"بسبب الأوضاع الراهنة .. نعتذرعن قبول ال​بطاقات​ الائتمانية"، عبارة باتت منتشرة في نقاط بيع عديدة خصوصاً في محطات ​الوقود​ التي باتت تتعامل بالعملة الورقية حصراً وذلك بسبب ازدياد القيود التي تفرضها ​المصارف​ خصوصاً على عمليات السحب والتحاويل لجهة الدولار الأميركي من جهة، اضافةً الى غياب عامل الثقة بين العملاء والمصارف خصوصاً وان بعض المصارف قد لجأت في الآونة الأخيرة الى وضع سقوف للسحوبات على الليرة ال​لبنان​ية أيضاً ما دفع بالمستوردين الى رفض التعامل مع التجار بالشيكات المصرفية مما أجبر بعض المحال التجارية في مختلف القطاعات على رفض ​البطاقات الائتمانية​ كوسيلة للدفع من قِبل ​المستهلك​.

ولكن ما هي الانعكاسات السلبية لهذه الخطوة؟

تؤكد ​مصادر مصرفية​ لـ "الاقتصاد" ان "لهذه الخطوة انعكاسات سلبية على ​القطاع المصرفي​ من جهة وعلى المواطن من جهة أخرى خصوصاً وان بعض المصارف قد بدأت بوضع قيوداً على البطاقات الائتمانية وتحديد سقوفاً للسحب فيما لجأ البعض الآخر الى حصرها ب​الليرة اللبنانية​ وبالطبع كل هذه الخطوات ساهمت في تجنب استعمالها والاعتماد أكثر على العملة الورقية مما سبب ضغطاً اضافياً على القطاع المصرفي ان لجهة الثقة او لجهة الأرباح التي كانت يجنيها جراء كل عملية سحب عبر هذه البطاقات، بالمقابل بات المواطن معرضاً للسرقة أكثر فأكثر بعد لجوئه الى استخدام العملة الورقية وقد بدأنا نسمع بازدياد عمليات السرقة والنشل خصوصاً في هذه الظروف الاقتصادية التي نمر بها".

يضيف المصدر: " تتجه بعض المصارف الى تجميد هذه البطاقات او الحد منها في هذه المرحلة وتحديداً بطاقات الدولار واليورو وهذه خطوة قد تعزل اللبنانيين عن العالم خصوصاً وان استخدام هذه البطاقات يكون عادةً للانفاق خلال السفر فضلاً عن ​التجارة الالكترونية​ والاشتراك ببعض الخدمات".

غبريل : اجراءات المصارفعلى البطاقات الائتمانية مؤقتة

من جهته يرى كبير الإقتصاديين ومدير وحدة الدراسات في بنك "بيبلوس" نسيب غبريل ان "سبب رفض المحال التجارية التعامل بالبطاقات الائتمانية يعود لسببين:

الأول: حاجة التجار الى العملة الورقية في هذه المرحلة وتحويله الى دولار اميركي من أجل استخدامه أكثر في عملية الاستيراد.

الثاني: استغلال هذه المرحلة من أجل التهرب من الضرائب خصوصاً وان بعض المؤسساتبدأت بدفعرواتب موظفيها "كاش" وهذه الخطوة تساعدهم في عملية ​التهرب الضريبي​".

ويقول لـ "الاقتصاد": " لا شك بأن استخدام البطاقاتالائتمانية يساهم عادةً في تخفيف استعمال ​العملات​ الورقية والشيكات المصرفية، لذلك نرى ارتفاع كبير لهذه البطاقات ليس في لبنان فحسب انما في دول العالم كافة، خصوصاً وان هناك بعض البلدان تتجه الى عدم استخدام العملة الورقية نهائياً واستبدالها بالبطاقات الائتمانية و​التطبيقات​ الالكترونية، اما نحن فللأسف نعود الى الوراء في ظل ارتفاع حجم "الكاش" في السوق والابتعاد عن استخدام هذه البطاقات".

يضيف: " هناك بعض المصارف لجأت في الفترة الأخيرة الى تخفيض سقوف بعض البطاقات الائتمانية وذلك بسبب نقص السيولة في العملة الأجنبية فضلاً عن تخفيض ​التسليفات​ وذلك للحد من سحب العملات الأجنبية وهذا ما بطبيعة الحال يؤثر سلباً على دخل المصرف، ولكن هذه الاجراءت استثنائية خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي نمر بها تماماً كاجراءات التحاويل والسحوبات التي اتُخذت تجنباً لازمة ملاءة وأزمة سيولة أكبر، الا اننا في المقابل لا نستطيع ان ننسى حجم استخدام هذه البطاقات في لبنان فعلى سبيل المثال وصل عدد بطاقات الدفع الصادرة في لبنان حتى شهر حزيران الـ 2019 نحو مليونين و 854 الف و106 بطاقة، 96.4 في المئة من هذه البطاقات كانت بحوذة المقيمين وقد شكلت بطاقات الدفع اي الـ " Debit card " نحو 58 في المئة من ثم الـ "Credit card" 20 في المئة اما البطاقات المدفوعة سلفاً الـ "prepaid card" 16 في المئة الـ "charge card" 3.5 في المئة، اما بالنسبة للمحلات التي تستقبل هذه البطاقات فقد بلغ عددها نحو 47 الف و 372 محل.

يختم غبريل حديثه بالقول : "صحيحان هنالك بعض المؤسسات باتت تمتنع عن قبول هذه البطاقات ولكن بطبيعة الحال سيكون لهذه الخطوة آثاراً سلبية على المؤسسات نفسها لناحية مبيعاتها ودخلها وارباحها خصوصاً وان هنالك مؤسسات أخرى لا تزال تبيع عبر هذه البطاقات".

يتابع: " لا شك بأن هناك أزمة ثقة كبيرة بين المواطن والقطاع الخاص من جهة والسلطة السياسية والحكومة من جهة أخرى، والقطاع المصرفي يتأثرعادةً أكثر من اي قطاع آخر بالوضع الاقتصادي وبالبيئة التشغيلية كونه القطاع الوحيد الذي يُقرض القطاعات كافة فكيف سيكون حاله اليوم في لبنان خصوصاً وانه المصدر شبه الوحيد للاقتصاد اللبناني؟

اليوم نحن امام حكومة جديدة ، وباعتقادي هذه الحكومة لن تحظى بثقة تلقائية كالحكومات السابقة بل عليها ان تبرهن بأعمالها انها جديرة بثقة الناس اولاً".