واصل "​ناسداك​" تحقيق مستويات قياسية وأغلق جلسة الخميس عند مستوى تاريخي جديد، وبالتزامن مع ذلك، ارتفعت أسعار ​الذهب​ وتجاوزت مؤخراً حاجز 1800 دولار للمرة الأولى منذ عام 2011.

ويرى محللون أن هناك سبب ضمني وراء دفع الذهب والأسهم، وربما يتلخص هذا السبب في سوق السندات الأميركية، ويسهل ملاحظة ذلك في حركة عائد ​سندات الخزانة​ لأجل عشر سنوات.

صعود رغم الضغوط

يعتبر مستثمرون الذهب بمثابة سند صفري العائد، وعندما يتجه عائد سندات الخزانة - المعدل على أساس ​التضخم​ - نحو الانخفاض، يزداد الطلب على الذهب، وأشار محللون إلى أنه على مدار عامين، فُسرت حركة أسعار المعدن النفيس من خلال السندات المعدلة على أساس التضخم.

في ظل توجه الأسهم الأميركية نحو الارتفاع، وعائد السندات نحو التراجع، هناك نظرة متفائلة تجاه الذهب وسط توقعات بتحقيق المزيد من المكاسب، لكن لو تعرضت سوق الأسهم للهبوط، من الممكن أن يسبب ذلك ارتفاع ​الدولار​، وبالتبعية الضغط  على المعدن النفيس.

في الآونة الأخيرة، ارتفع عدد الإصابات بفيروس "كورونا" في عدد من الولايات الأميركية  مما أدى إلى التراجع عن بعض إجراءات عودة تشغيل الاقتصاد، ومع تجاهل المستثمرين لهذه الزيادة في الإصابات، ارتفعت سوق الأسهم جنباً إلى جنب مع الذهب.

ذكر مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ أن واشنطن تدرس فرض رسوم جمركية على واردات من سلع أوروبية بقيمة 3.1 مليار دولار نتيجة ما يراه البيت الأبيض من محاولات ​الاتحاد الأوروبي​ تقديم ​ميزات​ تنافسية لـ"إيرباص" على حساب "بوينغ".

أظهر تقرير الوظائف الشهري في أميركا إضافة الاقتصاد 4.8 مليون وظيفة في حزيران، وهو ما تجاوز توقعات بإضافة ثلاثة ملايين وظيفة، كما انخفض معدل البطالة إلى 11.1%.

على أثر هذه البيانات، ارتفعت الأسهم الأميركية وسجل "ناسداك" إغلاقاً قياسياً  جديداً، لكن ذلك لم يمنع الذهب هو الآخر من التوجه نحو الصعود.

الذهب والسندات

ارتفعت أسعار سندات الخزانة  الأميركية مما دفع العائد الحقيقي - المعدل على أساس التضخم - نحو التراجع، وذلك وسط استمرار أزمة فيروس "كورونا" وعدم اليقين الذي أبداه ​الاحتياطي الفيدرالي​ تجاه الاقتصاد الأميركي.

أظهر محضر اجتماع الفيدرالي الأخير قلقاً وحذراً لدى أعضاء البنك المركزي بشأن الأضرار التي يسببها "كورونا" على الاقتصاد، وألمح عدد منهم إلى أن الطريق لا يزال صعباً حتى بلوغ التعافي الكامل من آثار الجائحة بل ربما يستغرق سنوات.

نتيجة هذه العوامل وعدم اليقين، يتوقع محللون استمرار صعوود الذهب حتى بلوغ أعلى مستوى على الإطلاق في غضون الاثنى عشر شهراً المقبلة.

ما يعزز استمرار ارتفاع الذهب ليس فقط الزيادة المستمرة في عدد الإصابات بفيروس "كورونا" في ​الولايات المتحدة​ ودول أخرى والقلق من موجة ثانية، بل أيضاً ضعف الدولار الذي تراجع أمام عملات رئيسية أبرزها ​اليورو​ و​الين الياباني​.

على الأرجح، سيتلقى الذهب دعماً إضافياً من انخفاض العوائد (الحقيقية المعدلة على أساس التضخم) على السنندات الأمريكية إلى نطاق سالب، فقد بلغ العائد الحقيقي على السندات العشرية -0.66%.

تلقى المعدن النفيس دعماً كذلك من تقرير ​صندوق النقد الدولي​ الذي خفض من خلاله التوقعات حيال الاقتصاد العالمي إلى ​انكماش​ بنسبة 4.9% هذا العام مقارنة بتقديرات نيسان التي تنبأ خلالها بانكماش نسبته 3%.

حتى الآن، تشير هذه العوامل إلى أن الذهب في طريقه للمزيد من الصعود حتى بلوغ أعلى مستوى على الإطلاق  حيث تفوق أداء أصول رئيسية أخرى مثل مؤشر "S&P 500" والدولار الأميركي والأسواق الناشئة وسندات الخزانة الأميركية وسندات الشركات مرتفعة العائد.