تعتزم شركة ​التجارة الإلكترونية​ ​الصين​ية العملاقة "​علي بابا​"، جمع ما لا يقل عن 11 مليار دولار، أي نحو 8.5 مليار جنيه إسترليني، عن طريق إدراج أسهمها في ​بورصة هونغ كونغ​ الأسبوع المقبل، في حين يمكن أن تشكل هذه الخطوة أكبر عملية بيع للأسهم العامة في العام.

وفي رسالته إلى ​المستثمر​ين المحتملين في "علي بابا"، أكد رئيس مجلس إدارة الشركة دانييل تشانغ، أن هونغ كونغ تعد واحدة من أهم المراكز ال​مالي​ة في العالم، مشدداً على اعتقاده خلال هذا الوقت من التغيير المستمر، أن مستقبل البلد لا يزال مشرقا.

يعتبر هذا التقييم متفائلاً إلى حد كبير بالنظر إلى ​العنف​ الذي شهدته هونغ كونغ في الحرم الجامعي وشوارع المدينة هذا الأسبوع وحده. فلماذا الآن وما الذي يمكن أن تخبرنا به قائمة المليارات من الدولارات حول ثقة المستثمرين في هونغ كونغ؟!

تشير مصادر مقربة من الشركة، إلى أن الاضطرابات السياسية والاجتماعية في هونغ كونغ لم تكن عوامل ذات تأثير كبير على إمكانية المضي قدمًا في الإدراج أم إلغائه، ولم يؤثر ذلك على شهية المستثمرين حول أسهم "علي بابا".

بالتوازي، لفت مؤسس "SGMC Capital"، ماكس بوندوري، إلى أن "علي بابا" كان بإمكانها جمع المزيد من الأموال لو أنها انتظرت أكثر قبل إغلاق عرض الأسهم الذي تم قبل الموعد المحدد، والذي يدل بدوره على أن المستثمرين اقتنصوا الأسهم بوتيرة أسرع من المتوقع.

ويعتقد بوندوري أن الإدراج الآن كان مدفوعًا بالمخاوف السياسية، وليس المالية البحتة، حيث كان بإمكان  للشركة من وجهة نظر ​اقتصاد​ية، الانتظار حتى العام المقبل للإدراج، في وقت ربما تكون بعض الاضطرابات قد تلاشت.

انطلاقاً من هذا المفهوم، يظن بوندوري أن هذا القرار هو محاولة لإبعاد العناوين السلبية عما يجري في الشوارع والجامعات في هونغ كونغ، وهو بمثابة تذكير للمستثمرين الدوليين بأن المدينة لا تزال مفتوحة للعمل.

ومن غير المعلوم ما إذا كان الرئيس السابق لعملاق التجارة الإلكترونية ​جاك ما​، سيحضر الإدراج، الأمر الذي أثار تساؤلات حول مستوى القلق الذي قد يكون لدى الشركة حيال العنف المحتمل خارج البورصة أو بالقرب من المديرين التنفيذيين.

وبناءً على ذلك، لن يصطف المستثمرون خلال بيع الأسهم خارج البورصة أو البنوك لتلقي الإيصالات الورقية، لأن "علي بابا" قررت عدم استخدام أوراق لهذه القائمة، وهي المرة الأولى التي تقوم فيها شركة بذلك في هونغ كونغ. ويعود ذلك إلى الرغبة بتجنب خطر قيام المتظاهرين بمهاجمة المستثمرين المتواجدين في الشوارع حينها.

هل يشكل الإدراج دفعة لهونغ كونغ!

من المرجح أن يصرف إدراج "علي بابا" في هونغ كونغ، النظرعن العنف الذي كان يدور في الشوارع خلال الأيام الماضية على الأقل. ومن شأنه أن يطمئن المستثمرين أيضًا أنه إذا كانت شركة عملاقة مثل "علي بابا" مستعدة لتحمل المخاطر وإدراج أسهمها في هونغ كونغ، فلا بد أن سمعة المدينة كمركز مالي لا تزال سليمة.

يقول ويجيان شان، الرجل الذي تم وصفه في كثير من الأحيان بأنه ملك الأسهم الخاصة في آسيا، إن بورصة هونغ كونغ كانت "النقطة المضيئة" الوحيدة في اقتصاد يعاني حالياً من الاضطرابات العنيفة و​الركود​.

بالتالي، إن احتمالية تأثر قيمة البورصة بالاحتجاجات اليومية غير واردة، على الرغم من أن المعنويات السلبية للأزمة السياسية تتحول بلا شك إلى سوق الأسهم في لحظات من التوتر المتزايد. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ المخاوف بشأن سمعة هونغ كونغ على محمل الجد، وهذا لا يقتصر على الاضطرابات فقط.

وفي إطار حملة الانتقادات الواسعة التي اعتبرت أن قرار المحاكم في هونغ كونغ القاضي بحظر القناع خلال التظاهرات غير دستوري، برزت المخاوف من احتمالية أن يهدد هذا الأمر استقلال القضاء في المدينة.

ويعتبر استقلال المحاكم في هونغ كونغ عن الصين، السبب الوحيد الذي يحث الشركات الدولية على المجيء إلى المدينة وإدراج أسهمها هناك. وكلما تلاشى هذا الإستقلال، تضاءل مستقبل هونغ كونغ كمركز مالي دولي، سواء اختارت شركات مثل "علي بابا" أن تدرج أسهمها في القائمة أم لا.

عودة "علي بابا" إلى جذورها

أعربت "علي بابا" عن رغبتها الكبيرة في إعادة الشركة إلى هونغ كونغ، حيث كانت تأمل في إدراج أسهمها هناك في عام 2014، عندما تم طرح أسهم الشركة لأول مرة. ولكن قواعد الإدراج في المدينة آنذاك، كانت تشير إلى أنه من المنطقي بالنسبة لـ"علي بابا" في ذلك الوقت أن تطفو في نيويورك.

ويرى أحد المستثمرين في أسهم "علي بابا" الأميركية، أن إدراج الشركة في بورصة هونغ كونغ كان خطوة عبقرية، لأنه سيتيح للمستثمرين الصينيين شراء أسهم في شركة يعرفونها جيدًا. وتوقع أن تظهر الأسهم في اليوم الأول من التداول.

إضافةً إلى ما ذُكر، سيرغب المستثمرون الصينيون في البر الرئيسي – المناطق التي تديرها جمهورية الصين الشعبية - في إظهار دعمهم لشركة يرون أنها خاصة بهم. لذلك، ورغم أن "علي بابا" ليس لديها نقص في النقد، إلا أن قائمة هونغ كونغ من الممكن أن تساعدها في جمع الأموال لمواجهة التحديات المستقبلية، خاصة في ​الولايات المتحدة​ بعد التدقيق الذي تمارسه أميركا على ​الشركات الصينية​.

ويكمل المستثمر، "إذا جمعت "علي بابا" هذه الأموال في هونغ كونغ، سيتيح لها ذلك حذف أسهمها في الولايات المتحدة إذا واجهت أي مشكلة مع ​السلطات الأميركية​ في المستقبل بسبب أي مخاوف أمنية وطنية محتملة".

في الوقت الراهن، لا يوجد لدى "علي بابا" خطط لشطب أسهمها في الولايات المتحدة، حيث أوضح المتحدث باسم الشركة أن ​بورصة نيويورك​ هي مكان الإدراج الرئيسي، وستستمر "علي بابا" في الإدراج والتداول ببورصة نيويورك.