منذ العام 1992 واللبنانيون يعيشون حالة قلق مع كل أزمة سياسية اواقتصادية خوفاً من تكرار سيناريو ذاك العام المشؤوم حيث لامس سعر صرف ​الدولار الاميركي​ انذاك عتبة الثلاثة آلاف ليرة وانهارت معه الليرة ..فهل يتكرر هذا السيناريو اليوم مع بلوغ سعر صرف عتبة الـ 2500 – وهي أعلى نسبة وصل اليها منذ سنوات- قبل ان ينخفض الى الـ 2300 ليرة لبنانية؟

مراد: الرئيس بري بدأ اتصالاته لحلّ هذه الأزمة

ينفي نقيب الصيارفة محمود مراد في حديثه لـ "الاقتصاد" ان يكون للصيارفة دوراً في تحديد سعر الصرف الموجود اليوم في الأسواق مؤكداً ان ​سعر الدولار​ يخضع للعرض والطلب اضافةً الى تأثره المباشر بالمؤشرات السياسية الحاصلة في البلد، فان كانت هذه المؤشرات ايجابية يطمئن الناس نوعاً ما ويخف الطلب على الدولار وبالتالي يتراجع سعره، اما اذا كانت هذه المؤشرات سلبية فهذا الأمر يسبب هلعاً لدى الناس ويزداد الطلب على الدولار مما يؤدي الى ارتفاع سعره".

يضيف: " لن يصل الدولار الى الـ 3000 - اقله في هذه الفترة – لان سعر الصرف يتأرجح تبعاً للعرض والطلب فبعد ان لامس عتبة الـ 2500 صباح الخميس وهي أعلى نسبة وصل اليها الدولار منذ سنوات طويلة عاد وانخفض بظرف ساعات قليلة الى الـ 2300 ولربما سبب هذا الانخفاض يعود الى مؤشرات ايجابية على الصعيد السياسي قد حصلت في الكواليس او لربما أُعيد ضخ دولار في الأسواق وباعتقادي ان هذا الانخفاض سيستمر، آملاً ان تعمد ​المصارف​ ايضاً الى مساعدة الأسواق عبر ضخ المزيد من الدولارات في الأسواق".

مراد يؤكد ان الصيارفة يعملون تحت وصاية ​مصر​ف لبنان وهم يخضعون للرقابة الدائمة ولا شك بأن عدم وجودنا في الأسواق سيخلق أزمة كبيرة خصوصاً واننا نضخ دولار في الأسواق وهذه الدولارات تكون عادة من الخارج جراء عمليات تبادل ​العملات​ مشيراً الى ان الصيارفة لا يملكون ​حسابات مصرفية​ ورغم ذلك هم من يضخون الدولار في السوق".

وفي ختام حديثه يشير مراد الى "اجتماع عقدته النقابة أول من امس مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اصرّ على معالجة هذا الموضوع بأسرع وقت بالتعاون مع حاكم ​مصرف لبنان​ والجهات القضائية فضلاً عن وزارة المالية وهذا أكبر دليل على ان النقابة تتحرك بشكل دائم من أجل تهدئة الأسواق، وقد بدأ الرئيس بري اتصالاته لحلّ هذه الأزمة الذي نأمل ان نرى نتائجها الايجابية قريباً في الأسواق".

الخوري: لن يعود سعر الصرف الى 1520

من جهته يؤكد ​الخبير الاقتصادي​ الدكتور ​بيار الخوري​ ان سوق الصيارفة اليوم يدلّ على ان هنالك نقص حاد بالدولار الأمريكي بحيث لم تعد الآلية التقليدية التي كانت تتم من خلالها تأمين الدولار ممكنة، فلبنان عاش لنحو ربع قرن معتمداً على منافذ مصرف لبنان و​المصارف التجارية​ لتأمين حاجات الناس من هذه العملة، ويقول لـ "الاقتصاد" سوق الصيارفة كان بامكانه العمل بطريقة أخرى لو ان سعر الصرف لم يكن ثابتاً وهذا ما ادى الى خلق سوق آخر موازي للسوق الرسمي".

يضيف" : مع الأسف اصبح السوق الموازي هو الذي يتحكم بالسعر الجديد وبالأسواق، بمعنى انه في حال كانت الأجواء السياسية ايجابية ينخفض سعر الدولار قليلًا لدى الصيارفة وترتفع الليرة، اما اذا كانت سلبية فيرتفع الدولار وتنخفض الليرة،الا انني اعتقد ان سعر الصرف لن يعودالى 1520، لان هذا السعر لم يعد قادراً على ضبط استنزاف الدولار بشكل سريع بالبلد كون لبنان بلد مستورد ولا ينتج، فضلاً عن ان ​السيولة​ التي تُضخ في الاسواق لا يقابلها ايرادات وهذا ما يُسمى بعجز ​الموازنة​ فضلاً عن ​عجز ميزان المدفوعات​ تُضاف اليهم اليوم أزمة المصارف والأزمة السياسية الطاغية، وان اي حلّ لأي ازمة من هذه الأزمات قد يُخفف من صعود الدولار".

برأي الخوري ان "سياسة تثبيت سعر صرف الليرة قد انتهت اذ من الممكن اليوم وجود سعر تتقبله الأسواق على فترة طويلة ولكن هذا السعر ستصنعه عناصر السوق والتوازن الاقتصادي، وعلى المدى البعيد سنرى ان المصرف المركزي سيتخلى عن سعر التثبيت تماماً كما حصل في العديد من الدول على رأسهم مصر".

اما فيما يتعلق بموضوع الصيارفة يتابع : "المشكلة في لبنان تكمن في غياب عناصر المناعة الاقتصادية التي تحد من ربح الصيارفة لذلك نرى السعر عند الصيارفة يتأرجح وكذلك الأمر بالنسبة لهامش الربح لديهم، رغم كل ذلك لا تستطيع الدولة تحديد سعر معين لهم ولا تستطيع اقفال هذا السوق الذي يُعتبر المنفس الوحيد للاسواق التجارية وللناس في ظل شح الدولار من قبل السوق الرئيسي، لذلك الحلّ لهذه المعضلة يكمن في ايجاد حلّ للوضع السياسي عبر وجود حكومة قادرة على وضع استراتيجية اقتصادية مستدامة قادرة على انقاذ الوضع الاقتصادي في فترة زمنية محددة، وهذه الحكومة يجب ان تحظى بالدرجة الأولى بثقة الناس اضافة الى ثقة المستثمرين في الداخل والخارج من أجل اعادة ضخ الأموال في المصارف ومنها الى الأسواق وبالطبع لا نستطيع ان نغفل عن ضرورة خلق فرص عمل".