التشغيلية والمواد الاستهلاكية، من أجل استقطاب الزبائن، الذين يعانون من ضائقة معيشية كبيرة.

كما أكد أن "عام 2020 هو الأسوأ على قطاع المطاعم في التاريخ الحديث للبنان، لكننا نريد الإضاءة على العامل الإيجابي، ونتمنى قدوم المغتربين الى البلد لقضاء فترة الأعياد مع عائلاتهم، وننصحهم بالسهر في المطاعم والملاهي، بدلا من المنازل والشاليهات، من أجل تفادي الاكتظاظ وغياب الرقابة. فجميع المطاعم اللبنانية ستكون تحت المراقبة والإشراف، ومن هنا، نطمئن الناس ونشجعهم على المجي. فقد طلبنا من المؤسسات تطبيق جميع الإجراءات بدقة، وفي المقابل، تمنينا على الدولة اللبنانية تطبيق القانون بحذافيره، وإقفال أي مؤسسة مخالفة، قد تضر بصحة الناس، لأنها تؤثر بذلك على القطاع وسمعته". وتابع قائلا: "هذه فرصتنا الأخيرة، لنعيد الثقة الى القطاع والبلد. فاذا نجحنا في الإجراءات المتخذة، ومرت فترة الأعياد بخير، سيشكل ذلك مقدمة للعودة الى فتح البلد في العام الجديد".

دقدوق

أما قطاع تأجير ​السيارات​، فهو من بين أكبر الخاسرين في 2020، حيث تحمّل عبء غياب السياح من جهة، وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، فباتت مستقبل شركاته مهدد بالخطر والزوال، لأن أسعاره لم تعد تكفي لتغطية تكاليفه التشغيلية.

​​​​​​​

ومن هنا، كان لـ"الاقتصاد"، مقابلة خاصة مع نقيب شركات أصحاب تأجير ​السيارات​ محمد دقدوق، الذي أكد أن السياحة معدومة، في حين أن حركة التأجير للمغتربين، لا تتجاوز الـ2% أو 3%. كما أن إجمالي تشغيل قطاع تأجير السيارات، حسب عدد السيارات الموجودة في لبنان، لا يتجاوز الـ4% أو 5%.

وأكد أن "الاعتماد اليوم هو على الزبون اللبناني الذي لا يستطيع شراء سيارة، أو لم يتمكن من تحمل أعباء إصلاح سيارته، بسبب ارتفاع التكاليف، ما يعني أن قدرته الشرائية متدنية للغاية. وانطلاقا من هذا الواقع، يتم تأجير السيارات بأسعار تترواح بين 20% و30% من القيمة التي كنا نؤجرها في السابق؛ فالسيارة التي كانت تؤجر بـ30 دولار في اليوم، وكانت تساوي 45 ألف ليرة، باتت تؤجر عمليا بـ45 ألف ليرة أو 60 ألف أو 80 ألف. وبالتالي، فإن أسعارنا ما زالت على هامش 1500 أو 2000 ليرة، بدلا من سعر السوق السوداء. فنحن نؤجر سيارات عمليا، لتأمين لقمة عيشنا وتكاليفنا ورواتب موظفينا،... ولكن اذا تعرضت السيارات الى أي حادث، أو أصبحت بحاجة الى التصليح والصيانة، فنفضل إصلاحها في وقت لاحق، بسبب غياب الإمكانيات لدفع هذه التكاليف".

دقدوق: إجمالي تشغيل قطاع تأجير السيارات لا يتجاوز الـ4% أو 5%

وأضاف: "نحن لا نشكو من هذه الحالة الصعبة، ولا نرفع الصوت كثيرا، لأننا نرى أن هناك قطاعات أخرى تعاني أكثر منا، مثل قطاع الدواء والاستشفاء. فصحيح أن تأجير السيارات يعتبر من الكماليات، لكننا نموت على البطيء".

وتابع دقدوق قائلا: "موسم الأعياد في عام 2020 هو الأسوأ منذ نحو 30 عاما، لكن إغلاق شركات تأجير السيارات هو سيف ذو حدين، فالشركة لا تستطيع إقفال أبوابها وإعلن إفلاسها، بسهولة، لأن هذا الأمر يتطلب إجراءات إدارية في مؤسسة ​الضمان الاجتماعي​ و​وزارة المالية​ والنافعة، وبالتالي يفرض التزامات عدة. ولهذا السبب، عمدت نسبة كبيرة من الشركات، الى تقليص عدد أسطول سياراتها، الذي يعتبر رأسمالها، وباعت هذه السيارات، من أجل تغطية مصاريفها ودفع رسومها ومعاملاتها، وبالتالي، أصبحت شركة ذات كيان فارغ".

بين "كورونا" والدولار... محبو السياحة "عالقون"!

يترقب الناس حلول الأعياد بفارغ الصبر، حتى يسافروا في إجازات، لكن وباء "كورونا" بات يهدد عطلة الكثيرين هذا العام، ويحدّ من خياراتهم بالنسبة الى الوجهات.

أما في لبناننا، فإلى جانب القيود المفروضة في البلدان المختلفة، للحد من انتشار فيروس "كورونا"، فيقع محبو السفر في أزمة صرف الدولار، الذي يتخبط في نطاق الـ8000 ليرة. فالأزمة المالية والاقتصادية، دفعت اللبناني الى التخلي عن هواية السياحة، بسبب افتقاده الى الدولار، وعدم قدرته على استخدام بطاقاته الائتمانية في الخارج. كما أن من يمنلك بعض الأموال النقدية، يفضل الاحتفاظ بها تحسباً للأسوأ.

ولزيادة الطين بلّة، أعلنت شركة "طيران الشرق الأوسط" مؤخرا، فرض قواعد جديدة من شأنها زيادة التكلفة الحقيقية للتذاكر بالنسبة لمودعي الدولار، حيث تطالب بدفع ثمن التذاكر في لبنان باستخدام الـ"Fresh Dollar".​​​​​​​

كيف تأثرت شركات السياحة والسفر؟ وهل سيتمكن اللبنانيون من السفر لقضاء إجازاتهم في الخارج؟

خيرالله

قال صاحب شركة "فلاديمير للسياحة والسفر"، زياد خيرالله لموقع "الاقتصاد": "لا شك أن وضعنا سيء جدا مقارنة مع السنوات الماضية. فبالإضافة الى الأزمات الاقتصادية والضائقة المالية واختفاء الدولار وتدهور الوضع الأمني، جاءت جائحة "كورونا" لتقضي على ما تبقى. وهذا هو واقع السياحة حاليا في معظم دول العالم".

وأضاف: "حتى لو أراد اللبناني أن يسافر ويقضي عطلة العيد في الخارج كما اعتاد، وحتى لو سمحت له إمكاناته المادية، فإن قرارات معظم الدول ستعيق ذلك، ما انعكس على حركة الطيران والسياحة"، لافتا الى أن كل أوروبا مقفلة بوجه اللبنانيين باستثناء ​فرنسا​، التي بدورها فرضت قيودا خلال الأسابيع الأخيرة وعادت لتتساهل اعتبارا من منتصف الشهر. كما أن فرضت ​دبي​ قيودا على منح التأشيرات، وأن عادت لتتساهل مع بعض الحالات، وقرارات ​تركيا​ بإقفال البلد في فترة العيد ألغت معظم الحجوزات اليها. في حين أن التأشيرات إلى ​مصر​ لمن هم دون الـ50 عاما تستغرق أسبوعين على الأقل.

خيرالله: تراجع حركة القادمين الى لبنان بنحو 80%

وتابع خيرالله قائلا: "معظم المسافرين حاليا إما للهجرة أو لزيارات عائلية. لقد شطب اللبناني السياحة من هواياته. هو لا يملك الدولار للسفر. بطاقاته الائتمانية باتت "جرصة ومسخرة"، وغير صالحة في الخارج. وجاءت "كورونا" لتقضي على ما تبقى".

وأوضح أنه "في المقابل، ارتفع عدد القادمين إلى لبنان إلى نحو ، شخص يوميا، منذ مطلع الشهر، مقارنة بـ14 ألف راكب كانوا يصلون الى لبنان خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية، أي تراجعت الحركة بنحو 80%".

وقال: "لا شك أن المغتربين هم وراء حركة السفر الناشطة حاليا وليس السياح، فعدد كبير من الطلاب والذين يعملون في ​دول الخليج​ و​إفريقيا​ وأوروبا عادوا لقضاء عطلة العيد مع عائلاتهم، والعودة بعد الأعياد".

ركزوا على جوهر العيد!...

​​​​​​​

معظم المسيحيين يسردون بسهولة قصة ولادة يسوع المسيح. ولكن كم واحد يتذكر بالفعل معاني هذه الولادة ويسعى الى تطبيقها في حياته؟

الميلاد ليس الزينة والهدايا والسفرات والطعام الفاخر. هذه السنة تشكل الوقت المناسب للخروج من خانة الماديات، وعيش فرحة ​عيد ميلاد​ يسوع الفعلية. ليبقى جوهر العيد هو الاحتفال الباطني والداخلي.

في النهاية، سنصلي، وسندعي ونقول: "بدّا تفرج". لا تخافوا فالمخلص ولد، وهو آت ليخلصنا!