يعتبر فيروس "كورونا" المستجد واحداً من أكثر الأمراض المعدية التي أصابت كوكبنا خلال العقود الماضية، وعلى الرغم من أنه ليس الأكثر فتكاً إلا أنه الأكثر انتشاراً.

ووفقاً لبيانات "منظمة الصحة العالمية"، فقد وصل عدد الحالات المصابة المؤكدة حتى اليوم إلى 9,265,757 حالة، كما أودى بحياة أكثر من 480 ألف شخص حتى الآن.

وبينما تتدافع الحكومات والمنظمات الصحية لاحتواء انتشار الفيروس، أثبتت تقنيات الذكاء الاصطناعي الحالية أنها مفيدة جداً في تتبع انتشار الفيروس وتشخيص المرضى وتطهير المناطق وتسريع عملية العثور على لقاح فعال.

وتُعتبر علوم البيانات، والتعلم الآلي، من الأسلحة الأكثر فعالية في مكافحة انتشار الفيروس، وهما من ساعد الصين في تحجيم انتشار الفيروس في وقت قياسي.

وهنا أهم تقنيات الذكاء الاصطناعي التي اعتمدت عليها الدول والمنظمات الصحية في محاربة انتشار فيروس "كورونا"، وكيف يمكن أن تساعد هذه التقنيات في إيجاد لقاح فعّال للفيروس؟

1- تتبع انتشار الفيروس من خلال التعلم الآلي

قبل نهاية عام 2019؛ أعلنت منصة  "بلو دوت" التي تعتمد في عملها على الذكاء الاصطناعي لتتبع انتشار الأمراض المعدية في جميع أنحاء العالم، وضع علامات على مجموعة من حالات التهاب رئوي غير عادية تحدث حول سوق في مدينة ووهان بالصين.

بعد ذلك بتسعة أيام؛ أصدرت "منظمة الصحة العالمية" بياناً أعلنت فيه اكتشاف ​فيروس جديد​ أصيب به شخص في المستشفى في ووهان وقد تسبب له في التهاب رئوي حاد.

وتستخدم منصة "بلو دوت" خوارزميات، لمعالجة اللغة الطبيعية والتعلم الآلي للاطلاع على المعلومات من مئات المصادر للإشارة المبكرة للأوبئة المعدية، والتنبؤ بانتشارها.

وتقوم الخوارزمية بمتابعة تقارير الأخبار بجميع اللغات تقريباً، وشبكات الأمراض الحيوانية والنباتية، وبيانات المناخ من ​الأقمار الصناعية​، و​الإعلانات​ الرسمية لإصدار تحذيرات سابقة لتجنب المناطق المعرضة لانتشار الفيروس.

وبمجرد الإعلان عن ظهور فيروس كورونا المستجد؛ تتبّعت بيانات تذاكر الطيران العالمية التي يمكن أن تساعد في التنبؤ بمسار وتوقيت تنقل السكان المصابين بعد ذلك.

وبالفعل تنبأت بشكل صحيح بأن الفيروس سينتقل من ووهان إلى بانكوك وسيول وتايبيه وطوكيو في الأيام التالية من ظهوره الأول. وتوظف الشركة أيضاً، عشرات الخبراء المتخصصين في مجموعة من التخصصات من ضمنها: أنظمة المعلومات الجغرافية، والتحليلات الميكانيكية، وتصور البيانات، وعلوم الحاسوب، بالإضافة إلى خبراء طبيين في الأمراض المعدية، والطب الاستوائي، والصحة العامة.

ويقوم هؤلاء الخبراء بفلترة البيانات الآلية، وتولّي مهمة التحليل الأخير للبيانات؛ ليتحقق ​علماء​ الأوبئة من أن الاستنتاجات منطقية من وجهة نظر علمية، ثم تُرسل التقارير إلى الحكومة وقطاع الأعمال والصحة العامة.

2- استخدام الذكاء الاصطناعي لتشخيص المصابين بفيروس "كورونا"

يُستخدم نظام الذكاء الاصطناعي الذي طورته شركة "بايدو" الصينية كاميرات تعتمد على الرؤية الحاسوبية، وأجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء للتنبؤ بدرجات حرارة الأشخاص في المناطق العامة.

ويمكن للنظام فحص ما يصل إلى 200 شخص في الدقيقة الواحدة، واكتشاف درجة حرارتهم في نطاق 0.5 درجة مئوية، حيث يشير النظام إلى أي شخص لديه درجة حرارة أعلى من 37.3 درجة.

وطورت شركة "Alibaba" الصينية أيضاً، نظام ذكاء اصطناعي يمكنه الكشف عن الفيروس في التصوير المقطعي المحوسب للصدر.

ووفقًا للباحثين الذين طوروا النظام فإنه يتمتع بدقة 96 % في التشخيص، وقد دُرِّب على بيانات من 5000 حالة مصابة بالفيروس، ويمكنه إجراء الاختبار في 20 ثانية بدلاً من 15 دقيقة يستغرقها خبير بشري لتشخيص المريض.

كما يمكنه تحديد الفرق بين فيروس "كورونا" والالتهاب الرئوي المعدي بسرعة، وبحسب ما ورد تعتمد نحو 100 مستشفى في الصين على هذا النظام الآن.

3- الاعتماد على ال​روبوتات​ في عمليات التعقيم والتعامل مع المرضى

تتمثل إحدى الطرق الرئيسية لمنع انتشار فيروس "كورونا" في تقليل الاتصال بين المرضى المصابين والأشخاص الذين لم يصابوا بالفيروس. ولهذه الغاية بذلت العديد من الشركات والمنظمات جهوداً لأتمتة بعض الإجراءات التي كانت تتطلب من العاملين الصحيين والطاقم الطبي التفاعل مع المرضى.

وتستخدم ​الشركات الصينية​ ​الطائرات​ بدون طيار، والروبوتات لتسليم الأشياء بدون تلامس ورش المطهرات في المناطق العامة مما يساعد في تقليل خطر العدوى.

كما تقوم الروبوتات الأخرى بفحص الأشخاص للكشف عن ارتفاع درجات الحرارة، وأعراض "COVID-19" الأخرى. كما تقدم الروبوتات الغذاء والدواء للمرضى داخل المستشفيات وتقوم بتعقيم غرفهم لتفادي الحاجة إلى وجود فريق التمريض، في حين تقوم روبوتات أخرى بطهي ​الأرز​ دون إشراف بشري، مما يقلل من عدد الموظفين اللازمين لتشغيل المنشأة.

ويستخدم الأطباء في مدينة سياتل الأميركية الآن، روبوتاً للتواصل مع المرضى وعلاجهم عن بُعد لتقليل تعرض الطاقم الطبي للأشخاص المصابين.

4- يساعد الذكاء الاصطناعي في تسريع إيجاد لقاح

في نهاية المطاف؛ لم تنته الحرب على فيروس "كورونا" حتى نطور لقاحاً يمكنه تحصين الجميع ضد الفيروس. لكن تطوير عقاقير وأدوية جديدة عملية طويلة ومكلفة للغاية، حيث يمكن أن تكلف مليارات الدولارات، وتستغرق ما يصل إلى 12 عاماً. وهذا الإطار الزمني لا يتناسب مع استمرار انتشار الفيروس بوتيرة متسارعة.

لحسن الحظ؛ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تسريع العملية. حيث أعلن ​مختبر​ "DeepMind" لأبحاث الذكاء الاصطناعي – الذي استحوذت عليه "غوغل" في عام 2014، أنه استخدم التعلم العميق للعثور على معلومات جديدة حول بنية البروتينات المرتبطة بالفيروس.

يمكن الوصول إلى أدلة مهمة لصيغة لقاح فعال من خلال فهم تراكيب بروتين الفيروس، ويعتبر مختبر "DeepMind"، واحداً من العديد من المنظمات التي تشارك في السباق لإيجاد لقاح فعّال لفيروس "كورونا".

كما أعلنت شركة "IBM"، عن مبادرة لزيادة الوصول إلى الحوسبة العالية الأداء، أو ما يُسمى بالحوسبة الفائقة "Supercomputers" للمجموعات البحثية التي تعمل على إيجاد لقاح لفيروس "كورونا".