لن نجد إنسانا واحدا ناجحا، وصل الى القمة، بدون "حبّ"... وقصتنا اليوم تدور حول الدكتورة نادين الأسعد، التي تؤمن بأن حب الذات وتقدير النفس، التي منحنا إياها الله، أمر مهم جدا، ويساعد على بناء المستقبل الواعد، كما يزيد من قيمة الانسان وثقته. فمن يحب نفسه، بطريقة إيجابية، وبعيدة عن الأنانية والغرور، يستطيع التقدم في هذه الحياة، للوصول الى السعادة والنجاح، ولإفادة كل مَن هو موجود مِن حوله!

د. الأسعد هي دليل على أن النجاح حالة لا تعرف الراحة، اذ شقت طريقها متسلحة بالموهبة والإصرار والثبات، وخاضت تجارب متعددة، في مجالات متنوعة، وحققت النجاحات في كل واحدة منها!

عملت كأستاذة جامعية في عدد من الجامعات ال​لبنان​ية، في الصحافة والأدب العربي، كما انخرطت في ​الصحافة المكتوبة​ والمرئية والمسموعة، كمعدة ومقدمة لعدد من البرامج التلفزيونية والإذاعية في لبنان والمنطقة، ولها إسهامات في العمل الصحفي، في صحف ومجلات، خليجية وعربية.

أصدرت خمسة مؤلفات، تنوعت بين الرواية والشعر، وهي "رائحة رجل"، "علمني الحب"، "حدثني جسدي .. قال"، "رياح الرغبة"، و" ظل القصيدة".

أطلقت ديوانها الشعري الجديد الذي يحمل عنوان "ورقة أنا" حصريا عبر موقع "أنغامي"، وذلك للمرة الأولى، بين مختلف إصداراتها في الشعر والرواية.

ألفت وأدت دور البطولة في المسرحية الغنائية "الظلال"، التي عرضت للمرة الأولى في ​الإمارات​، وسط حضور جماهيري ضخم.

وللتعرف عن كثب، الى د. نادين الأسعد، كان لموقع "الاقتصاد"، هذه المقابلة الخاصة معها:

-ما هي المراحل التي مررت بها حتى وصلت الى ما أنتِ عليه اليوم؟

حصلت على شهادة الدراسات العليا في القانون العام من "الجامعة اللبنانية"، وعلى دكتوراه في الصحافة والإعلام من "جامعة ​بوسطن​" الأميركية.

بدأت بالكتابة بعمر الرابعة عشرة، وخلال أربع سنوات، حصدت مجموعة واسعة من الكتابات والخواطر. لكنني لم أعرف حينها، ما اذا كنت كاتبة جيدة أم العكس، ومن هنا، تواصلت مع الشاعر الكبير جورج جرداق، الذي، ولحسن الحظ، وافق على مقابلتي. فناولته أوراقي، وأعطيته خيارين بعد القراءة: إما إعادة التواصل معي، وإما رمي تلك الأوراق والتخلص منها!

لكنه رأى في أفكاري لمعة معينة، واكتشف أن موهبتي سوف تزدهر في المستقبل. وكان شرف كبير لي، أن يكتب مقدمة كتابي؛ بعد أن كتب مقدمات لثلاثة أشخاص فقط.

بعد ذلك، عملت في ​مصر​ف، أكملت دراستي الجامعية، كتبت في مجلة "الشبكة" وجريدة "الخليج"، وأصدرت كتابين. وفور عودتي من ​الولايات المتحدة​، بدأت بإعطاء المحاضرات في الجامعة. وكنت حينها في بداية العشرينات، وبالتالي، كان مظعم الطلاب من عمري أو أكبر، أو حتى أصغر مني، في بعض الأحيان. وهذه التجربة كانت مهمة للغاية بالنسبة لي، لكنني لم أجد نفسي في التعليم، بسبب مشاريعي وطموحاتي وأفكاري الكثيرة، التي قد تحدّني فيها الجامعة بدوام معين. ولهذا السبب، فضلت تأجيل هذا النشاط المهني، حتى سنّ التقاعد.

بعد إعادة إطلاق الـ"MTV"، تواصلت معي إدارة المحطة، وطلبت مني تقديم البرنامج الثقافي "كتاب"؛ لأن اسمي كان معروفا الى حد ما، في مجال الثقافة والأدب. وهذا البرنامج تطلب مني قراءة حوالي 15 كتابا في الشهر، ما أسهم في إضافة الكثير الى كتاباتي.

كما قدمت برنامجا ثانيا، عبر الـ"MTV"، باسم "بتعرف كيف"، وشاركت لبعض الوقت، في تقديم برنامج "Alive". ومن ثم، انتقلت لفترة وجيزة، الى برنامج "Z Ladies"، عبر تلفزيون "الجديد"، وقدمت أيضا حلقة خاصة بعيد الميلاد، ساعدنا من خلالها خمس عائلات؛ وقد حصلت على أعلى نسبة مشاهدة (rating).

وقدمت أيضا برنامج "أمير الشعراء"، الذي يبث منذ حوالي 14 عاما، وتنقله قنوات عدة. وقد تم اختياري بين اسمين كبيرين في لبنان، وذلك لثلاثة أسباب: الأول، خلفيتي الشعرية. الثاني، خبرتي الإعلامية. والثالث، مظهري الخارجي.

أما في مجال الكتابة، فبعد إصدار كتابي الثالث، وانتشار اسمي في عالم الثقافة، بدأت بالمشاركة في معارض الكتاب، وخلال "معرض ​الشارقة​ للكتاب"، في ​الامارات​ – الذي يعد ثاني أهم معرض للكتاب في ​العالم العربي​، بعد مصر – كان كتابي الأخير، "ظل القصيدة"، الأكثر مبيعا عن فئة كتب الشعر؛ مع العلم أن هذا الإنجاز صعب للغاية، بسبب المنافسة الواسعة التي كانت موجودة. كما أنه في جيلنا الحالي، لا نجد العديد من القصائد الكلاسيكية، وذلك لأسباب عدة، وأهمها صعوبة كتابتها؛ ولهذا السبب، أصبح البعض يسمي القصيدة النثرية شعرا، ما لا أؤمن به على الإطلاق، لأن الشعر شعر، والنثر نثر!

هذا الكتاب تحول الى مسرحية غنائية ضخمة، بتمويل من ​إمارة الشارقة​؛ حيث وصلت التكلفة الى حوالي مليون دولار. وكانت مسرحية "الظلال"، من بطولتي شاعريا، الى جانب الفنان حازم شريف. وشعرت حينها أنني انتقلت الى مستوى آخر في مسيرتي، ما دفعني للتفكير بالمزيد من المشاريع التي تسهم في تطوير اسمي، وتوسيع نطاق انتشاره.

ولا بد من الاشارة هنا، الى أن التكريم الأكبر بالنسبة لي، يتمثل في تقديمي للحفل السنوي الضخم، "حفل ​جائزة​ الشيخ ​زايد​ للكتاب" في ​أبوظبي​.

بعد ذلك، تم اختياري كعضو لجنة تحكيم في "جائزة الشارقة للاتصال الحكومي"، ما أفادني كثيرا من الناحية الثقافية، حيث شهدت على منافسة مختلف المؤسسات الحكومية، من أجل تحقيق الأفضل للمجتمع. فالهدف من هذه الجائزة، هو عرض لإمكانيات الدولة، في إيصال رسالتها الى الشعب، عبر الوظيفة العامة، التي جاءت لتخدم من خلالها هذا الشعب؛ ما نفتقد اليه للأسف في لبنان! ومن هنا، كلما كنت أعود الى بلدي، بعد زيارتي للإمارات، ينتابني شعور بالغيرة من الحكام السياسيين الموجودين هناك.

بعد تلك الفترة، وقعت كتابي خلال حفل ضخم أقيم في "جامعة سيدة اللويزة"، "NDU".

وبالاضافة الى ذلك كله، أعمل أيضا في مجال كتابة الأغاني، لكنني أتروى بعض الشيء في اختياراتي، لأن طريقتي في الكتابة مختلفة الى حد ما، بسبب خلفيتي الشعرية. والإنجاز الأخير الذي حققته في هذا المجال، يتمثل في تعاوني مع الفنان جورج وسوف، على أغنية سيتم إطلاقها خلال العام الجاري.

-ما هي الصفات التي تساعدك على التقدم، وتكسبك ثقة الناس ومحبتهم؟

أولا، أحافظ دائما على صفة التواضع في جوانب حياتي كافة؛ فأنا أحب الناس، وأتعامل مع الجميع بالطريقة ذاتها.

ثانيا، الشعر الذي أكتبه يشبهنا، ويشبه عصرنا وبيئتنا، ومن الصعب جدا إيجاد شخص من هذا الجيل، يعرف تقنيات كتابة القصيدة الكلاسيكية.

ثالثا، علاقاتي مع الخارج، والنجاحات التي حققتها في ​الخليج العربي​.

رابعا، بالاضافة الى كل ما ذكر، لا بد من الاشارة الى أن الشكل الخارجي ساعدني أيضا الى حد كبير. وفي حين أن الشكل مفيد للدقائق الأولى من اللقاءات، يبقى المضمون هو الأساس، والعنصر المساعد للحصول على أي وظيفة أو مهمة. لكن الجمال سيف ذو حدّين، وقد يدفع البعض، للأسف، في التشكيك بقدرتي على الكتابة؛ فبسبب مظهري الخارجي، يعمد عدد من الأشخاص، الى إطلاق الأحكام المسبقة بحقي.

-ما هي طموحاتك المستقبلية على الصعيد المهني؟

أنا راضية تماما عن ما حققته الى حد اليوم، لكن طموحاتي المستقبلية كثيرة، وغير محدودة.

-لقد كرمتك مؤخرا وزارة الثقافة اللبنانية، بجائزة "أرض المبدعين"، عن مجمل أعمالك الشعرية والأدبية، والنجاحات التي أنجزتها في لبنان والعالم العربي. معنويا، ماذا يعني لك هذا التكريم من بلدك الأم، خاصة بعد حصولك على عدد من الجوائز في الخارج؟

لقد تم تكريمي من قبل عدد كبير من الجهات، في مختلف ​الدول العربية​، لكنني لم أحسّ يوما بالفرح الذي غمرني، خلال هذا التكريم من بلدي الأم. فقد شعرت حينها، أن قلبي يرقص من الداخل.

-هل تشعرين بالتقصير تجاه عائلتك وحياتك الخاصة بسبب أعمالك المتنوعة؟

التقصير غير موجود على الإطلاق في قاموسي، فأنا أم، وصديقة ورفيقة، "200 على 100"، لأربعة أولاد رائعين، أحبهم الى أبعد الحدود، وأسعى دائما للاهتمام في تفاصيل حياتهم كافة، والتركيز على جميع اهتماماتهم.

كما أن عملي الحرّ يتيح لي توفير الكثير من أوقات الفراغ، المخصصة للعائلة والمناسبات الاجتماعية.

-هل تلقيت الدعم من المحيط والعائلة؟

زوجي هو الداعم الأكبر لي، ولمسيرتي المهنية أيضا. ولولا تشجيعه الدائم، لما تمكنت من الوصول الى ما أنا عليه اليوم، حيث أن 50% من نجاحاتي، تعود الى دعمه المتواصل لقدراتي ومواهبي.

-ما هي نصيحة نادين الأسعد الى ​المرأة اللبنانية​؟

المرأة مثل الرجل تماما، لكن هذا لا يعني إطلاقا، أنها رجل، وعليها التصرف على هذا الأساس! فالمساواة تتمثل في الحصول على الحقوق ذاتها؛ مثل إعطاء المرأة جنسيتها لأولادها.

ومن هنا، أنصح المرأة اللبنانية أن تثق بنفسها، و"تكون قد حالها". وأقول لها: "لا تهتمي بالتقاليد البالية و​الصور​ النمطية والأحكام المسبقة، فكري بموضوعية، ابتعدي عن السلبية، اهتمي بتربية أولادك على مبدأ التواضع والاحترام، تعرفي الى قيمتك الحقيقية، وأحبي نفسك بشكل صحيح، وحتى أبعد الحدود؛ فهذا الحب الجميل، سيساعدك على تحقيق النجاح في عملك، في عائلتك، في محيطك، وفي داخلك أيضا!".

فالمرأة تستطيع حتما أن تكون أم رائعة، و​عاملة​ ممتازة، ورياضية مثابرة، وزوجة مثالية أيضا.

ولا بد من القول، أنني أسعى لكي أكون قدوة، في مكان معين، بالنسبة الى الأمهات، وخاصة اللواتي يهملن أنفسهن ومظهرهن الخارجي بعد الزواج وإنجاب الأطفال. ومن هنا أتوجه الى كل امرأة: "لا تهملي جمالك، مارسي التمارين الرياضية، والأهم: أحبي نفسك أولا، لكي تتمكني من نشر هذا الحب من حولك!".