"يجب على المرأة أن تتسلح بالعلم والثقافة، وتوسّع دائرة معارفها واهتماماتها، لتثبت موقعها وتبرز دورها الفعال في المجتمع وسوق العمل"، هذه الرسالة التي وجهتها لينا علم الدين، المديرة الإداريّة لمركز الشراكة للتنمية والديمقراطيّة "PCDD"، الى نساء لبنان، في لقاء خاص مع "النشرة الاقتصادية"، تحدثت خلاله عن المرأة اللبنانية وأبرز العقبات التي تواجهها في حياتها المهنية والأسرية.

درّبت لينا عدد من القادة السياسيين والناشطين في منظمات المجتمع المدني على الساحة اللبنانية والعربيّة في مجالات متنوعة مثل ادارة حملات المدافعة والانتخابات، اجراء التقييم المؤسساتي، تطويرالتخطيط الإستراتيجي، بناء الشبكات، تدريب المدرّبين، إدارة المنظومة التعليمية والتدريبية، بالاضافة الى تقديم استشارات خاصة.

- أين كانت انطلاقة لينا علم الدين؟ وما هي أبرز أعمالك؟

بدأت العمل في التنسيق والتدريب في برنامج محو الأميّة، بعدها أصبحت ممثلة لمنطقة الشرق الاوسط في "معهد تطوير وتعليم الكبار"، ثم مديرة برنامج التدريب في "المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية" الذي أتاح لي تدريب فلسطينيين وعراقيين وبحرينيين وأردنيين ومصريين وجزائريين وتونسيين وسودانيين ويمنيين وسعوديين، وصولا الى تأسيس "مركز الشراكة للتنمية والديمقراطية" عام 2006 بعد انتهاء حرب تموز.

وأصدرت كتابين الأول بعنوان "رزمة من ادوات العمل في مجال المدافعة حول سياسات تحرير التجارة وآثارها الاقتصادية والاجتماعية" عام 2008، والثاني " ألف باء المدافعة" في 2010.

كما شاركت في صياغة البرنامج الانتخابي لوزيرة التربية والتعليم اللبنانية عام 2009.

- ما هي أهداف "مركز الشراكة للتنمية والديمقراطية"؟

"مركز الشراكة للتنمية والديمقراطية" هي جمعية استشارية غير حكومية ومستقلة لا تبتغي الربح المادي، تدير برامج في لبنان والعالم العربي، وتعمل على 3 أصعدة مختلفة، فمن ناحية يقدّم خدمات استشارية، ومن ناحية ثانية ينفّذ مشاريع وفقاً لطلب بعض المنظمات الدولية، إضافةً إلى أنّ للمركز مشاريعه الخاصة. تتجسد رؤية المركز في التوصل الى مجتمع مدني ديمقراطي، قادر على التأثير في السياسات العامة، كما يهدف الى دعم منظمات المجتمع المدني، وتعزيز الشراكة والمساهمة في الشأن العام من خلال تنفيذ مشاريع في مجال التنمية والديمقراطية والعمل على تنمية القدرات والمهارات التي تمكّن الافراد والمنظمات من النهوض بمجتمع مدني حيوي.

- ما هو الحافز الذي دفعك الى الغوص في مجال مساعدة المجتمع المدني؟

في البداية رأيت الحاجة الى بناء مجتمع مدني حيّ، يعمل على اسس علمية تساعده على التقدم، ومن ثم تلقيت العديد من طلبات المنظمات في البلدان العربية بتوفير خدمات تقنية لهم  في بناء الخطط والحملات، من هنا أتت فكرة تأسيس "مركز الشراكة للتنمية والديمقراطية".

كما يهمني بالدرجة الأولى موضوع المرأة والمدافعة عن حقوق الفئات المهمشة ، والمطالبة بمبدأ الكفاءة وتكافؤ الفرص والمشاركة في صنع وتنفيذ القرار.

- بعد الحديث عن العناصر المساهمة في تقدم الانسان مهنيا، ما الذي، برأيك، ساهم في وصولك، وايصال "مركز الشراكة للتنمية والديمقراطية" الى المجتمع؟

الخلفية التعليمية والخبرة المهنية المتميزة التي اكتسبتها خلال أكثر من 15 سنة، ساهمت بنسبة كبيرة بتقدمي، بالاضافة الى التنوع في التجارب الدولية و التجارب التي خضتها من خلال العمل من دولة الى دولة، حتى الوصول الى ليتوانيا. كما انّ "مركز الشراكة للتنمية والديمقراطية" اكتسب مصداقية عالية من خلال انجاح المشاريع وتسجيل انجازات له وللجمعيات الطالبة للخدمة التقنية، بحيث انها عرفت تغييراً على صعيد المعرفة، المهارة  والسلوكية.

- نشهد تقدما ملحوظا للمرأة في سوق العمل اللبناني، في حين لا زلنا نرى بعض النساء في مواجهة عقبات، ما هي برأيك أبرز العقبات الاجتماعية التي تقف حاجزا في وجه تقدم المرأة اللبنانية؟

هناك عوائق اجتماعية واقتصادية تتبلور في العقلية الذكورية التي تستصعب رؤية المرأة في المواقع القيادية، وعقلية الحماية التي تسود في الأسرة، والسلوكيات المجتمعية المختلفة والنظرة السلبية التي برزت نتيجة الحرب تجاه العمل السياسي والحزبي، بالإضافة الى ان الكوتا النسائية ليست واضحة ومفهومة إجمالا حتى عند بعض الهيئات النسائية.

وسياسيا، لا يجب أن ننسى عقدة الفوقية الذكورية التي يتمتع بها السياسيون اللبنانيون بتأثير من البيئة العامة، وتقابلها نظرة دونية للمرأة من معظم الأحزاب وزعمائها وقيادييها. طبعا لا يمكننا أن نشمل الجميع بهذه القاعدة، لكنّ الأكثرية منهم يجسدون هذه الفكرة.

من جهة أخرى التربية الاجتماعية والعادات والتقاليد لها دورها أيضا بالتأثير على دور المرأة، فمجتمعنا الشرقي يُعطي الأفضلية للرجل، أما الدين فيقف أيضاً في وجه المرأة بطريقة غير مباشرة، فهو يعلمها ويفرض عليها الاهتمام بالأسرة ورعاية الأولاد وخدمة الزوج وغيرها من الأعمال اليومية بالإضافة الى تبعية الزوج والأب أو الأخ.

- من خلال اطلاعك على واقع المرأة اللبنانية، ما رأيك بالتقدم الذي حققه لبنان على صعيد الحقوق التي تحميها؟

هناك تقدم ملموس في لبنان إلا ان المرأة لا تزال تعاني من الغبن ، فتمثيلها في إدارات الدولة العليا ضئيل جدا، ولم يعد مقبولا النظر الى المرأة على انها شريك ينفذّ فقط، بل هي شريك يخطط وينفذ.

- كيف تقيمين دور الرجل في حياة المرأة العملية؟

الرجل منافس وعائق في طريق نجاحها من منطلق أن المجتمع العربي مجتمع ذكوري بإمتياز، لكن ذلك لا يعني أن جميع الرجال يشكلون عائقا، إذ نجد بعضهم من يدعم المرأة وقضاياها في مواجهة التمييز ضدها.

- في النهاية، ما الذي يجب على المجتمع أن يفعله لدعم المرأة ومساواتها مع الرجل؟

المطلوب هو التغيير، وعلى هذا التغيير ان يطال جميع المستويات الذهنية والسياسية والاقتصادية والثقافية، ويبدأ من المشاركة في القرارات السياسية، حتى ولو كانت هذ المشاركة عن طريق الكوتا مرحلية، الا ان المرأة تفرض مشاركتها بقوة القانون تمهيدا لتغيير الأفكار والمفاهيم الموروثة عن موقع المرأة ودورها.

من جهتها، المرأة، يجب أن تعمل على ذاتها، وتتسلح بالعلم والثقافة، وتوسّع دائرة معارفها واهتماماتها.