صحيح ان حكومة "انقاذ ​لبنان​" قد نالت ثقة المجلس النيابي بـ 63 صوتاً الا انها لم تنل بعد ثقة الناس الذين هيمنوا على الساحات منذ 17 تشرين الأول رافضين النهج السياسي القائم الذي اوصل البلاد الى الانهيار.

يدرك رئيس ​مجلس الوزراء​ حسان دياب ان ما قبل 17 تشرين ليس كما بعده وان الشعب لن يتساهل هذه المرةمع اي خطوة "ناقصة" فهو لن ينتظر ان يقوم المجلس النيابي بدوره الرقابي على اداء الحكومة انما سيخضعان معاً الى ​المحاسبة​ الفورية في الشارع.

امام هذه التحديات انطلقت عجلة الحكومة لوضع خطة ​إنقاذ​ لانتشال البلاد من أسوأ أزمة اقتصادية ومالية تمرّ على لبنانمنذ عقود في ظلّ ازمة ثقة داخلية وترقب خارجي حذر!

استحقاقات اقتصادية واجتماعية عديدة بانتظار حكومة "انقاذ لبنان" فما هي خارطة الطريق للمرحلة المقبلة؟

تؤكد مصادر متابعة لـ" الاقتصاد" ان "مهمة الحكومة اليوم ليست سهلة انما ليست مستحيلة، ولبنان اليوم امام امتحان صعب من أجل البدء بتنفيذ الاصلاحات المالية والاقتصادية التي ينتظرها الناس اولاً ومن ثم ​المجتمع الدولي​ الذي لم يتوقف يوماً عن دعم لبنان ولكنه كان واضحاً معنا عندما قال لنا "ساعدوا انفسكم كي نساعدكم"، لذلك تقوم الحكومة اليوم باعداد ​خطة طوارئ​ انقاذية وسلّة من الإصلاحات سوف تبصر النورقبل نهاية شهرالحالي".

تضيف المصادر: "لا مجال للحكومة اليوم باهدار المزيد من الوقت فالاستحقاقات المالية على الأبواب وكذلك الأمر بالنسبة للملفات الاقتصادية، لذلك طلب لبنان رسمياً مساعدة "تقنية" من ال​صندوق النقد الدولي​ وهذه خطوة ايجابية تزامناً مع اعداد خطة الانقاذ التي تعدها الحكومة".

الخوري: أي اجراء لا يحظى بثقة الشارع سيكون عبء على الحكومة

من جهته يؤكد امين سر الجمعية الاقتصادية اللبنانية ​الخبير الاقتصادي​ الدكتور ​بيار الخوري​ ان "على الحكومة العمل بخطين متوازيين الخط الأول يعتمد على كسب ثقة الناس واقناعهم بجدوى مشروع الحكومة الجديد كبديل لحكم الطبقة السياسية الذي عايشناه خلال 30 عاماً، اما الخط الثاني فيتعلق بضرورة اتخاذ اجراءات قانونية فورية لاستعادة ​الأموال المنهوبة​ وهذه الخطوة من شأنها تدعيم الخط الأول، ويقول لـ "الاقتصاد": "لا بد للحكومة ان تعتمد بالخط الأول على احداث صدمة ايجابية تظهر نتائجها بشكل سريع للناس، فاذا اخذنا على سبيل المثال ملف ​تهريب الأموال​ الذي حصل بعد 17 تشرين نلاحظ ان هذا الموضوع يهم الناس بالدرجة الأولى، وفي حال نجحت الحكومة في معالجة هذا الملف واستردت تلك الأموال فعندها تحظى بثقة الناس وبثقة المجتمع الدولي، وعندها تثبت للجميع انها قادرة على فتح ملفات ​الفساد​ خصوصاً وان هنالك من يقول انبعض السياسيين قد حولوا اموالهم الى الخارج بعد 17 تشرين عندما كان لبنان يعاني من أزمة شحّ في ​الدولار​، لذلك على الحكومة العمل على هذا الملف خصوصاً في هذه المرحلة كخطوة اولى في سبيل استعادة الثقة بطريقة سريعة".

يضيف: " لا شك بأن أزمة الثقة التي يواجهها لبنان اليوم كان لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد، لذلك على الحكومة العمل من أجل استعادة ثقة الشارع اولاً فأي اجراء لا يحظى بثقة الشارع باعتقادي سيكون عبء اضافي على الحكومة، ولا بد للجميع ان يعلم بان اي خطوة في سبيل الاصلاح سيدفع ثمنها الشعب اللبناني ان لم يُحصن والتحصين يكون من خلال التقديمات الاجتماعية اضافة الى العدالة في توزيع الأعباء خصوصاً اذا لجأت الحكومة الى صندوق النقد الدولي. الجميع يعلم ان شروط الصندوق عادة تكون صارمة كتحرير سعرصرف العملة، او زيادة الضريبة على القيمة المضافة، او زيادة الضربية على ​المحروقات​، او حتى تخفيض حجم ​القطاع العام​، وكي يستطيع الشعب اللبناني - وتحديداً الطبقة الوسطى وما دون - تحمل هذه الشروط لا بدّ ان يرى بأن الحكومة قادرة على اتخاذ اجراءات جدية من أجل استعادة الأموال المنهوبة واستعادة الأموال المهربة ايضاً ووضعها مجدداً في ​المصارف​ لتعزيز القدرة على حماية مدخرات الناس".

الخوري يؤكد ان "ما بعد 17 تشرين غير ما قبله، فقبل هذا التاريخ كان الهم الأساسي يتعلق بمكافحة الفساد بعد 17 تشرين أُضيف عليه هم أكبر اسمه ثروة اللبنانيين النقدية اي الودائع، لذلك ان قامت الحكومة بهاتين الخطوتين ستكون الانعكاسات ايجابية خصوصاً وان حلّ ازمة لبنان الاقتصادية قد يأخذ سنوات وسنوات في ظلّ الأزمات الاقليمية الموجودة في المنطقة".

اما فيما يتعلق بتسديد استحقاق سندات "اليوروبوندز" في 9 آذار المقبل والتي يبلغ مجملها ملياراً و200 مليون دولار يختم الخوري نتفهم جيداً الآراء التي لا تحبذ تخلف لبنان عن تسديد هذا الاستحقاق بوقته الا انه في المقابل من غير المنطق تسديد هذا الاستحقاق من اموال المودعين، وباعتقادي ان اي قرار ستتخذه الحكومة في هذا الشأن يجب ان يكون مبني على خطة اقتصادية واضحة الملامح عنوانها الأساسي استعادة الثقة".

---------------------------------------------------------------------------------------