خاص ــ "الاقتصاد"

عندما أنهكته ​الديون​ المراكمة عليه في ​ساحل العاج​، انتقل شاب ​لبنان​ي إلى بيروت، حاملاً في مخيلته مشروعاً جرمياً، يقضي بالاستيلاء على عقارات عمّه (شقيق والده) مقابل وكالات مزورة، ورهن هذه ​العقارات​ للحصول على ​قروض​ بمبالغ طائلة، وبالفعل ​نحج​ في هذه المغامرة، قبل أن يكتشف العمّ المخطط الذي وقع فيه ويتجه إلى القضاء لاستعادة حقوقه.

تقدم المدعي "خليل. د" بشكوى أمام النيابة العامة في جبل لبنان، عرض فيها أنه عمّ "عباس. د"، وأن الأخير أقدم على تزوير سند توكيل عام، مزعوم صدوره عنه، يبيح له التصرف بكافة أملاكه في لبنان ورهنها والاقتراض بضمانتها، مزعوم تنظيمه في السفارة اللبنانية في ساحل العاج، ومصدّق من وزارة الخارجية اللبنانية.

بناء على هذه الشكوى، أخضع "عباس. د" للتحقيق أمام مفرزة بعبدا القضائية، وأفاد أنه بسبب المشاكل ال​مالي​ة الكبيرة التي يعاني منها في ساحل العاج، حضر إلى لبنان في أوائل شهر أيار، حيث أقدم على رهن ثلاث عقارات يملكها في البيسرية لمصلحة ​بنك الكويت​ و​العالم العربي​ مقابل 400 ألف يورو، وقام بتسديد بعض الديون المتوجبة عليه، ولم يكفه هذا المبلغ فقرر استعمال سندات التمليك التي يحتفظ بها كل من عمه "خليل. د" وعمه الآخر "حسن. د" لديه للحصول على قروض وتسديد ديونه.

وأثناء وجود "عباس" في بلدة حور تعلا البقاعية، تم تزويده برقم ​هاتف​ شخص من بريتال يمكنه تزوير أي مستند، فاتصل به على هاتفه الخليوي، وقابله في بريتال وأعلمه (المزوّر) أن اسمه "محمد. ب" ملقب بـ "كاتشو" ويستطيع تزوير أي مستند وطلب من "عباس. د"، تزويده بكامل هويته وكامل هوية عمه واسم سفير لبنان في ساحل العاج، وغادر بعد أن أعلمه أن كلفة تزوير المستند 200 أميركي، وبعد يومين اتصل بـ "كاتشو" فطلب منه الأخير الحضور إلى بريتال، وهناك زوده بالمعلومات المطلوبة ومبلغ الـ 200 دولار، وأعلمه أنه سيرسل له الوكالة المزورة مع شخص يدعى "أحمد. س"، وبالفعل اتصل الأخير به بعد يومين وأحضر له توكيلاً عاماً ومطلقاً وشاملاً، تبين أنه منسوب صدوره عن عمه "حسن. د" لمصلحته لدى السفارة اللبنانية في ساحل العاج، فاستلمه منه.

وأفادت الشكوى المقدمة من المدعي أن التوكيل المذكور كان يقتصر على تواقيع "حسن. د" والشاهدين "محمد. ز" و"حسين. د" وتوقيع المصادقة من وزارة الخارجية اللبنانية والمغتربين، فقام هو بالتوقيع على الوكالة المزورة، وبنفس اليوم توجه (عباس) إلى إحدى مؤسسات التسليف وبحوزته سند تمليك لعقار باسم عمه "حسن. د"، حيث التقى بصاحب المؤسسة ومديرها، الذي طلب منه تنظيم توكيل لدى الكاتب العدل بالعقار موضوع سند التمليك، وبالفعل توجه إلى دائرة الكاتب العدل ونظم توكيلاً عقارياً غير قابل للعزل بموجب وكالته المزورة عن عمه، لصالح صاحب المؤسسة، كما عاود واستحصل من "محمد. ب" على سند توكيل شامل ومطلق مزور، منسوباً صدوره عن عمه "خليل. د" استعمله بنفس الطريقة للاستحصال على قرض مالي.

وتمكنت مفرزة الضاحية الجنوبية، من التعرف على هوية "محمد. ب"، فتبيّن من أصحاب السوابق في عمليات التزوير، وخلال استجوابه أمام ​محكمة​ الجنايات في جبل لبنان، أنكر المتهم "عباس. د" تورطه في عملية التزوير، لكنه اعترف باستعمال المزور مع علمه بالأمر وأنه كان ينوي رهن العقار للاستحصال على مبالغ مالية من مؤسسة التسليف، فيما أنكر المتهم "محمد. ب" تهمة التزوير، وأفاد بأن "عباس. د" كان يشتري منه شيكات مزورة كان يستحصل عليها من "أكرم. ح"، ولم يكن يعلم بمشروع "عباس" الجرمي.

محكمة الجنايات في جبل برئاسة القاضي إيلي الحلو، وعضوية المستشارين لميس كزما والياس مخيبر قررت في حكمها الذي أصدته بهذه الدعوى، إسقاط الحكم الغيابي الصادر بحق "محمد. ب"، وانزلت عقوبة الأشغال الشاقة به مدة ست سنوات، وتخفيفها إلى الأشغال الشاقة أربع سنوات، علماً أن "عباس. د" كان حكم عليه سابقاً في هذه القضية.