تفاقمت وتمدّدت أزمات لبنان السياسية والإقتصادية والمالية والنقدية وبلغت هذا الأسبوع مرحلة متقدّمة من الإنزلاق نحو أزمات ستكون حتماً مستعصية على الحل بانتظار ما ستحمله الأسابيع المقبلة من توقعات وامنيات في آنٍ معاً، ونعني بذلك ما يمكن أن نتوقعه من ​دعم مالي​ مباشر إن من "​صندوق النقد الدولي​" أو من الدول المانحة في "سيدر 1".

وإذا كانت خطّة التعافي الإقتصادي والمالي "مفخرة" الحكومة و"اللقاح" المجدي لدخول "صندوق النقد الدولي"، فإن الأزمات التي ولدت على ضفاف هذه الخطة باتت لا تحتمل الإنتظار كونها تصيب الغالبية الساحقة من اللبنانيين برغيف عيشهم وبأجورهم وبمستقبل أولادهم، كل ذلك يأتي مع استمرار حجز ودائع الناس من قِبل ​المصارف​ في ظل غياب انتظام نافذ لمعالجة هذه المشكلة التي ستكبر وتتدحرج في الأيام القليلة المقبلة.

وجاء مؤشر مدراء المشتريات الرئيسي لـ"بلوم بنك" في لبنان عن النشاط الإقتصادي في شهر نيسان ليؤكد على حدّة وخطورة التدهور على المستوى الإقتصادي، حيث سجّل المؤشر أكبر تراجع له منذ بداية العام، وتراجع أداء شركات ​القطاع الخاص​ انعكست في تدنّي المؤشر الى 30.9 نقطة، وساهمت الإجراءات الوقائية التي اتّخذت لمعالجة وباء "كورونا" في تراجع الحركة الإقتصادية وتوقف العديد من الشركات عن العمل على نطاق واسع، الأمر الذي ساهم بتعطيل العرض والطلب. كما شهد مؤشر الإنتاج انكماشاً ملحوظاً ساهم بشكل أساسي في انخفاض مؤشر مدراء المشتريات الى أدنى مستوياته خلال شهر نيسان.

الحدث البارز هذا الاسبوع جاء على جبهة الصرّافين حيث تمّ توقيف نقيب مؤسسات الصيرفة في لبنان على خلفية التلاعب بأسعار العملة الوطنية الى جانب توقيف عشرات الصيارفة المضاربين ضد ​الليرة اللبنانية​. أما على جبهة المصارف، فاستمرّت الأخيرة في سياسة "التقنين" لناحية تطبيق تعاميم "​مصرف لبنان​" التي توفّر القليل من الودائع لأصحابها وإن بالليرة اللبنانية وبسعر أدنى من الأسعار المتداول بها في السوق الموازية.

وفي جانبٍ آخر، أظهرت أحدث إحصائيات التجارة الخارجية الصادرة عن مصلحة ​الجمارك اللبنانية​ للشهر الأول من 2020 انكماشاً صافياً في ​الواردات​ بنسبة 17.8% سنوياً الى جانب زيادة بنسبة 41.1% في الصادرات وهو ما أدى الى انخفاض العجز في ​الميزان التجاري​ بنسبة 29.7%، كما ورد في تقرير "​بنك عوده​" .

وأخيراً، باشرت الحكومة في نهاية هذا الأسبوع تكثيف اجتماعاتها الفرعية للتصدّي لموجة الغلاء الجنوني الذي تمثّل بارتفاعات قياسية لأسعار السلع والحاجيات تجاوزت بمجملها ومتوسطها الـ100% والـ120%. وأعلن رئيس الحكومة حسان دياب عن تدابير حاسمة سيتم اتخاذها اعتباراً من الأسبوع المقبل لمواجهة هذه الأزمة ووضع حد لفلتان الأسعار.