ماريا حداد، هي شابة ​لبنان​ية حوّلت محنة "كورونا" الى منحة إبداعية، ساعدتها على تنفيذ وتطوير مشروعها الخاص، وتنمية أفكارها، من أجل استثمار أوقات الفراغ في الحجر المنزلي الذي فرضه انتشار الفيروس، منذ بضعة أشهر، في ما هو مفيد لها ولغيرها.

قررت من خلال مشروعها، تحدي هذه الأزمة الاستثنائية، التي اعتبرتها بمثابة إشارة أيقظت في داخلها الإبداع، ودفعتها الى التفكير خارج الصندوق، واكتشاف سبل جديدة لتحقيق تطلعاتها.

فلنتعرف معا الى مشروع "Confined Cocktails"، في هذه المقابلة الخاصة لـ"الاقتصاد"، مع الشريكة المؤسسة ماريا حداد:

- من هي ماريا حداد؟ وكيف ولدت فكرة "Confined Cocktails"؟

أنا مصممة أعمل بوظيفة ثابتة كمديرة فنية في إحدى الشركات، ولكن خلال الحجر المنزلي الذي فرضه علينا فيروس "كورونا" المستجد، انخفضت ​ساعات العمل​ الى النصف، وكذلك الأمر بالنسبة الى الراتب الشهري.

ومن هنا، حصلت على الكثير من أوقات الفراغ، للتفكير العميق، والبدء بتنفيذ مشاريعي الخاصة.​​​​​​​

وبطبيعتي، أحب الخروج مع الأصدقاء، وارتياد المطاعم والنوادي والحانات، كما أهوى المشروبات المميزة والكوكتيلات. وبالتالي، خلال فترة الحجر وإغلاق البلاد، تمنيت الحصول على تلك الكوكتيلات التي كنت أشربها. وفكرت أن هناك عدد من الأشخاص الذين يراودهم الشعور ذاته، ومن هنا، قررت التواصل مع فداء، الذي أعتبره بمثابة الساقي المفضل لدي. فعرضت عليه فكرة تحضير كوكتيلات كالتي كانت تباع في الحانات، ولكن في زجاجات جاهزة، لإرسالها الى الناس. وذلك لكي يستمتع الناس من داخل منازلهم، بالمشروبات اللذيذة والمحترفة، التي كانوا يحصلون عليها في الحانات.

فوافق فداء على الفور، وذلك لأن القطاع الذي يعمل فيه تأثر كثيرا بما حصل، منذ ثورة 17 تشرين والى حد اليوم؛ فقد خصمت رواتبهم، وصولا الى الإقفال التام خلال أزمة "كورونا".

ومنذ اليوم التالي، بدأنا بالبحث عن المواد التي نحتاج اليها (الكحول، الزجاجات،...).

أما بالنسبة الى الاسم، فلقد اخترنا "Confined Cocktails"، أي "الكوكتيلات المحجوزة"، اذا صح التعبير، لأنها باتت محصورة في الزجاجات، كما كنا محتجزين بأنفسنا في منازلنا.

عملنا على تنفيذ المشروع والانطلاق بالعمل خلال أسبوعين فقط، وكانت كل المراحل تتسم بالعفوية التامة. فنحن نقدم منتجا بسيطا، ونركز بشكل أساسي على طعم الكوكتيلات اللذيذة.

- كيف تفاعل الناس مع هذا المشروع؟

منذ الانطلاقة، حصلنا على العديد من ردود الفعل الإيجابية. فمعظم الأشخاص يطلبون زجاجة واحدة لتجربة المنتج، وأحيانا في اليوم ذاته، يعاودون طلب المزيد.

لقد نجحنا في تكوين قاعدة وفية من الزبائن، خلال فترة قصيرة جدا. ونحن سعداء للغاية بالنتائج المحققة، اذ لاحظنا أننا بالفعل خلقنا مشروعا جميلا ومفيدا أيضا.

​​​​​​​

- كيف يتم تقسيم المهام في هذا المشروع؟ وما هو الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في "Confined Cocktails"؟

فداء يشتري المكونات ويحضر المشروبات، في حين أتواصل بنفسي مع الزبائن، وأهتم بكل ما له علاقة بوسائل التواصل الاجتماعي؛ فهذا هو عملي الأساس. ومن هنا، أسعى دائما الى تقديم صورة شابة وعصرية عن مشروعنا.

وحتى أن فداء يثق بي كثيرا، ولا يتدخل إطلاقا في المهام الموكلة الي، وأنا بدوري، أثق به، ولا أتدخل في كل ما له علاقة بكيفية تحضير الكوكتيلات.

- لقد انطلقتما بهذا المشروع في ظل أزمة كبيرة في سعر صرف ​الدولار​، أدت الى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الاستهلاكية، وخاصة المنتجات الكحولية المستوردة. كيف نجحتما في تقديم أسعار مقبولة في ظل كل الغلاء الحاصل؟

معظم ​المشروبات الكحولية​ مستوردة من خارج لبنان، وبالتالي، مع ارتفاع ​سعر صرف الدولار​ زادت أسعارها بشكل جنوني. لكننا اشترينا مخزونا صغيرا في البداية، ما ساعدنا في الحفاظ على استقرار أسعار منتجاتنا. اذ لم نرغب في رفع أسعارنا، لأن الأزمة المعيشية القائمة، ستحد حينها من إمكانية الشراء، ما سوف يؤدي حتما الى تراجع مبيعاتنا.

وانطلاقا من هذا الواقع، بدأنا بالبحث عن المنتجات المحلية، فتعرفنا الى شركة "Rechmaya Distillery"، التي تقدم الجين والفودكا اللبنانية؛ وهي بالفعل لذيذة للغاية.

ولأن مشروب الـ"gin basil"، أي الجين مع الحبق، هو الأكثر مبيعا لدينا، بدأنا بزراعة الحبق، من أجل خفض التكاليف.

- ما هي مشاريعكما المستقبلية؟

بالنسبة لي، لقد علمني الحجر الصحي درسا مهما: "ليس من الضروري أن نخرج من المنزل لكي نستمتع بوقتنا!". وأعتقد أن عددا كبيرا من الأشخاص يشعرون كذلك أيضا. حيث أن جائحة "كورونا" أدت الى زيادة التجمعات بين العائلة الصغيرة، والأصدقاء المقربين.

- ما هي المواصفات التي تميز مشروبات "Confined Cocktails" عن غيرها؟

"Confined Cocktails" تقدم تجربة جديدة تماما وفريدة من نوعها. فنحن بالعادة، نشرب في المنزل النبيذ أو ​الويسكي​ أو البيرة، أي بعبارة أخرى، المشروبات الجاهزة، وذلك لأننا لا نعرف كيفية تحضير الكوكتيلات المحترفة.​​​​​​​

ومن هنا، نسعى الى توفير تجربة عصرية، لتذوق ألذ المشروبات من داخل أمان المنزل. ما عليكم سوى طلبها والاستمتاع بها فور وصولها اليكم.​​​​​​​

- من خلال التجربة التي مررت بها خلال فترة الحجر، ما هي النصيحة التي تودين إيصالها الى المجتمع اللبناني؟

لو لم يحصل الحجر الصحي بسبب "كورونا"، لما كنت فكرت إطلاقا، بهذا المشروع، وعملت على تنفيذه.

حتى أنني ممتنة لأن وظيفتي الثابتة أصبحت بدوام جزئي، فالعمل على مشروعي الخاص، مختلف تماما عن الوظيفة؛ وأنا اليوم مليئة بالأمل ومحاطة بالإيجابية.

"كورونا" أعطتنا فرصة للتفكير الذاتي، للالتفات الى مصيرنا، للتوقف لحظة وإعادة النظر في خطواتنا المستقبلية.