في ظل واقع زراعي صعب كما يوصّفه المزارعون، يطغي عليه إهمال رسمي وقلة إمكانات وغياب المعرفة، جاء اختراع "I O Tree" لشابة ​لبنان​ية، ليكون أداة تساهم في حل بعض المصاعب التي تواجه قطاع الزراعة.

"I O Tree"، جهاز سهل الإستعمال، يهدف لحماية المزروعات وتحسين جودتها، إخترعته المهندسة نسرين التّركي، في مسعى منها لمساعدة الزراعين، ليشق هذا الإختراع طريقه نحو العالمية، باعتماده في عدّة دول أوروبية.

وشرحت المهندسة نسرين، في مقابلة مع "الاقتصاد"، أهميّة هذا الجهاز وتحدث مسيرتها الناجحة:

ما هو اختراع الـ "I O Tree"؟ وكيف بدأت الفكرة؟

بدأت الفكرة، عندما رأيت في منطقة زراعية في الجبل، فلّاحين يرمون إنتاجهم من التفّاح، بسبب عدم إمكانية بيعهم وعدم القدرة على التّصدير، لأن جودة الإنتاج لم تكف عالية ليُدرج إنتاجهم في قوائم الزراعات التي يصلُح تصديرها، وهذا بالدّرجة الأولى يعود، إلى رش الكثير من ​الكيماويات​ على المزروعات التي تضرب المحاصيل بدل أن تفيدها.

قررت وأنا عادة ما أبتكر أشياء تختص بالإلكترونيّات، بحكم أن خلفيتي العلمية متخصصة بالتكنولوجيا وليس بالزراعة، فقررت أن أقوم بشيء يساعد في تطوير التكنولوجيا في القطاع الزراعي، لأكون قادرة على مساعدة المزارعين في لبنان، وهنا بدأت فكرة إختراع الـ "I O Tree" الذي يعني "Internet of Trees".

وهي آلة يتم تركيبها على الشّجر، وهي بمثابة العين للأشجار، وإذا رأت أي خطر على المزروعات، فإنها تقوم بإخطار المزارع عبر عدة طرق، ومنها تطبيق على الهاتف، يستطيع من خلاله معرفة ما يحصل في الأرض

الزراعية على مدار السّاعة وهو بعيد عن أرضهم.

ما الخطوات العملية التي بدأتِ القيام بها؟ خاصة أنك بعيدة عن التخصص الزراعي؟

"بداية، بدأت بالمشاركة في ورش عمل تتخصص بالزراعة، وتعرفت على المزارعين لمعرفة نمط عملهم ومشاكلهم؛ هنا إكتشفت مشكلة أساسية يعاني منها المزارعون، وهي تتمثّل في عدم معرفتهم وقت الخطر الذي يهدد مزروعاتهم بالتحديد، وأي وقت قد تهاجم الحشرات المزروعات."

ما الجوانب الإيجابية الأخرى التي وفّرها الجهاز؟

"الجهاز مكّن المزارع من معرفة وقت وصول الحشرات، ويستطيع من خلاله مكافحة ظاهرة أكل المحاصيل، وأيضاً تساهم هذه الآلة في التخفيف من رش المبيدات التي ترتب أعباءً مالية على المزارعين، إضافة إلى مساهمة الكيماويات الزائدة عادة، في ضرب جودة المحاصيل، والتأثير سلباً على صحّة الإنسان."

ما خلفيتك العلمية؟ وهل لديك نشاطات وإنجازات تقنية أخرى؟

"درست هندسة ​الكمبيوتر​ والاتصالات، وأُدرّس في الجامعة بهذا التخصص، ولديّ العديد من المشاريع تتمحور حول الكمبيوتر والاتصالات، ولا تتصل بالزراعة."

هذا الجهاز بدأ استعماله في لبنان؟

"نحن منذ عامين أطلقنا هذا المشروع، وهذا الجهاز بات موجوداً في خيم زراعيّة، وفي موسم الكرز والزراعات الشبيهة، يتم تركيب هذا الجهاز على الأشجار، وأيضاً تم تركيب الجهاز في ​هولندا​ أثناء الفترة التجريبية للمشروع، وكان هناك مشروع للتوسع بالمشروع نحو ​بولندا​، إلا أن الظروف الحالية للبنان حالت دون ذلك."

هذا الجهاز خاص ببعض الزراعات؟ أم يشمل كل أنواعها؟

"إختراع الـ "I O Tree"، يشمل كل الزراعات في لبنان ومنطقة البحر المتوسط، وهو مبني على ​الذكاء الإصطناعي​.

لكن الجهاز، لا يشمل ​القمح​، الذي لا ينبت على الشجر بعكس المزروعات الأخرى، وهو ليس موجوداً في الخيم الزراعية."

هل بات تحت مسمّى هذا الإختراع شركة ​تسوق​ للجهاز؟

"نعم، في أيلول 2019 الماضي، أطلقنا رسمية الشركة، ونحن نسير في الأمور القانونية والرسمية، لتسجيل الشركة في ​ليتوانيا​ بالقارة الأوروبية."

من هي الجهات الراعية والداعمة لهذا الجهاز في لبنان والخارج؟

"من إطلاق الجهاز، قدمت على الكثير من المنافسات في ​أميركا​ ودّول أوروبية، وكنت أحقق ربحاً، وتم استدعاؤنا للخارج كثيراً، وزرنا ​فرنسا​ بدعوات 3 مرّات، و​بلجيكا​ و​إسبانيا​ وغيرها الدّول، التي تولي الزّراعة أهمية شديدة."

كيف حصلت على التمويل لهذا المشروع؟

"التمويل حصلت عليه من خلال الجوائز التي ربحتها، وأهمية المنافسات تكمن، في أنها تساهم بتعريفنا على مستثمرين.

وقبل دخولي في المنافسات، شاركت في برنامج لـ "Agritec"، الذي يتبع "​Berytech​"، ووصلت إلى المرحلة الأخيرة، وسافرت من خلال البرنامج إلى هولندا، وإلى ليتوانيا الذي ربحت فيها ​جائزة​، وفتح لي المجال للتعرّف على شركاء في هذا البلد وفي بولندا و​روسيا​ أيضاً، ويجري العمل على فتح شراكات كذلك في السويد."

ما رسالتك للمخترعين في لبنان في ظل الوضع الصعب الذي يعيشه البلد؟

"للأسف، وجدت نفسي اليوم مجبرة على التوجه للخارج لتوسيع عمل الشركة، ولكن في لبنان ورغم الأوضاع الصعبة التي نعيشها، فإننا مستمرة أيضاً بالتوسع، وأقوم بتوظيفات جديدة لتقوية بنيان الشركة وطني.

خروجي من لبنان يهدف للمساهمة بتقوية الشركة، والهدف من ذلك زيادة عملي ومساهمتي في بلدي.

من المهم جداً لكل شخص يملك فكرة، أن يعمل على تطويرها، لأنه لا يوجد أي أمل للبنان اليوم، إلا بشبابه ليكون رافعة لهذا البلد وأن يعمل على إيجاد الحلول."