طارق ابراهيم، هو مهندس ​لبنان​ي، يبلغ من العمر 32 عاما، ويصبو الى النجاح والتميز والإنجاز، على الصعيدين المحلي والعالمي.

يمتاز بمستوى عال من الكفاءة التي تؤهله ليكون مثالا لجيل ​الشباب​ اللبناني، كما يتّسم بالمثابرة والطموح والحنكة، ويتغنى بالطاقة والديناميكية، وببعد النظر، والمهارة.

فاز مؤخرا ب​جائزة​ "التميز بالعمارة" في مسابقة "German Design Award" الألمانية العالمية، التي أقيمت في فرانكفورت. كما سبق أن حاز على الجائزة الذهبية عن فئة العمارة في "Muse Award" التابعة لـ"International Association of Awards" ، والجائزة البروزنزية في "A’Design Award & Competition" ، الايطالية العالمية في كومو- ميلانو عن فئة "هندسة العمارة"، وجائزة "كوتينوس" العالمية التي أطلقت للمرة الأولى في ​الشرق الأوسط​، عن فئة "التميز في مجال الفن المعماري لعام 2018"، برعاية المنظمة الخيرية العالمية التابعة للأمم المتحدة، ومؤسسة "​ساند​" العالمية، وذلك تقديراً لتفوقه وإبداعه المتواصل في مجال الفن المعماري والهندسي.

فلنتعرف أكثر الى المهندس المعماري اللبناني، وصاحب مكتب "Paseo Architecture" للهندسة، طارق ابراهيم، في هذه المقابلة الحصرية مع موقع "الاقتصاد":

من هو طارق ابراهيم؟

تخصصت في مجال الهندسة المعمارية، في "الجامعة اللبنانية الأميركية"، "LAU"، في ​جبيل​، وسرعان ما اكتشفت أن هذا المجال، يمثل الشغف والحب بالنسبة لي، وهو بمثابة "العشيقة السرية"، التي نلجأ اليها ونقضي أوقاتا ممتعة معها، بشكل سري وهادئ؛ فالهندسة تجسّد دائما قصة شخصية وخاصة، تخشى الخروج الى العلن والظهور.

شاركت في العديد من ورشات العمل، في مختلف دول العالم، كما عملت لفترات قصيرة في ​إسبانيا​ و​السعودية​، قبل العودة الى لبنان، عام 2012، حيث افتتحت مكتبي الخاص "Paseo Architecture".

كيف تمكنت من وضع بصمتك الخاصة في السوق، ومن نشر اسمك واسم شركتك بين الناس؟

عندما قررت تأسيس مكتبي الخاص، تساءل البعض عن قدرتي على منافسة الأسماء الكبيرة والمعروفة منذ وقت طويل. فقلت لهم حينها، أنني لا أسعى الى التنافس مع أحد، بل أريد إنشاء مكانة جديدة لي في السوق.

وشاءت الصدف، أن أتعرف الى العميل الأول – الذي أصبح اليوم صديقا مقربا- فتواصلنا مع بعضنا البعض، بكل شفافية، وقد أحب عملي وأفكاري، وأنا بدوري، شعرت بالارتياح لدى التعامل معه. أما العميل الثاني لمكتبنا، فهو أحد أقرباء الأول، وكان يعيش في الخليج. وبالتالي، تواصلنا عبر البلدين، وقمت بتنفيذ المشروع باحترافية، فتمكنت بذلك، من إثبات نفسي وقدراتي وأفكاري.

ومن هنا، انطلقت رحلتي! فتوسعت قاعدة الزبائن الوفيين شيئا فشيئا، حيث اكتسبت ثقتهم الكاملة، من خلال اعتماد الشفافية في التعامل. ومن خلال الجهد والتعب والمثابرة، حققت الخطة التي وضعتها لخمس سنوات، خلال السنة الثالثة من العمل فقط!

وبالتالي، تجاوزنا المراحل بشكل أسرع من المتوقع.

ما الذي يميز "Paseo Architecture" عن غيره من المكاتب؟

"Paseo" يحمل في طياته دائما، قصة معينة. فنحن نؤمن بأن العمارة هي عبارة عن نزهة. كما أن كلمة "paseo" بالإسبانية تعني "الرحلة"، وبالتالي، فإن مكتبنا يجسّد "نزهة العمارة".

وبالاضافة الى ذلك، نعمد الى التعرف على زبائننا، والعكس، كما نركز على تبادل الأفكار معا من أجل الوصول الى النتيجة النهائية المرجوة.

عملنا يشبه الذهاب الى الغابة أو الحديقة، من أجل البحث عن نقطتنا المفضلة، والتي تشعرنا بالراحة؛ وهو بمثابة عملية اسكتشاف. ففي نهاية المطاف، يجب أن تمثل العمارة قصة أشخاص، أو مجتمع، أو ثقافة، لأن ما يتبقى من حضارة الإنسان هو العمارة، التي تحدد هويته. وانطلاقا من هذا الواقع، يجب أن تعكس هذه الهوية، حياة هذا الإنسان ومحيطه ومجتمعه!

أخبرنا أكثر عن جائزة "التميز بالعمارة" التي حصلت عليها مؤخرا من"German Design Award" في فرانكفورت؟

حصلت على دعوة من القيمين على المسابقة، الذين رشحوا مشروعي المعماري بعنوان "امتداد الهوية"، لهذه الجائزة.

وهذا المشروع عبارة عن فيلا، صممتها ونفذتها في بقعاتا، في منطقة الشوف - جبل لبنان، وهي امتداد لبيت قديم بُني عام 1852، وخضع لإضافات عدة على مر السنوات. وقد أعدت ترميمه عبر دمج التراث والحداثة معا، واستخدمت مواد معاصرة مثل الفولاذ والخشب، مع الحفاظ على هوية ​البيت​ الأصلية. وقد حاز هذا المشروع في وقت سابق، على جائزة في ​إيطاليا​.

"امتداد الهوية" هو بحد ذاته فلسفة، وتطبيق لنظرية معينة. فمدارس العمارة حاولت دراسة الهوية والأنماط، وكيفية دمج التاريخ مع الحاضر، من أجل الحصول على نتيجة حديثة. ولقد تأثرت شخصيا بالمدارس الإسبانية والبرتغالية، ومن هنا، عملت على تطبيق نظرياتها، على ماضينا الخاص في لبنان، الذي يشبه ماضيهم، الى حد ما. وقد طبّقته بحسب ما يتماشى مع الحضارة المحلية، وذوق السكان المحليين، ولكن بلغة عالمية.

هذا المنزل مكون من جينات الماضي، لكنه يضم تغييرات حديثة. لقد أثار اهتمام الحكام، لكونه جريء ومتواضع؛ فقد أسهم في إبراز الماضي بتواضعه، وباختلافه عن ما هو حديث، وبحسب الحكام، فإنها المرة الأولى في الشرق الأوسط، التي يتطرق فيها شخص ما، الى موضوع الهوية بلغة معقدة وصعبة، أي ليس عن طريق التقليد أو نقل الماضي، بل من خلال نقل روح الماضي ولكن بلغة جديدة وعصرية. وبالتالي، اعتبروا أنها محاولة ناجحة جدا للشرق أوسطيين، للحفاظ على تاريخهم وآثارهم.

هل أثر عمرك الصغير على وجودك العملي من ناحية ما، أم على نظرة الناس اليك؟

لقد سمع العديد من الزبائن باسمي، وتعرفوا الى أعمالي، قبل اللقاء بي. وبالتالي، عندما قاموا بزيارتي في المكتب، تفاجأوا بعمري، كما أن البعض شكك في قدرتي على القيام بواجباتي.

ولكن بعد التحدث لبعض الوقت، والتعرف الى مشاريعي وإنجازاتي العملية، كانت النظرة تتغير بالكامل، ليعود عامل الثقة للسيطرة من جديد.

ماذا يعني لك النجاح في هذا السن المبكر؟

يبدأ المهندس المعماري بالظهور والانتشار، عادة، بعمر الـ50 عاما تقريبا. أما عمر الـ60، فيعتبر بمثابة العصر الذهبي للمهندسين.

ولكن لحسن حظي، أن مسيرتي ونجاحاتي بدأت في وقت مبكر. ورغم الفخر الذي يقدمّه هذا الإنجاز، إلا أنه يحمّلني، من ناحية ثانية، المزيد من المسؤولية. اذ يتوجب علي الحفاظ على الوتيرة ذاتها في العمل، من أجل الوصول الى عمر الـ60، بإنجازات وابتكارات وطروحات جديدة، لكي يبقي اسم لبنان لامعا في الداخل والخارج.

ما هي الصعوبات التي تواجهها خلال العمل في لبنان، وخاصة خلال الأشهر الأخيرة الماضية؟

أولا، التحديات الاقتصادية والسياسية الموجودة في لبنان، تشكل عقبات صعبة أمامنا. كما أن الأحداث الأخيرة على الساحة، أثرت حتما على مختلف الأشخاص والقطاعات. لكن نجاحات الآخرين، ستعطي مزيدا من الأمل ال الناس، وخاصة الى جيل الشباب، لأنها تدلّ على أن الإنسان الموهوب، يستطيع الانطلاق والنجاح والبروز من أي مكان في العالم.

ثانيا، أنا شخص ثائر بالأساس على مجتمعي، ولطالما كنت أتساءل حول سبب استسلام بعض العاملين في مجال العمارة، واعتمادهم على الأفكار التقليدية فقط.

ثالثا، عندما قررت افتتاح مكتبي الخاص، أصريت على الانطلاق من منطقتي بقعلين، وذلك بسبب رغبتي في أن أكون مثالا مفيدا لمجتمعي، وأن أنجح في تحقيق التغيير نحو الأفضل. ومن هنا، قررت إفادة مجتمعي والاستفادة منه أيضا، لكي أتمكن من خلق فكرة، تنطلق من لبنان، ومن الشوف تحديدا، نحو العالم بأكمله.

ما هي مشاريعك وتطلعاتك المستقبلية؟

أحلامي تتلخص في استكمال مسيرتي المهنية، حتى الوصول الى العالمية. فأنا أسعى الى تطبيق نظرياتي في الحضارات المختلفة، لكي أختبر مدى قابليتها للنجاح.

ومن الممكن أن أتوسع الى خارج لبنان، مع الحفاظ طبعا على مكتبي الأساس هنا. وبطبيعة الحال، افتتحت منذ سنتين، مكتبا ثانيا في ​سلطنة عمان​. وهناك أحاديث تدور حاليا، حول إمكانية التوسع قريبا الى ​مصر​ و​قبرص​.

ومن هنا، أتمنى أن ينطلق الجميع من لبنان نحو العالمية، ويجب أن لا يتخلى أحد عن هذا البلد الجميل...

نصيحة الى جيل الشباب.

أقول لكل طالب جامعي: "مهما كان الاختصاص الذي اخترته، لا تكمل به إن لم تشعر بالشغف والحب تجاهه. فعلى كل واحد منا، اختيار المجال الذي يستهويه، لأن الحب سيولّد الإبداع في المستقبل!".