أكد عميد كلية إدارة الأعمال في "جامعة الحكمة"، البروفيسور ​جورج نعمة​، أن "كل المؤشرات الماكرو - اقتصادية، كانت تدل على أننا سنصل إلى هذه الأزمة، والمتمثلة بشحّ ​الدولار​ وسعر صرف الليرة"، وقال إنه "لا يوجد أي جهة مفتعلة لها".

وأوضح نعمة في حديث لــ "الإقتصاد"، أن العجز في ميزان المدفوعات بدأ في الـ 2012، ومنذ تلك الفترة "بدأنا نحذر من اعتماد سياسة تثبيت سعر صرف العملة"، مضيفاً أنه "كان من الضروري إيجاد خطة لكي لا نصل لما وصلنا إليه اليوم"، مؤكداً أن "تدخل المصرف المركزي جاء متأخراً في الـ 2016، عندما قام بعملية تبديل سندات (هندسات مالية)".

وشدد نعمة، على أنه "هناك عوامل سرعت في تفاقم الأزمة، ومنها: الدولار لم يعد موجوداً في ​لبنان​، وكذلك موضوع العقوبات على ​القطاع المصرفي​، والعامل الأساسي الذي ساهم بتوقف ​التحويلات​ الخارجية هو إنخفاض سعر برميل النفط، خلال آخر 4 سنوات، إضافة إلى حالة الهلع لدى بعض المواطنين، لاسيما مع وقف ​القروض المدعومة​ للسكن، مما سرع أيضاً بتفاقم الأزمة".

وأضاف: "قبل ​الحراك الشعبي​، بدأنا نلمس، أنه هناك سعري صرف، سعر صرف رسمي في ​المصارف​، وسعر غير رسمي خاضع للعديد من العوامل موجود في السوق، مؤكداً أن هناك عملية إستنزاف كبرى، مع تزايد منسوب القلق، بعد إغلاق المصارف لمدة أسبوعين، ما زاد من تهاتف المواطنين لسحب أموالهم، والقيام بتبديلها من الليرة إلى الدولار".

واعتبر نعمة، أن "العنوان الأساسي لمؤتمر ​رياض سلامة​ الأخير كان الإعتراف الرسمي بالأزمة التي نعيشها، أي بأنه أصبح هناك سعرين للصرف: سعر مدعوم من المركزي، وسعر آخر يتحكم به الصيارفة، لافتاً إلى "أننا بلغنا مرحلة دقيقة وصعبة، ولا يمكنها أن تستمر طويلاً، لأن إحتياطي المركزي، منطقياً أقل من 38 مليار دولار"، مضيفاً: "نحن اليوم في مرحلة إنتقالية، والمواطنين لديهم منسوب قلق مرتفع، ونسبة "دولرة" أكثر من 75%، ولكن نسبة كبيرة من الودائع مجمدة، ما يسمح لنا حالياً في هذه المرحة الإنتقالية، أن نستمر لبضعة أيام أو أسابيع".

وعلى صعيد الحكومة المقبلة، أشار نعمة، إلى أن "ما يحصل في لبنان، يحتاج إلى حل سياسي، يساهم في إستعادة الثقة محلياً وخارجياً، وكذلك وقف النزف الذي يحصل اليوم، لذلك يجب تأليف حكومة إختصاصيين تتحمل المسؤولية، لكي تقوم بخطة إصلاحية تساهم في الخروج من الأزمة، ووضع سياسة إقتصادية جديدة".

وشدد نعمة، على أنه "في الحكومة المقبلة، يجب تسليم الحقائب الوزارية، للأشخاص المناسبين، الذي يستطيعون العمل بالشكل الصحيح، وفهم الملفات بشكل متخصص، مما يساعد الوزير عند إختيار أي قرار، الرجوع فقط للعامل التقني، وليس لأي عامل آخر". 

وأكد نعمة، أنه يمكن ان تكون هناك صعوبة في أن تتأقلم الحكومة الجديدة ، مع السلطة التشريعية، التي بإمكانها طرح الثقة في أي وقت، مشيراً إلى "أننا في مأزق كبير لأن الحكومة، لن تتشكل بسهولة"، موضحاً أن الخروج من الأزمة يتطلب إجراءات أولية، أولها حكومة كفاءات. 

واعتبر، أن حصول "كباش" بين الحكومة الجديدة، و​مجلس النواب​، هو أمر إيجابي، "لأننا إعتدنا أن يكون ​مجلس الوزراء​ صورة مصغرة عن السلطة التشريعية"، مضيفاً أنه "في تاريخ لبنان لم تسقط حكومة   بطرح الثقة، والحكومات الثلاث التي سقطت، تم إسقاطها في الشارع".

وأردف نعمة قائلاً: "إن ما يحصل من تحركات، بإمكانه تغيير صورة النظام السياسي، لأن الأولوية اليوم لم تعد سياسية، بل إجتماعية وإقتصادية، ووقف النزف الذي يحصل في البلد".

وعن الخطوات التي يمكن أن تخرج لبنان من الأزمة، أكد نعمة، أن "الخطوة الأولى تأليف حكومة إختصاصيين، تنكب لمعالجة الملفات، ويكون لها خطتي عمل سريعة جداً، لوقف النزف بشكل آني، وخطة ثاثية لوقف الهدر والفساد في الدولة، ولكن "هذا الأمر يحتاج وقتاً ولا يأتي بالشكل السريع". 

ومن الخطوات أيضاً، أنّه "على المصرف المركزي، القيام بنقد ذاتي ومراجعة لسياسته النقدية، وعليه أن يسأل نفسه: لماذا في الـ 2012 عندما رأى أن المؤشرات المكارو - اقتصادية سلبية، استمر بالسياسات التقشفية؟ ولماذا تأخر بالقيام بالهندسات المالية الجديدة؟ ومن يستفيد منها؟ "، مؤكداً أن تحرير الليرة في هذه الظروف، يؤدي إلى تفلت كبير في السوق، ويجب التهيؤ لها.